بعد سقوط حكم جماعة الإخوان فى مصر بعد أحداث الثلاثين من يونيو بدأت عدد من الحركات الشبابية داخل جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية تعلن عن إنشقاقها وإعلان العصيان على التنظيم ومن أهم تلك الحركات هى حركة "تمرد الجماعة الإسلامية". فى سبعينيات القرن الماضى بدأت عملية الظهور لأحد هذه الجماعات فتكونت الجماعة الإسلامية فى مصر على أيدى بعض عناصر الجماعة الإسلامية القديمة , وترأسهم كرم زهدي و ناجح إبراهيم وإنتشرت هذه الجماعة فى محافظات الصعيد بصفة خاصة. الجماعة الإسلامية الإخوانية وجماعة الصعيد ويجدر القول هنا أن ثمة فارق بين الجماعة الإسلامية التى تشكلت فى الجامعات المصرية وبين الجماعة الإسلامية المعروفة الأن : فالأولى تأسست على فكر جماعة الإخوان المسلمين وإنضم أعضاؤها إلى الاخوان عقب إطلاق سراحهم من سجون الرئيس السادات, وكان من بينهم الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح الرئيس الحالى لحزب مصر القوية والدكتور عصام العريان القيادى الإخوانى القابع حاليا فى سجن طرة. أما الثانية فهى الجماعة الإسلامية التى نفذت عدة إغتيالات فى القرن الماضى, كان أبرزها واقعة إغتيال الرئيس الراحل أنور السادات خلال الإحتفال بنصر أكتوبر المجيد, وفى نوفمبر من العام 1997 قامت بقتل 58 سائح أغلبهم من دولة سويسرا فيما عرف بمذبحة الدير البحرى أو مذبحة الأقصر, كما تم إتهامها فى واقعة إغتيال الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى أديس أبابا, وقد قُتل جميع من حاولوا التنفيذ بواسطة الحرس الجمهورى ونجا الرئيس مبارك وظل باقٍ على قيد الحياة وكان ذلك فى عام 1995, وتستمر تجاوزات الجماعة الإسلامية وتصرفاتها الملتبسة حيث يأتى العام 2006 ,ليعلن الشيخ أيمن الظواهرى عن إنضمام عدد من قيادات الجماعة الإسلامية إلى تنظيم القاعدة وكان ذلك من خلال تصريح له على قناة الجزيرة. الجماعة الإسلامية وجماعة الإخوان وغيرهما من الكيانات المنبثقة من فكرة الحكم بما أنزل الله وضرورة الثورة على التشريعات والقوانين والأنظمة الوضعية والتى تحكم بما يخالف اوامر الرحمن, لديها قناعاتاها والتى تبدو نظريآ مقبولة ومحل ترحيب من الكثيرين من المسلمين . غير أن طريقة التطبيق للأفكار محل الخلاف عند الكثيرين , فالتشدد لا يمكن أن يكون حلا على الإطلاق خاصة فى ظل العولمة والتقاليع التى صدرها الغرب إلينا فيجب التريث والتفكير على مهل لتطبيق الفكرة بصورة لا تخيف الآخرين, بل تستميلهم وتجعلهم هم من ينادون بضرورة التنفيذ لتلك التصورات, وذلك عملآ بالآية الكريمة"ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" وأيضا"إدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم". تمرد الجماعة بعد التمرد علي دولة الإخوان غير ان بعد التأسيس ومرحلة المراجعات إنشقاق عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية وتزعمهم المحامى "وليد البرش", لإعلان العصيان على الجماعة مكونين حركة اطلقوا عليها حركة"تمرد الجماعة الإسلامية" إنطلقت من محافظة دمياط منادية بتغيير مجلس شورى الجماعة الإسلامية, بسبب المواقف الأخيرة التى دعت بشكل او بآخر إلى العنف, ولا يخفى على أحد جملة طارق الزمر التى كان مفادها أنه ورفاقه سيسحقون أعضاء حركة تمرد التى نادت بعزل الرئيس السابق"محمد مرسى" وأيضا لا تنسى عبارة المهندس عاصم عبد الماجد أحد أهم قيادات الجماعة حينما قال"ارى رؤوسا قد أينعت وحان وقت قطافها". الجماعة الإسلامية تمرد مسرحية هزلية ورغم خطورة الموقف داخل أروقة الجماعة الإسلامية, إلا أن القيادات لا تراه إنشقاقآ بل مجرد خلاف فى وجهات النظر لم يصل لحد الإنشقاق. فها هو الشيخ على الشريف أحد قيادات الجماعة التاريخية الذى صرَّح فى لقاء بمندوب المكتب الإعلامى للجماعة الإسلامية بأنه لا صلة له بما يسمى بتمرد الجماعة الإسلامية وأشار أيضا إلى أنه لا صحة لزعم هؤلاء أن الجماعة تنتهج العنف فقد راجعت الجماعة الإسلامية فكرتها والآن تمارس العمل الدعوى والسياسى بسلمية تامة. وفى بيان رسمى أكدت الجماعة الإسلامية بالمنيا عن عدم وجود إنشقاق او تمرد بين أبنائها وأوضحت أن أن إختيار القادة أو صناعة القرارات الإستراتيجية فى الجماعة لا يأتى عبر التمرد وإنما يأتى من خلال جمعيتها العمومية المنتخبة وأشارت إلى أن الجماعة الإسلامية لم تخرج عن منهجها السلمى ولن تخرج عنه إذ أنه خيار شرعى واستراتيجى بالنسبة لها. وفى بيان رسمى تحت عنوان"حركة تمرد مسرحية هزلية",نوَّه المكتب الإعلامى للجماعة الإسلامية إلى أن تلك الحركة لا وجود لها ومن أسسها هما عضوان مفصولان منها وهما من قاما بلعب دور البطولة الرئيس فى تلك المسرحية والتى قامت قنوات الفلول بإخراجها ، بينما قامت بعض الجهات الأمنية بإنتاجها وأكد البيان على أن نبذ العنف والصدام المسلح هو أمر جوهرى لا تراجع عنه مهما كانت الدوافع والأسباب وشدد على عدم تلقى الجماعة الإسلامية أموالا من تنظيم الاخوان حيث ان الجماعة الاسلامية لا تنافق وقد اعترضت مرارا على الرئيس السابق محمد مرسى وجماعة الاخوان ولكنها تقف بجانب الحق والعدل والان الامر اكبر بكثير من محمد مرسى او جماعته . كما إستنكر الدكتور صفوت عبد الغنى عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية فى أحد مقالاته ما يتردد عن وجود إنشقاق بين صفوف الجماعة موضحآ أن جميع القيادات والأعضاء على وفاق تام ولا تنازع بينهم وأنهم ماضون فى دعم الشرعية المسلوبة_على حد وصفه_ على يد الإنقلاب الغاشم. تمرد الجماعة صناعة أمنية كثير هى الأقاويل المثارة فى الشارع المصرى بشأن هذا الأمر, ففريق يرى أن هذه الحركات الشبابية المنشقة عن جماعاتها أقرب ما تكون إلى لعبة إصطنعها جهاز أمن الدولة لتشويش تلك الجماعات من ناحية وإظهار تفككهم وإنفراط عقدهم الذى طالما تفاخروا بوحدة حلقاته على مدى الأيام والشهور من ناحية أخرى. وهناك من يعتقد بأن تلك الحركات الشبابية المنشقة لم تكن لتستطيع فعل ذلك من قبل ولكن الحرية التى إكتسبها المصريون منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير كانت المحرك الرئيس لدفع هؤلاء الشباب للإقدام على ما فعلوا بعدما وجدوا أنفسهم أمام قيادات كانت على شىء وفجأة أصبحت على شىء آخر مغاير تمامآ لما عُرف عنها طيلة العقود المنقضية. وهناك فريق ثالث لا يأخذ الأمر بعين الإعتبار معتقدا أن هذا الإنشقاق من الشباب لهو أحد ألاعيب تلك الجماعات, حيث يخرج عدد من شبابها معترضين ومستنفرين مما يحدث فيبدو الأمر للجميع على أن تلك الجماعات تفقد شبابها الذى هو نصف الحاضر وكل المستقبل فهؤلاء هم من سيقودون الدفة فى قادم السنوات, وبالتالى يُهيأ للآخرين أن تلك الجماعات قد وهنت وبالنظرية الطبية تعتبر قد ماتت إكلينيكيآ, فينصرف العباد عن الإنشغال بامور تلك التنظيمات, حتى تبدأ من جديد فى بناء وتنظيم قواعدها ومراجعة الأفكار لتصحيح المسار. وهناك فريق رابع لا يصدق أيا مما يدور حوله ويظن بأنه فى حلم طويل لم ينتهِ بعد ولكنه أشبه ما يكون بالكابوس, الذى يريد له أن ينتهى بعدما افزعه طيلة منامه وبات (يحلم فى حلمه) بنهاية عاجلة. أياً كان المنبع الذى تدفقت منه تلك الحركات الشبابية المتمردة, لابد أن نخلص فى نهاية الموضوع إلى الإقرار بأن حق النقد مكفول للجميع . اقرا ايضا «تمرد» بين «الشعبية» و«الاندحار» السياسي (1) «لا للمحاكمات العسكرية» .. ضجيج بلا طحين (2) مؤسس "تحرر": سنقاطع الاستفتاء علي الدستور (3) منسق "محليات " : سنشارك في الاستفتاء ونقول نعم (4)