طالبنا بإصدار قرار جمهوري يمنع أعضاء لجنة الدستور المائة من الترشح لمجلس النواب بسبب بيان سحب الثقة من مرسي..اتحاد الكتاب عاد إلى سدة المشهد من جديد الثقافة حق للمواطن وإزالة ولاية الحارس القضائي على النقابات نقاط تحسب للدستور القادم أخطاء مبارك ومرسي هاجس يشغل أعضاء التأسيسية أثناء وضع الدستور هو مفكر وشاعر كان يحلم منذ بعيد بدستور يشارك في كتابته المثقفون ويصوغه الخبراء والقانونيون، وها هو الحلم يتحقق ويشارك د.علاء عبدالهادي في كتابة دستور مصر الجديد، بعد صدور قرار جمهوري بتعيينه عضوًا احتياطيًا في لجنة الخمسين. "محيط" التقى الشاعر الذي أكد أن فكرة سحب الثقة من الرئيس السابق محمد مرسي أتت من المثقف وليس من حركة "تمرد"، حين وقع قبل 30 يونيو مائة كاتب وأديب وممثل، على بيان يدعو كل فئات الشعب المصري، والنقابات، والأحزاب السياسية، والحركات الثورية والطلابية كافة، إلى البدء في إعلان سحب الثقة من الرئيس مرسي، تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهي الفكرة التي تبناها اتحاد الكتاب والمهن الاجتماعية. وتحدث معنا عبدالهادي عن اقتراحاته في لجنة الخمسين، وأن الدستور القادم سيحمل مادة تنص على أن الثقافة حق كالماء والهواء، معرباً عن تخوفه من استمرار أزمة "الاحتياطيين" التي قد تصم عمل لجنة الخمسين بأكملها بالعوار، وروى ل"محيط" تفاصيل مراحل حل الأزمة قبل عقد مؤتمر الاحتياطيين بنقابة المحامين. معرباً عن تمنياته في أن يحظى الدستور بالتوافق اللازم حوله..إلى نص الحوار. ما تعليقك على تعيينك عضوا بلجنة الخمسين ومشاركة المثقفين في كتابة الدستور؟ الدستور السابق لم يحظَ المثقفون بأي شكل من أشكال الحضور في اللجنة التأسيسية له، وهذا كان عيباً أساسياً في تشكيلها لأن الدستور أهم من أن يترك لأيدي القانونيين، الدستور يصوغه الخبراء والقانونيون ويضعه الشعب بطوائفه كافة، وكنت قد تكلمت مع الصديق أبو العلا ماضي الذي كان معي في جبهة المثقفين المستقلين والتي شرفت بأن كنت منسقها العام، تكلمت معه بخصوص أن اتحاد الكتاب غير ممثل في لجنة الدستور، وهذا يعد خطأ وعيباً في تشكيله. فعرض الأمر وتحدث أيمن نور مع محمد سلماوي بشأن ضمه للجنة وضع دستور 2012 ولكنه عبر عن ذلك بأن يأتي محمد سلماوي بشخصه وليس بصفته، وهذه لم تكن فكرتي قبل مفاتحة أبو العلا، كنت أريد أن يكون الاتحاد ممثلاً ويمثله سلماوي بصفته رئيساً، ورفض سلماوي بحس نقابي سليم أن يعين بصفته الشخصية وقال أن التعيين يجب أن ينص على اتحاد الكتاب، وهذا مما يشكر له. بعد تبني الاتحاد لفكرتي في الجبهة المصرية للثقافة والتغيير بخصوص أهمية أن تقوم النقابات بالمشاركة والبدء في سحب الثقة تبنى الاتحاد هذه الفكرة، وصغت رسالة الجمعية العمومية غير العادية التي أسفرت عن سحب الثقة من رئيس الجمهورية ومن إقالة حكومة هشام قنديل الفاشلة ومن أهمية إعادة النظر في الدستور القائم، وضرورة القصاص لشهدائنا جميعاً، وهي المطالب الأربعة التي كانت في الرسالة الموجهة لأعضاء الجمعية العمومية والتي وافقوا عليها بأغلبية مطلقة بعد التصويت. هذا الدور الذي لعبه الاتحاد أعاده مرة ثانية إلى سدة المشهد الذي كان قد اختفى منه إبان حكم مرسي، وكنت قد كتبت ليلاً بعد رجوعي من الميدان في 30 يونيو أول رسالة نقابية تؤيد المد الثاني للثورة، وأصدرها الاتحاد في صباح أول يوليو، وهذا ما أكد مرة ثانية أهمية الدور النقابي الذي يلعبه اتحاد الكتاب في المشهد الثقافي المصري بصفته نقابة فكرية. بعد ذلك بفترة وجيزة قدمت اقتراحي إلى اتحاد الكتاب الذي وافق عليه وتبناه بخصوص كيفية تشكيل لجنة الدستور، وأنها يجب أن تكون غير معينة لا دخل لرئيس الجمهورية بها أو باختيار أعضائها بل تكون منتخبة بالكامل من تيارات حزبية مختلفة، وهذا ما تبناه بعد ذلك اتحاد النقابات المهنية وأرسلوا في رسالة ثانية إلى السيد الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور فأخذوا بالفكرة وأدخلوا عليها بعض التعديلات. هذا باختصار الدور الذي لعبه المثقف من خلال نقابته "اتحاد الكتاب" في ثورة 25 يناير بامتداداتها المتعاقبة. من أجل هذا نرى المتأمل للقرار الجمهوري سيجد النص على عضوية اتحاد الكتاب في اول القرار، لأن اقتراح التشكيل كان من اتحاد الكتاب بعد تقديمي له. ومن ثم شاركت باعتباري العضو المعين في لجنة الخمسين الممثل لاتحاد كتاب مصر "احتياطياً". ما معنى عضوا احتياطيا وما الفرق بينه وبين الأساسي؟ صدر القرار الجمهوري بإنشاء لجنة تسمى الخمسين، تتكون من مئة عضو خمسين منهم أساسي، ولكل عضو منهم آخر احتياطي من التيار أو النقابة نفسها، وأعطى لها الصلاحية الكاملة لتنظيم عملها فكان قرارها صحيحاً أنه لا فرق بين عضو احتياطي وأساسي إلا في التصويت، فالاحتياطيون لا يصوتون. لذلك شاركنا في جميع أعمال اللجان، ولا أعدو الحق لو قلت أن أكثر من نصف الدستور الذي سيصدر للناس من جهد الأعضاء الاحتياطيين ممن حضروا أعمال اللجان الفرعية للجنة التأسيسية للدستور، حتى صدر القرار المخالف للائحة بأن هناك جلسات سرية ومغلقة، يجب ألا يحضرها الاحتياطيون وهو قرار يخالف اللائحة فغياب الاحتياطيين قد يصم كل أعمال اللجنة التأسيسية بالعوار. صدر القرار شفاهة من هيئة مكتب لجنة الخمسين دون كتابة أو إبلاغ الأعضاء الاحتياطيون به، لكن الاحتياطيون حفاظا على شكل اللجنة أمام الرأي العام من واقع مسئولياتهم آثروا الصمت على المستوى الإعلامي، وحاولوا عبر لقاءات ثلاثة أن يصلوا لنتيجة في هذا التعنت الخاص بالاستمرار في قرار باطل يخالف اللائحة ويهدد أعمال اللجنة التأسيسية كلها. عقدنا اجتماعا مع الدكتور مصطفى حجازي مستشار الرئيس، وكان اجتماعا طيبا للغاية شعرنا فيه بمسئولية الرجل واحترامه للقانون والمنطق، ثم عقدنا اجتماعا آخر مع المستشار علي عوض مستشار الرئيس ونائب رئيس المحكمة الدستورية، وكان متفهماً أيضاً، وأعطيته بيدي طلباتنا يوم الأربعاء قبل عقد الاحتياطيين لمؤتمرهم بيوم. وقد التقينا أيضاً عمرو موسى، وكان لقاء يصح عليه القول "تمخض الجبل فولد فأراً" فقد بدأ الحديث دون أن ينصت موسى لأكثر من 16 عضو احتياطي وعدد من الأعضاء الأساسيين، وكان خطابه محض تبرير لقرار خاطئ بسرية الجلسات والتصويت ومنع الاحتياطيين من ممارسة مهامهم، وأداء واجباتهم التي حددتها لهم اللائحة، وخرجنا من هذا الاجتماع دون أي فائدة. حاول الجميع أن ينجو بهذه المرحلة إلى شاطئ آمن، إلا أن تعنت هيئة المكتب أبت أن تترك الفرصة لنا، فعقدنا مؤتمرنا وأصدرما البيان الذي يمثل الحد الأدنى مما اتفق عليه الاحتياطيون وعدد من الأساسيين. سمّى الاحتياطيون مؤتمرهم "تصحيح المسار"، أخلينا فيه مسئوليتنا عما يحدث في اللجنة التأسيسية من إجراءات الآن وطالبنا بتصحيح الصورة التي شوه بها الأعضاء الاحتياطيون، تحت عنوان أن الاحتياطيين يريدون أن يصوتوا وهذا معلوم بالضرورة أنه لا حق لنا في التصويت، لكن منع التصويت عن الاحتياطيين قرينة لا تقبل العكس على حقهم في الحضور، فمن المحال أن تمنع التصويت عمن يفترض أنه غائب، هذا على المستوى المنطقي على أقل تقدير. ما أبرز مطالب الأعضاء الاحتياطيين من اللجنة التأسيسية؟ انحصرت مطالب الاحتياطيين في أن يكون التصويت نداءً بالاسم وليس تصويتاً الكترونيا لم نعرف فيه من صوت بماذا ولماذا، وأن يتم نقل الجلسات إلى شعبنا كي تتحقق الشفافية على نحو كامل، ووجوب أن يلتزم هيئة المكتب بصحيح القانون بحضور الاحتياطيين الجلسات جميعاً دون استثناء لأنه لا فرق بين الاثنين إلا في التصويت كما أقرت اللائحة. مطلب آخر هو "التجرد" بمعنى أن يصدر رئيس الجمهورية قراراً بمنع أعضاء لجنة الخمسين المئة بالترشح أو التعيين في مجلس النواب أو الشيوخ لدورة واحدة، منعا لتضارب المصالح. آخر مطلب للاحتياطيين هو حضور الجلسات، وهذا ما يمثل الفرق الهائل بين دستور يحظى بالموافقة بين خمسين عضوًا جعلوا جلساتهم محجوبة على الجماهير, وسرية على أعضاء احتياطيين يشاركونهم في اللجنة نفسها, ودستور آخر يمثل عَقدًا متبادلا بينه وبين شعبٍ بجُمَّاعِ فئاته وطبقاته, الأمر الذي يجعل من الشفافية, وعلانية الجلسات, وإذاعتها أمرًا لازمًا, لا مساومة فيه. وهو مطلب يصر عليه الاحتياطيون حتى لا يتم الطعن على أعمال اللجنة، حيث رفعت قضية في القضاء المستعجل من أحد الأعضاء الاحتياطيين هو د. صلاح الدسوقي ممثل التيار القومي تفيذ ذلك. ما أبرز مقترحاتك التي قدمتها في لجنة الخمسين؟ كنت رئيسا للجنة الدستور في اتحاد الكتاب وقد كانت مكتباً فنياً لاستشفاف أهم مقترحات المثقفين والمفكرين والمبدعين، وأخص بالشكر دكتور عبدالمنعم تليمة، د.زينب العسال، د.شريف الجيار، وربيع مفتاح، ومصطفى القاضي اللذين قضوا ساعات طويلة في نقاش حول مقترحاتي. وقد قدمت خلاصة هذه النقاشات بعد صوغها إلى لجنة الحوار المجتمعي المنبثقة عن لجنة الخمسين ثم بعد ذلك في عدد من اللجان المتخصصة. لقد أخذت لجنة المقومات الأساسية باقتراحي الخاص بمقومات مصر الثقافية وفق ما رأته من تعديلات ولم تأخذ لجنة نظام الحكم المقترح الخاص بالمجلس الوطني للثقافة، ولم تأخذ للأسف مقترحات الهوية التي صيغت بعناية شديدة على المستوى الفكري والقانوني واللغوي. وفي لجنة الحريات وضعنا أكثر من مادة عن حرية الفكر والتعبير، فضلاً عن تعديلنا للمقترح المقدم من لجنة الخبراء الذي كان يمنع الحارس القضائي حقاً في الولاية على النقابات، وقد نجح الأعضاء في إزالة هذه الفقرة، وتظل نقطة حل النقابات بحكم قضائي نقطة شائكة لأنني حاولت – دون جدوى – أن ينص في الدستور الجديد على أن النقابات تحل بجمعياتها العمومية وأن الحكم القضائي في هذا الخصوص يكون حكماً كاشفاً وليس منشئاً. سيضم الدستور الجديد مادة تنص على أن الثقافة حق أصيل لكل مواطن كالماء والطعام والدواء, تكفله الدولة. وهي نقطة تليق بدستور مصر نجح في وضعها اتحاد الكتاب في الدستور الجديد. ما الذي تتخوف منه في الدستور القادم؟ هدف كل ثورة هو الحرية وهدف كل دستور هو تقييد الحرية عبر وضع حدودها التي سيتمثلها القانون بعد ذلك، الخوف على الدستور من أن يكتبه الخبراء ذلك لأن الدستور الذي يقبل أن يعيش هو الدستور الذي يمنحه الشعب إى الحكومة وليس الدستور الذي تمنحه الحكومة إلى الشعب. أتمنى أن يكون الدستور الحالي معبراً عن هذه الحقيقة، ذلك لأن الدستور يكتب بعد نجاح الثورات وقد يكتب بعد فشلها أيضاً. وهذا ما يمثل الفرق بين دستور يعبر عن سلطان شعب ودستور يعبر عن سلطان حكومة أياً كانت، وهذا هو الفرق بين دستور يدعو إلى التحرر ودستور يتمثل الحرية في كل مراحلها. في التاريخ الحديث بعد سقوط الملكيات في أوروبا وضعت أكثر من نصف بلدان أوروبا دساتير جديدة وفي أقل من خمس عشرة سنة كانت نصف أوروبا محكومة بديكتاتوريات، هناك هواجس كثيرة ممكن أن تنتاب أي مفكر حين يتأمل في تاريخ الدساتير واختلافاتها، ويظل الأمل قائماً دائما في أن يكون الدستور القادم معبراً عن سلطان الشعب والحرية التي تنشدها الثورة، وعن عقد اجتماعي لا يكتفي بالتوافق فحسب بين فئات المجتمع وأفراده، عقد بين الشعب ومواد الدستور التي تكفل له حريته، هذا ما أحاول أنا وزملائي أن نقوم به قدر إمكاننا متمنين النجاح وأن نتخطى الصعوبات التي يضعها عدد من البيروقراطيين أمامنا في اللجنة التأسيسية للدستور. ما ردكم على أن الدستور القادم هو نسخة منقحة من دستور 2012؟ هناك مغالطة في هذا السؤال، لأن هناك ظناً شائعاً بأننا يمكن أن نكتب دستورا جديدا تماما، الدساتير تأخذ من بعضها وتعتمد لى بعضها، ليس هناك دستور يمكن أن نطلق عليه دستور جديد تماماً. هناك مواد ثابتة بين كل الدساتير، نعم قد تتغير الصياغات ولكن المعاني العميقة لهذه الدساتير تظل دائماً متشابهة. لا يمكن أن نغض الطرف أن أعضاء اللجنة التأسيسية دون استثناء واحد يقعون وهم يكتبون هذا الدستور تحت وطأة مجموعة من التخوفات والهواجس انتجها نظامان سابقان على كتابة هذا الدستور، نظام مبارك ومحاولة فصيل سياسي أن يستأثر بالحكم، ولا يدفع استحقاقات من وضعه في هذا المكان ومن منح له المكانة. وسيظل هذا الهاجس قائماً أمام أعيننا ونحن نكتب عن المواد الجديدة المستحدثة كالمواد الخاصة بالنقابات ومكافحة التمييز والكرامة، بعدم سقوط قضايا التعذيب بالتقادم، غلّ يد مؤسسة الرئاسة في التفريط في أراضي مصر، ربما تكون هذه المواد ميزة وممكن أن تكون عيباً أيضاً، عيباً لأننا كتبنا هذه المواد وفي أعيننا ماض قريب نخاف من تكراره، فيمكن أن يشكل هاجس الخوف من تكرار أخطاء نظامين دستوريين في عدم اتزان النصوص الدستورية بين بعضها بعضاً على المستوى القانوني. كيف تتوقع شكل الدستور الجديد؟ أرى أنه في معظمه سيكون أفضل من دستور 2012 لحرصنا على تفادي الأخطاء التي وقع فيها الدستور السابق، لكنني على إيمان كامل بأنه ليس الأفضل وأن أي دستور سيأتي من بعده سيجاوز أخطاء أو عيوب قد يكون وقع فيها هذا الدستور وهكذا دواليك. فكل دستور جديد لو توافر له الإخلاص وأن يصدر من سلطان الشعب سيكون ضرورة أفضل من الذي سبقه. ويظل الاختبار الحقيقي في كل هذه الدساتير هذا التعاقد الذي أشرت إليه بين الفرد والدستور والشعب والدولة - ولا أقول الحكومة - هذا الشعب الذي سيصوت على هذا الدستور وأرجو أن يكون التصويت مناسباً للجهد الذي بذل فيه عدداً ونسبة.