أعرب فنانون ومنتجون عن ترحيبهم الواسع بمشروع الدستور، الذي انتهت لجنة الخمسين من وضعه وصياغته، قبل أيام، في انتظار إقراره في استفتاء شعبي. ويرى هؤلاء الفنانون والمنتجون أن الدستور حمل العديد من المواد التي طالبوا بها كثيرًا، والتي تؤكد كفالة الدولة بحماية حرية الرأي والتعبير، وهو ما يعني منحهم فرصة أكبر للإبداع دون خوف من أي ملاحقة قانونية، وفي الوقت نفسه يأمل المنتجون وصناع الفن في أن يمثل الدستور بداية لوقف نزيف الخسائر التي تعرضوا لها خلال السنوات الماضية. وأثنى المنتجون على المادة 69 من الدستور،على وجه الخصوص، حيث اعتبروها بمثابة نص دستوري يحمي حقوق الملكية الفكرية لوقف عمليات القرصنة التي كثيرا ما عانوا منها وتسبب في خسائر طائلة لهم، سواء على مستوى السينما أو الموسيقى، فضلا عن الدراما أيضا. وتنص المادة 69 على أن "تلتزم الدولة بحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها فى كل المجالات، وتنشئ جهازًا مختصًا لرعاية تلك الحقوق وحمايتها القانونية، وينظم القانون ذلك". كما رحب الوسط الفني كذلك بالمادة 77 التي حددت نقابة واحدة لكل مهنة، وهو ما من شأنه وضع حد لأزمات متلاحقة بين مختلف النقابات الفنية ومجموعة من الهواة الذين شكلوا نقابات موازية مؤخرا. خطاب تحية إلى عمرو موسى وما أن أعلنت لجنة الخمسين الانتهاء من التصويت على مواد الدستور، تمهيدا لطرحه للاستفتاء الشعبي، بعث اتحاد النقابات الفنية،برئاسة الموسقار هانى مهنى، خطاب تحيه إلى رئيس لجنة الخمسين وأعضاء اللجنة، أكد فيه تقدير فناني مصر لهذا الانجاز، وما به من مواد تبشر بفجر مصري قادم. وقال هاني مهنى "نعبر لكم عن تقدير الفنان المصري لجهودكم في الإنجاز فإننا نثمن على طرحكم في المحتوى حيث أن دستورنا القادم بتطلعات صياغته يبشر بفجر مصري قادم وقادر، ويؤكد أن الشعب المصري على أعتاب دولة مدنية تمتلك دستورا يمثل مظلة للعدالة والحرية والحق". وأعرب المنتج والموزع محمد حسن رمزي عن بالغ سعادته بالدستور بشكل عام، وبالمادة 69 على وجه الخصوص، حيث جاءت بعد سنوات طويلة من الكفاح والمطالبات الدائمة للدولة بالتدخل بصرامة ضد القرصنة لحماية الصناعة التي اقتربت من الانهيار نتيجة ما تتعرض له من مشاكل وأبرزها القرصنة. ورغم سعادة حسن رمزي بإقرار المادة، لكنه في الوقت نفسه يفضل عدم التمادي في هذا الشعور انتظارًا لتفعيلها على النحو المطلوب، وقال: ننتظر تشكيل جبهة مكونة من ممثلين عن قطاعات حكومية تشمل وزارات الثقافة والإعلام والداخلية والعدل، بالإضافة إلي مندوبين عن النقابة المختصة وممثلين للقطاع الخاص، وتكون لهذه مهمتها تنفيذية بموجب القانون ولها حق الضبطية، وهو ما يمكنها من إزالة التعديات علي حقوق الملكية الفكرية. وأشار المنتج محمد حسن رمزي إلى أن صناعة السينما كانت تتعرض لخسائر بملايين الجنيهات نتيجة القرصنة،التي لم تعد قاصرة على مواقع تحميل الأفلام الحديثة فقط بشكل غير قانوني فقط، لكنها امتدت إلى قنوات فضائية عشوائية تسرق الأفلام وتقوم بعرضها دون الرجوع إلى مالكها، وكل هذا كان يحدث تحت سمع وبصر السلطات ولا أحد يتحرك لردع أصحابها. وأوضح أن المادة " 69" في الدستور ستضع حدا لتلك الفوضى التي تهدد الصناعة من خلال وقف تلك السرقات ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم. ووصف الفنان سامح الصريطي، وكيل نقابة الممثلين، مشروع الدستور الجديد،بأنه يليق بثورتي 25 يناير و30 يونيو،وقال إنه خرج بعد جهد كبير بذله القائمون عليه، بدعم شعبي واسع، مشيرا إلى أن حمل مواد تحمي الحقوق وتصون الحريات استجابة لتطلعات الشعب المصري. وبشأن المادة 69،أوضح أن الفنان أشرف عبدالغفور، نقيب الممثلين وعضو اللجنة السابقة لصياغة دستور عام 2012،كان قد طالب بها،غير أنه لم ينجح في إضافتها،لكن هذه المرة كان هناك تفهما كبيرا بين أعضاء اللجنة وتم إضافتها. وأشار إلى أنه على غير ما يعتقد البعض ليس المقصود بها حماية حقوق الفنانين والمنتجين فقط،بل هي مادة من شأنها حماية الإبداع بشكل عام،فعلى سبيل المثل هي تحمي المؤلفين والكتاب من عمليات القرصنة التي تتعرض لها أعمالهم الإبداعية، فلا يعقل أن يعيش الفنان والمبدع في نهاية حياته فقيرا ويرحل دون أن يترك لأسرته أي شئ، في وقت يحصد البعض الملايين من إبداعه بدون وجه حق. وعلى صفحته الرسمية على موقع "تويتر، وجه الفنان نبيل الحلفاوي، التحية لأعضاء لجنة الخمسين على جهودهم المبذولة فى إنجاز الدستور وقال "ألف مبروك.. وتحية واجبة للجنة الخمسين على ما بذلوه من جهد (بدون مقابل مادي ولكن بمقابل أدبى عظيم) .. نتمنى تكرار التهنئة لشعب مصر بعد الاستفتاء". وأكد السيناريست سيد فؤاد رئيس مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية أن دستور لجنة الخمسين لبى طموحات الفنانين والمثقفين، مشيرًا إلى أنه جرى استشارة الفنانين والمثقفين في كل مواد دعم الثقافة وحرية الفكر والإبداع في الدستور خلال لقائهم مع لجنة الدستور. وقال سيد فؤاد إن لجنة الإبداع ونقابة السينمائيين في طريقها لتنظيم حملة بعنوان "أنا فخور بالدستور"، بهدف شرح نصوص مشروع الدستور الجديد للمصريين وخاصة في القرى والريف والمهمشين للتصويت ب "نعم". وأضاف أن المواد الدستورية كافية لحرية الإبداع ودعم الثقافة والملكية الفكرية خاصة أن لجنة الخمسين لبت كل طلبات الفنانين والمبدعين، مشيدا بدور الفنانين خالد يوسف ومحمد عبله وسيد حجاب ومحمد سلماوي وسامح الصريطي الأعضاء في لجنة الخمسين. وأكد أن المواد الخاصة بحرية الفكر والتي تضمنها مشروع الدستور الجديد ليست في حاجة إلى قوانين لتفعليها ولكن تحتاج إلى إرادة من النظام الحاكم،لافتا إلى أنه يتضمن أربع مواد تناولت موضوعات تهم المثقفين والفنانين والمبدعين بدقة ووضوح وتحمي حقوق لملكية الفكرية بعكس دستور 2012 الذي حارب الفن والإبداع. وأشادت الفنانة الكبيرة فردوس عبد الحميد بالمواد التي تضمنها مشروع الدستور الجديد المتعلقة بحرية الفكر والإبداع ، متمنية نزول المصريين بحشود كبيرة للتصويت بنعم والمضي قدما في تنفيذ خارطة الطريق وتحقيق الاستقرار في البلاد. وقالت فردوس عبد الحميد "اعتقد أن أغلب المواد كانت مرضية جدا وعالجت مشاكل كثيرة كانت موجودة في المجتمع خاصة بالمثقفين والفنانين والمرأة"، لافتة إلى مشاركتها في لقاء الفنانين مع لجنة الخمسين التي لبت معظم طلبات الفنانين والمثقفين . وأضافت أن هذه المواد تحتاج إلى قوانين تساندها وإرادة سياسية تفعلها وأعتقد أن المرحلة القادمة لو انطلقت كما هو محدد لها ستتواجد هذه الإرادة". العمل وتحقيق العدالة: وشدد الفنان هشام سليم على ضرورة تضافر جهود المصريين في ظل المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد، مؤكدًا أهمية الانضباط والعمل وتحقيق العدالة للعبور بمصر إلي بر الأمان. وقال إن مصر عانت طوال السنوات الماضية استشراء الفساد ولا يمتلك أحد عصا سحرية لتحقيق كل المطالب، خاصة في ظل تراجع عجلة الإنتاج وضعف الاقتصاد. وأضاف "ينبغي أن يلتزم الناس بالهدوء وضبط النفس في الفترة الحالية وأن يبتعدوا عن كافة مظاهر الفساد وألا يعتمدوا عليها مثل الرشوة والمحسوبية،وخاصة أننا عانينا من حالة انفلات شديدة وينبغي أن ننتقل إلي مرحلة الانضباط الأخلاقي، إن أهم الأمور التي ينبغي أن نركز عليها أن ننسى خلافتنا من أجل مصلحة البلاد وأن ندرك جيدا أن الإخلاص في العمل والبعد عن مظاهر الفساد هو بمثابة طوق النجاة في ظل تردي الأوضاع الحالية". وأكد الموسيقار هاني مهنا رئيس اتحاد النقابات الفنية،أن الدستور الجديد في مجمله "توافقي" ويفتخر به المصريون ويختلف عن دستور 2012 ليس فقط في مواد حرية الفكر والإبداع بل في كافة مواده. وأشاد مهنا بحرية الإبداع والتزام الدولة بحقوق الملكية الفكرية،قائلا:إن المادة الخاصة بالحفاظ على الملكية الفكرية حرصنا عليها من خلال لقاءاتنا المستمرة من خلال الحوار المجتمعي. كما أشاد مهنا بالمادة 77 التي تنص على ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساسا ديمقراطي، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها ومساءلتهم عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني، وفقا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية.. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة، مشيرًا إلي أن تلك المادة تأتي لتنهي على حالة الفوضى. وأكد أن مشروع الدستور الجديد إيجابي في أغلب المواد ومناسب لمصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ويضع حجر الأساس لتكوين الدولة العصرية ويعتبر خطوة على سبيل تحقيق الاستقرار، لافتا إلي أنه سيصوت عليه بنعم. ووصفت النجمة إلهام شاهين، مشروع الدستور الجديد بأنه من أفضل الدساتير في تاريخ مصر، مشيرة إلي حرص لجنة الخمسين على إرضاء كل أطياف المجتمع إيمانا منها بحريات المرأة والإبداع وحقوق المجتمع المدني. وقالت إلهام شاهين إن لجنة الخمسين حرصت على الجلوس مع كل فئات المجتمع، وتم الاستماع إلي آراء الجميع في جلسة مطولة حتى توصلنا إلي تلك النتيجة المرضية. وأضافت:"سأصوت بنعم للدستور من أجل الانطلاق إلي الأمام باعتباره أول خطوة في خارطة الطريق". وأكدت الفنانة رانيا محمود ياسين أن مشروع الدستور الجديد جيد للغاية واهتم بكافة التفاصيل ومنح حقوق عديدة للطوائف التي كانت مهمشة في مصر، بعكس الدستور الذي تم وضعه في عهد الإخوان المسلمين والذي اتسمت عباراته بأنها مطاطة وفضفاضة ويشوبها العوار القانوني. وترى إن مسودة الدستور الجديد تم إعدادها بشكل جيد وحظت في أغلبها بنسب عالية من التصويت وتميزت مواده بالصياغة المحكمة الواضحة والجمل المحددة،إلي جانب تأكيده على حرية الإبداع وحماية الملكية الفكرية.