بالتأكيد سيظل مشهد الأطفال حاملي الأكفان في اعتصام رابعة العدوية دليلا دامغا علي قسوة وغلظة قلوب أعضاء جماعات اليمين الديني المتطرف،من جهة ،ومن جهة أخري،علي أسلوب عملهم الذي لا يترك مجالا لإعمال العقل أو الإرادة ،بل انسحاق كامل وتعطيل جامع لكافة الحواس التي وهبنا الخالق إياها . تعكس الصورة وأطفال في عمر الزهور ،ليس ناقصي الأهلية فحسب ،يحملون اكفانهم،طبيعة العلاقة بين قيادات هذه التيارات التي تمرست علي سبل استغلال الدين والمتاجرة به وبين المغر?ر بهم ،وكأنهم مثل هؤلاء الأطفال ،لا يفقهون ،بحكم صغر سنهم، أي? شئ عن "المهم?ة ؟"التي يساقون إليها..فحتي شعار "الإسلام" الذي ترفعه هذه الجماعات للوصول إلي السلطة وبسط النفوذ وجني المكاسب والثروات ،ما كان له ان يفضح نفسه بمثل ما فضحته هذه الصورة المزرية . لقد لفت الصورة العالم وقد ينتقل القلق والخوف الذي كان البعض في الخارج يشعر به تجاه المسلمين البالغين، علي افتراض انهم "ارهابيون !" كما رو?جت وسائل الاعلام مستغلة جرائم البعض باسم الدين،قد ينتقل هذا الخوف إذن ،حتي من أطفال المسلمين . وبطبيعة الحال فالاستياء شبه عام مما تعتبره منظمات حقوقية ، أغتيال لبراءة الطفولة ،إذ كيف يتصور عاقل ان طفلا في الرابعة من العمر يدرك معني الشهادة ،أو أن يقتل من يختلف معه في الفكر أو العقيدة ،هل يتصو?ر أحد ان ابن الرابعة أو حتي ابن الرابعة عشر ،قادر علي استيعاب معركة عودة محمد مرسي الي السلطة ،أو أن يفهم هل عشرات الملايين الذين خرجوا يقررون عزل الدكتور مرسي لفشله ومحاولاته لتقويض الوطن ومؤسساته ،والذي بلغ حد التفريط في أجزاء من التراب الوطني،ناهيك عن ضلوع جماعات الاسلام السياسي في المشروع الأمريكي المعادي ،بتفاصيله الاسرائيلية والتمزيقية التي تستهدف الوطن العربي بأكمله ..وهل يدرك طفل معني ما يقذف به خطباء منصة رابعة العدوية من تهديد ووعيد ،ليس أقلها قطع الرؤوس واضرام النيران في الوطن لحرقه تماما ؟ والسؤال الذي يفرض نفسه هنا ،هل تلك هي ايضا العلاقة بين الجماعة وانصارها ،فتتعامل قيادات اليمين الديني المتطرف مع الجميع علي انهم مثل هؤلاء الاطفال ،الس?مع والط?اعة ،دون محاولة النقاش أو الفهم ..لقد ذكرتني صورة الاطفال وهم يحملون اكفانهم بقصة لأديبنا الر?ائع الر?احل يوسف إدريس ،هي قصة نظرة ،عندما كان حتي استغلال الطفولة أقل وطأة بمراحل، وتتلخص القصة في طفلة ،تعمل خادمة، تحمل علي رأسها صاج كحك بمناسبة العيد،وتنضح نظرتها بالحرمان وهي ترمق بحزن طفولي ،نظراء لها، وفي نفس سنها ،يمرحون ويلعبون الكرة في عرض الشارع،بينما تتابعها سيدة ينخلع قلبها ورقبة الطفلة الرفيعة مثل عود كبريت تنثني من ثقل الصاج . وبعد ان كان ه?منا هو عدم حرمان الطفل من حقه في الحياة الكريمة فيستمتع بللعب والمرح البرئ ،وصلناالي جريمة استغلال الطفولة لأطماع سياسية لصالح قلة لا تتورع عن المتاجرة بكل شئ ولا تعير أدني اهتمام ،لا لصورة الانسان ولا لصورة الدين ،الذي تدعي تمثيله والدفاع عنه ،وكما تعكس الصورة ،الجريمة، اسلوب حكم هؤلاء ،فالكل أطفال ،يحركونهم كيفما شاؤوا ووفقا لمصالحهم ،وعلي الجميع السمع والطاعة ،حتي لو كان المطلوب الانتحار الذي اسموه من باب التدليل "استشهادا" .. وقد وصل جبروت هؤلاء الي حمل طفل علي رفع لافتة موجهة " لأبيه الشهيد" ،وعندما سألته المذيعة هل استشهد أبوه ،أجاب بان والده علي قيد الحياة ،فاستوضحته المذيعة بدهشة ،لماذا اذن ترفع لافتة تقول انه شهيد وانك ستلحق به ؟ أجاب ببراءة :هم الذين وز?عوا علينا اللافتات ..هل هناك تزييف للواقع وتزوير للارادة اكثر من ذلك؟وهل يجوز ان تترك الدولة والمجتمع باسره هؤلاء الأطفال فريسة هذا الاستغلال البشع؟ لقد كشف الاطفال عن كذب قيادات رابعة وما بلغه من هول عندما جعلوا الاطفال يد?عون استشهاد ابائهم ،فيا تري ماذا يقولون لهم أيضا؟ وكيف تسلل هذا الي عقول الاف الشباب الذين اقنعوهم ،بان الرفض الشعبي الكاسح لحكم جماعة الاخوان الفاشلة المستبدة ،هو حرب ضد? الاسلام؟ ان صورة الاطفال حاملي النعوش هي الدليل الدامغ علي خطر هؤلاء علي الوطن وعلي صورة الاسلام ،وعنوان علي ماكان سيحيق بوطننا من كوارث ،تبدأ من براعم المجتمع،أى أطفاله ،مرورا بشبابه ،وانتهاء بشيوخهم الذين لا يكفون عن التحريض علي القتل والارهاب والعنف..هذه الصورة جرس انذار واية من ايات الخالق عز وجل نبهتنا بحيث نتحد جميعا وننقي مصر مما علق بها من شوائب