أكد السفير أيمن مشرفة سفير جمهورية مصر العربية في تونس أنه سيتم النظر في إعطاء دفعة جديدة في العلاقات المصرية التونسية وتنميتها في كافة المجالات وذلك عقب الانتهاء من بناء المؤسسات الدستورية والنيابية التي تعد حاليا الأولوية السياسية في كلا البلدين. وأعرب السفير مشرفة، عن أمله في أن يتم عقب إتمام هذه الاستحقاقات التي تسلط عليها الأضواء تحديد موعد انعقاد الدورة الخامسة عشر للجنة العليا المشتركة، خاصة أنها كانت تنعقد فيما مضى بشكل دوري وسنوي على مستوي رؤساء وزراء البلدين، موضحا أن آخر دورة عقدت في يونيو 2010 بالقاهرة ولم يتم عقدها بعد ذلك في الموعد المحدد لها في أوائل 2011 و2013 نظرا لاندلاع ثورات الربيع العربي في البلدين. وردا على سؤال حول توتر العلاقات المصرية التونسية عقب ثورة 30 يونيو وسقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، شدد السفير على ضرورة الفصل ما بين الدولة التونسية والشعب التونسي من جهة وبين مواقف بعض الأحزاب السياسية التي نظرت للتغيير في مصر نظرة سلبية ونبعت مواقفها تجاه الثورة من توجهات أيديولوجية عقائدية من جهة أخرى. وأضاف "الشعوب دائما هي التي تختار وتقرر مصيرها ولابد من احترام خيارات الشعوب.. ولدينا قاعدة ذهبية في مصر وهي أننا لا نتدخل في شئون الدول الأخرى، ولا نقبل أن يتدخل أحد في شئوننا، ولا نعطي دروسا لأحد ولا نقبل دروسا من أحد، فنحن نمضي في طريق البناء وخارطة المستقبل".. مشددا على أن المسار الانتقالي في مصر وتونس يختلفان تماما ولا مجال للمقارنة بينهما. وأكد في الوقت ذاته أن التعاون بين البلدين في مجال تبادل الترشيحات على قدم وساق، حيث تتعاون مصر وتونس في تأييد الترشيحات خلال المحافل الدولية، بالإضافة إلي الاتصالات والتشاورات الدائمة والمستمرة بين وزير الخارجية نبيل فهمي ووزير خارجية تونس عثمان الجرندي فيما يتعلق بالموضوعات ذات الأولوية والاهتمام المشترك مثل الأزمة السورية والقضية الفلسطينية. وأشاد السفير مشرفة بالعلاقات التاريخية الممتدة والمتميزة والأدبية التي تربط المصريين بالتونسيين وخاصة بعد قيام ثورة الياسمين في تونس والتي ألهمت ثورات الربيع العربي، مشيرا في الوقت ذاته إلي أن الثقافة والسياحة والزواج المختلط من أبرز جسور التواصل بين الشعبين. وكشف عن ارتفاع نسبة الزواج بين المصريين والتونسيين بعد ثورة 25 يناير، موضحا أن الثورة كان لها أثر إيجابي علي المستوي الإنساني والاجتماعي حيث شهدت السفارة العام الماضي فقط ألفين زيجة بين شباب تونس ومصر، وهناك ما يقرب من 10 حالات زواج بشكل يومي هذا العام، وأكد أن الثورة المصرية والتونسية قاربت بين الشعبين خاصة بفضل وسائل الاتصال الحديثة بالإضافة إلي التمازج الثقافي ووحدة اللغة والقواسم الكثيرة المشتركة التي تقرب بين الشعبين. وحول العلاقات الثقافية التي تربط مصر وتونس، أوضح السفير مشرفة أن مصر تشارك سنويا في أكثر من 30 معرضا من رسوم وفنون شعبية وأدبية، فضلا عن المشاركة في أغلب المهرجانات والتظاهرات الثقافية في تونس، خاصة معرض الكتاب والذي عقد في أكتوبر الماضي وحضره وفد متميز ترأسه وزير الثقافة الدكتور محمد صابر عرب، كذلك احتفال السفارة بثورة 25 يناير في الأوبرا التي امتلأت على آخرها وأحيتها فرقة الإبداع الفني ومخرجها خالد جلال وكذلك مسرحية قهوة سادة التي لقيت إعجابا منقطع النظير من الشعب التونسي وأقامت 3 حفلات بتونس وبصفاقس. ونوه السفير أيضا بالاستقبال الحافل من قبل الشعب التونسي للفنان المصري عمر خيرت الذي أحيا حفلا كبيرا في مهرجان مدينة الجيم التاريخية ومهرجان قرطاج في يوليو أي عقب ثورة 30 يونيو.. وقال "هذا الاحتفال كان تاريخيا ومؤثرا بشكل منقطع النظير وصفقت له الجماهير إعجابا بفنه وإبداعه". وأكد السفير المصري بتونس أن الثقافة هي الثمرة الحقيقة التي يلمسها الشعب المصري والتونسي خاصة أن الثقافة المصرية لها مذاق خاص ويتذوقها الشعب التونسي.. وأشار إلي أنه عندما تقدم بأوراق اعتماده في سبتمبر الماضي للرئيس المنصف المرزوقي قال له الرئيس التونسي كلمة مؤثرة وهي أنه "كان يعتقد في صغره أن الفنانة أم كلثوم والفنان محمد عبدالوهاب تونسيين لكثرة سماعهما في تونس". وفيما يتعلق بالسياحة المصرية التونسية، ذكر السفير أن العام الماضي وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلدين وعدم الاستقرار الأمني فقد زار مصر ما يقرب من 13 ألف تونسي، وقال إن "هذا رقم جيد وإيجابي في ظل هذه الظروف". وحول العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وتونس، أشار السفير مشرفة إلي أن حجم التبادل التجاري لا يرقي للمستوى المطلوب بين البلدين وذلك على الرغم من أن حجم التبادل التجاري في نهاية 2012 بلغ 254 مليون دولار بزيادة قدرها 61 % عن عام 2011، معربا عن أمله في أن يحقق هذا المجال طفرة رغم المشاكل التي يمر بها البلدان من انكماش اقتصادي وعدم استقرار.. وقال إن "الميزان التجاري في صالح مصر". وذكر أن حجم الاستثمارات المصرية في تونس بلغ حوالي 3ر3 مليون دولار في حين وصل حجم الاستثمارات التونسية في مصر إلي 35 مليون دولار. وأضاف أن "العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وتونس تنظمها حوالي 29 اتفاقا وبروتوكولا أهمهما اتفاقية أغادير واتفاقية تيسير التبادل التجاري بين الدول العربية والمعروفة باتفاقية التجارة العربية الكبرى"، موضحا أنه إذا استغلت هاتين الاتفاقيتين الاستغلال الأمثل فمن الممكن أن يصل التبادل التجاري إلي حوالي 500 مليون دولار سنويا، كما سيعطي ذلك مميزات ونافذة للسلع المصرية في السوق التونسي وللسلع التونسية في السوق المصري، خاصة أن السلع معافاة من ضرائب. وأوضح أن الغرفة التجارية المصرية التونسية المشتركة ومجلس الأعمال المصري التونسي يمكن أن يلعبا دورا في تنمية التبادل الاقتصادي ببن البلدين. وعن آفاق التعاون الإقليمي، قال السفير إن "تطوير المنافذ البرية بين مصر وتونس وليبيا يمكن أن يساهم في زيادة حركة الأفراد والبضائع بين الدول الثلاثة مما يدعم قطاعات متعددة مثل التجارة والسياحة بصفة عامة". وحول مشكلة اختراق مراكب الصيد المصرية للمياه الإقليمية التونسية مما يسبب إحراجا لمصر، أشار إلي أن هذه المشكلة تراجعت هذا العام بشكل كبير نتيجة للجهود الخاصة التي تقوم بها وزارة الخارجية ممثلة في وحدة إرشادات السفر للتنبيه من مغبة الصيد في مياه إقليمية بدون ترخيص وما ينتج عنه من غرامات باهظة تصل إلي 150 ألف دينار ما يعادل 750 ألف جنيه مصري، فضلا عن العقوبات الجنائية السالبة للحرية لمن يدخل المياه الإقليمية للصيد بها بدون ترخيص وكذلك توعية الصيادين بفضل جمعية الصيادين المصريين التي تبذل مجهودا من خطورة اختراق المياه الإقليمية التونسية. وذكر السفير أنه في عام 2012 تم القبض على 13 مركب صيد مصرية تصيد في جزر قرقنة التونسية بدون تراخيص وأثناء موسم الراحة البيولوجية التي تم إعطاء راحة للصيادين التونسيين من الصيد خلاله، إلا أن هذا العام تم القبض على مركب واحدة فقط وأسفرت جهود السفارة المصرية عن الإفراج عنها، مشيرا إلي أن هذه المشكلة سيتم بحثها خلال اللجنة القنصلية المشتركة التي نتطلع لانعقادها قريبا. وردا على سؤال حول أوضاع الجالية المصرية في تونس عقب ثورة 30 يونيو وموقفها من تطورات الأوضاع في مصر، أكد السفير أن أعضاء الجالية المصرية التي لا يتعدى عددهم الألف مصري قد أيدوا جميعا و بلا أي تحفظ ثورة30 يونيو وخارطة المستقبل والقرارات التي اتخذها الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، مضيفا أنهم لم يتعرضوا لأي مضايقات أو مشاكل على الإطلاق تربطهم علاقة وثيقة وطيبة بالحكومة والشعب التونسي.