آلاء سعد فتاة فى أوائل العشرينات من عمرها تعرضت وهى فى الطريق العام وعلى مرأى ومسمع من المارة إلى تحرش لفظى يخدش الحياء من رجل يبلغ من العمر الأربعين عاماً ومتزوج ولديه إبنة ، ولم تصمت آلاء ، ولم تكتم آلامها ومعاناتها مثل الكثيرات الآتى يتعرضن كل يوم إلى التحرش اللفظى والجسدى من الرجال سواء أكان فى الطريق العام أو المواصلات أو فى العمل . ولكن آلاء سعد - خريجة كلية الإعلام جامعة القاهرة - قررت ألا تمرر تحرشها اللفظى كحادثة عابرة تحدث يومياً ويضيع حقها وسط الزحام وأمام أعين ومسمع الناس ، وروتْ آلاء القصة ل" لهن " قائلة: كنت أسير فى شارع التحرير بالدقى وفجأة بشخص ما يسير عكس إتجاهى وتحرش لفظياً بى حيث خدشت الكلمة حيائى ، كان يتوقع أن يلقى الكلام البذىء ويذهب مثلما يحدث مع معظم الفتيات فى مجتمعنا ، ولكننى أدرت وجهى ونظرت إليه إذا به يبتسم ويتحرك بسرعة تحركت وراءه ثم بدأ يجرى وبالفعل قمت بالجرى خلفه حتى لحقت به . وأستكملت آلاء قصة الحادث : وقام بعض المارة بالإمساك به ومن بينهم ضابط مرور ، وأعتقدوا بإنه حرامى سرق منى شيئاً ما ، وعندما علموا بإنه متحرش ، بدأت ردود الأفعال فى الإستغراب والدهشة من الجرى خلف متحرش لفظى والإمساك به وبدأت الناس فى تهدئتى ، ماعدا إمرأتين كانوا متضامنين معى ، وأن أقوم بضربه ولكننى رفضت ذلك ، وأصررت على إصطحابه إلى قسم الشرطة وعمل محضر بالواقعة ، والغريب كان يقف شخصاً ما لم يشاهد الواقعة ولكنه أصر على التضامن مع المتحرش لدرجة قوله للمتحرش أنه على الإستعداد بالذهاب معه إلى القسم والشهادة بأننى المخطئة . وأضافت آلاء وبعد أن ذهبنا إلى قسم الشرطة بعد الكثير من المشادات والمجادلات مع المارة فى الشارع من جانب ومع ضابط المرور من جانب آخر ، وعندما وصلنا إلى قسم الشرطة تعرضت لمجموعة من الجدل والعرقلة الشديدة والسخرية من مجرد أننى تعرضت لتحرش لفظى ، لدرجة أن الضابط قال لى حرفياً : ( أنتى معقدة .. أنتى عندك عقدة من الرجالة ) !. وتابعت آلاء سعد حكايتها : المحضر الذى يستغرق كتابته 10 دقائق إستغرق كتابته 3 ساعات بعد المزيد من العرقلة الشديدة ، حتى شعرت أن المتحرش كان يٌعامل معاملة أفضل منى وعندما ذهبنا إلى النيابة شعرت بالإحترام الشديد والسرعة فى الإجراءات ، فالحادثة كانت فى 2 ديسمبر تم تحديد الجلسة فى خلال أسبوع وأخذ الحكم حبس عام من أول جلسة . * لماذا قررتى ألا تمررى حادثة التحرش اللفظى إليكى مرور الكرام ؟ لأننى أشعر بإنتهاك كبير فى كل شىء من حولنا ، كما أن المجتمع يهيننا بشكل رهيب لذلك قررت أأخذ حقى كإنسانة حرة ، فأنا مخلوقة حرة ولايجوز أن ينتهكنى المجتمع وألا أطالب بحقى وأأخذه لمجرد أن المجتمع يرفض ذلك ، لذلك قررت أن أأخذ حقى . * بعد الحادثة هل نظة من حولك تغيرت تجاهك ؟ الناس بدأت تعاملنى بحذر شديد وزملائى أيضاً ، والغريب أننى وجدت بعض من زميلاتى قالوا لى يحدث لنا تحرشات ولكننا لا نستطيع القيام بما فعلتيه ولا نمتلك الجرأة لذلك ، ولكننى أود القول لهم لا تقبلى على نفسك أن تسمعى كلام مشين ومهين لا يٌقال إلا لعاهرات . * ما رأيك فى نظرة المجتمع السيئة للبنت التى تاخذ حقها ممن يعاكسها أو يتحرش بها ونظرتهم الحسنة للبنت التى تصمت عن تلك الأفعال ؟ منظومة المجتمع كلها خاطئة لأنها طوال الوقت تنظر لكى نظرة دونية ، فبعيدأ عن التحرش على سبيل المثال إذا الرجل أهان زوجته وقام بضربها فيقولون لها ( معلش يابنتى وتحملى من أجل أولادك ) ، وايضاً سيطرة مفهوم أن الست ست والراجل راجل على المجتمع ، ولم ينظروا إلى أننا من جنس واحد أننا بنى آدمين ، لذلك يستبيح المجتمع هذه المفاهيم الخاطئة وينتهكنى كل يوم . أيضاً أحب ألفت الانتباه إلى من يرجعون سبب التحرش الجنسى إلى زى الفتاة ، فأنا فتاة محجبة أرتدى طرحة طويلة دائماً وملابسى عبارة عن جيبة طويلة وواسعة وعليها جاكيت واسع ، والغريب أن صديقاتى المنتقبات يٌقال لهن أقذر الكلمات فى الشارع والحوامل تسير خافية بطنها وكأنها مرتكبة جٌرم من كثرة مايٌقال لها من كلمات بذيئة وتحرشات لفظية ، فالموضوع ليس له علاقة بالملابس كما أنه ليس من حق أى شخص إنتهاك خصوصية البنت وكأنها شىء لابد من إنتهاكه . أتمنى أن ننظر إلى المجتمع فى الدول المتقدمة فالمرأة ترتدى المايوه البكينى ولا يجرؤ أى فرد على الاقتراب منها أو حتى النظر إليها ، ومن المفترض أنهم أٌناس ليسوا متدينين بالمقارنة بمجتمعنا الذى يقول أنه متدين بطبعه ، وأيضاً فى بعض الدول المجتمع يحترم سيادة القانون . * هل تشعرين أن المرأة فى مجتمعنا عليها ضغط كبير؟ المرأة مثلما يٌمارس عليها ضغوط كثيرة فهى أيضاً تشعر بضغط كبير من كل شىء حولها ، إما بسبب وجود رجل فى عربة السيدات فى المترو أو فى الكلام البذىء الذى يقال فى الشارع أو فى العمل أو أو أو ، وإذا صمتت فتشعر بكثرة الضغوط عليها وإذا تكلمت يقف ضدها المجتمع ، فالحياة للبنت فى مجتمعنا صعبة جداً من كثرة الضغط النفسى التى تتعرض له . * هل تشعرين بأنك أخذت حقك وأنها بارقة أمل للقضاء على التحرش فى مصر؟ أنا أشعر بالإنتهاك كل يوم وأتمنى أن تقوم كل البنات بأخذ حقها وألا تتركه وأن تسكت على خطأ ، كما أن القضية ليست مع هذا المتحرش ولكن مع القضاء على هذه الظاهرة وإصلاح أخلاقياتنا وأخذ حقوقنا بالقانون ، أيضاً وجدت بعد حبس المتحرش كانت ردود أفعال الناس متضاربة فمنهم من ألقى الخطأ علىْ أنا الضحية ، ولكن ما أسعدنى الرسائل التى وصلت لى عبر الحساب الشخصى على موقع الفيس بوك ، والتى كانت مدعمة جداً وجعلت فتيات وأمهات كثيرات يقولون أن هذا بريق أمل لجميع الفتيات التى تتعرض للتحرش يومياً بأن فتاة تعرضت للتحرش لفظياً من رجل وقامت بحبسه عاماً . * ماذا تقولين للفتاة التى تخشى أخذ حقها من المتحرش ؟ أقول لها أنتى إنسانة وأغلى من أى شخص يضع يده على جزء من جسمك أو يقول لكِ كلمة تخدش حيائك وتهين كرامتك ، وإذا صمتى عن حقك فلا يحق لكى لقب إنسانة ، نحن نريد أن نعيش فى مجتمع به كرامة وحرية وبعيداً عن أى إنتهاك. وأوجه كلمة إلى الإعلام الذى يٌصدر إلينا فناً قذراً ويعرض راقصات وعرى ومحتويات جنسية ، حتى فى المناسبات الدينية نجد أفلاماً تعرض الراقصة والبلطجى وكثير من الألفاظ والايحاءات التى يتفوهها المتحرشين فى الشوارع للفتيات ، كل ذلك يشوه فكرنا ويفسد أخلاقنا ، حتى منظومة التعليم مُختلة ، والتربية والأخلاق مُختلة ، لذلك أصبح فكرنا فاسداً ومشوهاً .