الحد الأدنى للأجور بين الرفض والتأييد!! إقتصاديون: تقليص المستشارين والحد الاقصى للأجور يوفران المليارات في خزينة الدولة ويمكنها صرفها على الحد الأدنى أثار إعلان الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء ، برفع الحد الأدنى للأجور للعاملين بالحكومة والقطاع العام ليصبح 1200 جنيه ، جدلاً بين الاوساط الإقتصادية، خاصة وأن البعض عارض هذا القرار ورأوا أن 1200 جنيه لا يكفى المعيشة خاصة في ظل عودة شبح إرتفاع الأسعار وأنه ينبغي أن يصل الحد الأدني للأجور ل1500 جنيه، بينما لاقى هذا القرار تأييداً من البعض الآخر اذ رأوا أن تطبيق مثل هذا القرار يحقق أحد وأهم مطالب ثورة 25 يناير وهي العدالة الإجتماعية. ورغم رفض البعض وتأييد البعض الآخر، تزايد تساؤل على الساحة من أين ستأتي الحكومة المصرية بالسيولة المالية من أجل تطبيق هذا القرار دون إخلال بالموزانة العامة للدولة، خاصة وأنه يوجد فجوة تمويلية كبير في ميزانية الدولة بلغت نحو ل240 مليار جنيه . لذا حاولت شبكة الإعلام العربية "محيط" أن تتعرف على أراء الإقتصاديين حول هذا القرار، وما هي السبل التي يمكن من خلالها أن تحصل الحكومة على مصادر تمويل زيادة الحد الأدني للأجور؟. تقليص أعداد المستشارين في البداية أكد الدكتور كمال القزاز، الخبير الإقتصادي، أن قرار الحكومة برفع الحد الأدني للأجور ل1200 جنيه مطلع العام المقبل، يعد قراراً جيداً خاصة وأنه صُدر من حكومة إنتقالية، موضحاً أنه يرى أن الحكومة أجلت تطبيق القرار حتى بداية يناير من العام المقبل لحين أن تقوم بتدبير الموارد التي يمكن من خلالها تمويل هذه الزيادة في الأجور، خاصة وأن هناك قرابة 6.5 مليون عاملاً يعملون بالقطاع العام والحكومة وبالتالي سيحتاج ذلك توفير مليارات الجنيهات لتمويل ذلك. وأضاف القزاز أن الحكومة بالفعل بدأت أول الطريق في تدبير الأموال اللازمة لذلك، خاصة بعدما قام الببلاوي بتكليف وزراء حكومته بحصر المستشارين في وزاراتهم، كما طلب من وزير التنمية الإدارية، بحصر أعداد المستشارين في كل الجهات الحكومية ومكافآتهم والأعمال الموكلة إليهم . وأوضح القزاز أن هناك أعداد كثيرة من المستشارين يتقاضون ملايين الجنيهات، فإذا تم الإستغناء عن عدد منهم وبالأخص الذين تعدوا ال60 عاماً ، فهذا سيدر للدولة مليارات الجنيهات والتي ستستغلها الدولة على الفور في تمويل الحد الأدني للأجور. وطالب القزاز الحكومة بأن تقوم أولاً بضبط العجز في الموازنة العامة، خاصة وأنه إن تحقق هذا الأمر سيلعب ذلك دوراً في إعادة هيكل الأجور، ومن ثم ستحقق على الفور العدالة الإجتماعية. ظلم إجتماعي بينما أكد الدكتور مختار الشريف، الخبير الأقتصادي، أن إعلان الحكومة برفع الحد الأدنى للأجورل1200 جنيه لن يحقق العدالة الاجتماعية وإنما يمثل نوعاً من الظلم الإجتماعي خاصة وأنه سيتك تطبيقه على القطاع العام دون الخاص وأصحاب المعاشات، لافتاً إلى أنه إذا قررت الحكومة هيكلة الأجور فلابد من إعادة هيكلتها على كل القطاعات. وحول مصادر تمويل الزيادة في الأجور، أوضح الشريف أنه مثلما قامت الحكومة برفع الحد الأدني للأجور ، فينبغي عليها أن تقوم بوضع حد أقصى للأجور، ليكون أقصى راتب لايتعدى ال35 آلالاف جنية، خاصة وأن هناك الألاف يتقاضون الملايين، فإذا قامت الحكومة بتقليص الأجور المرتفعة فسيوفر أموالاً ضخمة ولن يحدث أي خلل في الموازنة العامة للدولة. وطالب الشريف، حكومة الببلاوي بضرورة تطبيق قانون الضرائب على الدخول، خاصة وأن هذا الامر سيوفر ملايين الجنيهات لميزانية الدولة، لافتاً إلى أن أن هذا القرار إذا نجحت الحكومة في تطبيقه، فهذا الأمر يؤكد أن مصر ستشهد مزيدا من الاستقرار خلال الفترة المقبلة، وهذا ما ظهرت بوادره في مؤشرات البورصة المصرية وإرتفاع قيمة الجنية أمام العملات الأجنبية. إعادة هيكلة دعم الطاقة بينما أكدت الدكتورة عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن السبب الرئيسي الذي دفع الحكومة لرفع الحد الأدنى للأجور على القطاع العام والحكومة دون القطاع الخاصة، جاء نتيجة أن الرواتب في القطاع الخاص مرتفعة، وإن كان في بعض الاماكن منخفضة، فالحكومة قلقة من إجبار الشركات الخاصة على تطبيق ذلك، ولم تكن ميزانيتها تتحمل هذه الزيادة في الأجور ، ليصبح مصيرها في النهاية الإغلاق، والحكومة لا ترغب في ذلك خاصة وأن هناك 4603 مصنع توقفوا عن العمل لعدم وجولة سيولة مالية بها. وأوضحت المهدى أن هناك سبل كثيرة أمام الحكومة لتدبير موارد زيادة الأجور، لعل أهمها إعادة هيكلة دعم الطاقة، خاصة وأن أكثر من نصف الدعم يصل لغير مستحقيه، مع العلم أن دعم الطاقة يكلف الدولة سنوياً مائة مليار جنيه، فإذا نجحت الدولة في وصول الدعم لمستحقيه فقط سيوفر ذلك للموازنة العامة 50 مليار جنيه سنوياً. وأضافت المهدى أنه إذا قامت الحكومة بوضع حد أقصى للأجور، فإن هذا الأمر سيوفر أموالاً كثيرة ، من الممكن أن تقوم الحكومة بإنفاقها على الحد الأدنى للأجور، لافتة إلى أن هناك موارد كثيرة أمام الحكومة من الممكن أن تصرف منها على الحد الأدني للاجور ولكن كل هذا يتطلب دراسة دقيقة من الحكومة خاصة وأنه حتى الآن لم يتم حصر أعداد المستشارين في الدولة والذين يتقاضون ملايين الجنيهات باتت خزانة الدولة في أشد الحاجة لها. الصناديق الخاصة بينما أكد الدكتور حمدى عبد العظيم، الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن إعلان الببلاوي برفع الحد الأدنى للأجور يعد قرار جيد، إلا أن الأمر أهم من القرار وهو كيفية تطبيقه وتمويله خاصة وأن هناك عجز كبير في الموازنة العامة للدولة. وأوضح عبد العظيم أن الحكومة يمكنها أن تصرف على الحد الادني للأجور، عن طريق الصناديق الخاصة ، خاصة وأن من المعروف أن هذه الصناديق توفر 100 مليار جنية سنوياً، لافتاً إلى أنه بجانب الصناديق الخاصة ينبغي على الحكومة أن تقوم بتقليص أعداد المستشارين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، خاصة وان أعدادهم بلغت نحو 72 ألف ، ويتقاضون قرابة ال20 مليار جنيه، وذلك وفقاً الأرقام التي أعلنها الجهاز المركزي للمحاسبات، فغذا تم تقليل أعدادهم سيوفر ذلك مبالغ يمكن أن تصرف على الحد الادنى للأجور. واشار عبد العظيم إلى أنه ينبغي أن تقوم الحكومة بوضع دراسة لتطبيق هذا القرار أيضاً على القطاع الخاص والمعاشات حتى يمكن أن تتحقق العدالة الإجتماعية التي إنعدمت خلال 31 عاماً تولى فيها محمد حسني مبارك ومحمد مرسي الحكم، خاصة وأن هذه الفترة تواجه موجة كبير من إرتفاع الأسعار التي لم يعد محدود الدخل قادر على تحملها على الإطلاق. واضاف عبد العظيم أن تطبيق قرار رفع الحد الأدنى للأجور يتطلب أن تقوم الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق لمنع إرتفاع الاسعار وجشع التجار، وذلك حتى يشعر العامل بالزيادة التي اقرتها الحكومة على راتبه.1500 جنية هو المطلوببينما يرى الدكتور رائد سلامة، الخبير الإقتصادي، أن إقرار الحكورمة رفع الحد الأدنى للأجور ليصبح 1200 جنيه، لن يكفى الأسرة المصرية لأن تاكل عيش حاف- على حد قوله- خاصة في ظل إرتفاع الأسعار، موضحاً أنه كان ينبغي على الحكومة أن تقوم برفع الحد الأدنى للأجور ليصبح 1500 جنيه حتى يمكن سد إحتياجات اسرة مكونة من أربعة أفراد. واضاف سلامة أن إقتراح الحكومة لأن يكون الحد الأقصى للأجور يعد بمثابة 36 ضعف الحد الأدني، يعد أكبر ظلم، موضحاً أن الشعب المصري إعتاد دائماً على إنصاف الكبار على حساب المطحونين .وطالب سلامة حكومة الببلاوي بضرورة إصلاح هيكل الأجور، لجميع العاملين في الدولة سواء القطاع العام أو الخاص أو المهن الحرة خاصة وأن هناك الملايين يعملوا في المهن الحرة وحقوقهم مهدرة في الدولة سواء أكان في التأمين الصحي او ما خلافه، وذلك حتى يمكن تحقيق العدالة الأجتماعية بين طوائف الشعب المصري الذي عاش سنوات طويلة من الظلم وضياع الحقوق. بينما أكد الدكتور ياسر حبيب،الخبير الإقتصادي، والمتحدث بإسم الجهاز المركزي للمحاسبات، أن قرار رفع الحد الأدنى يعد خطوة جيدة إتخذتها الحكومة المؤقتة، ولكن المشكلة تكمن في كيفية تمويل الحد الأدنى من الأجور، خاصة وأن تمويل الحد الأدني يتطلب توفير المليارات الجنيهات. وأوضح أنه ينبغي وضع حد أقصى للاجور ولكن عند تطبيقه لابد أن يتم تدريجياً وبشكل مرحلي، وذلك حتى يؤهل العاملين الذين يتقاضون الملايين لأن يحصلوا على رواتب أقل . وبالنسبة للمستشارين الذي تعدى سنهم ال60 سنة، أكد حبيب أنه وفقاً للجهاز المركزي للمحاسبات أنه يمكن للمستشارين أن يمثل في 12 جهة حكومية، ويتولوا وظائف فيها وبالتالي يتقاضوا منها رواتب ومكافآت، لافتا إلى أنه جاري حصرهم في الدولة فقد إستغنت وزارة الرياضة تحت رئاسة طاهر أبو زيد عن عدد من المستشارين ليظل مستشار واحد، كما إستغنت وزارة التعليم العالي عن عدد من المستشارين أيضاً، موضحاً أن هذا الأمر يعد خطوة جيدة لتوفير أموال يتم ضخها لتغطية الحد الأأدني للأجور. واقترح حبيب على الحكومة أن تقوم بوضع حد أقصى للأجور لتمول من خلاله الحد الأدنى للأجور، خاصة وأن هناك الكثير من رؤساء مجالس الشركات والمؤسسات والمستشارين يتقاضون رواتب شبه هائلة فإذا تم تقليلها فهذا الأمر لن يجعل هناك أي عجز في الموازنة العامة للدولة.