الرئيس السابق د. محمد مرسي، في آخر خطاب له، عشية عزله، كرر كلمة "الشرعية" أكثر من 80 مرة.. كان واضحا، أنه لا يملك أية رؤية جديدة، تنقذه من مصيره الذي كان قد قرره الشارع في 30 يونيو، وجنرالات الجيش بعدها ب ثلاثة أيام.المفارقة هنا أن مرسي كان يتحدث عن "الشرعية" التي ينبغي أن يحترمها الجميع.. فيما هو قادم من جماعة دينية خارج الشرعية أصلا.. وتأسست بالمخالفة للقانون، وظلت تعمل تحت الأرض ما يقرب من 90 عاما. المشهد ذاته ينتقل بتفاصيله، بعد عزل الرئيس السابق، إلى ميدان "رابعة العدوية".. حيث يحتشد الإخوان المسلمون به، تحت لافتة "مؤيدي الشرعية".. وهي مفارقة متطابقة، مع ما أشرت إليه فيما تقدم: الإخوان "غير الشرعية" تناضل في الشارع من أجل "الشرعية"!! .. خاصة وأن نسختها "الصورية" والممثلة في حزب الحرية والعدالة، والذي من المفترض أن يكون "شرعيا" اختفى تماما، وترك المنصة للجماعة "غير الشرعية" لتمثل على الرأي العام، دور "نبي الشرعية" .. لتضيف إلى المشهد المزيد من الطرافة والفكاهة. عندما يتحدث الإخوان عن "الشرعية"، فإن ثمة ما يلفت النظر، ويحملنا على التأمل، ومراجعة التاريخ والمواقف.. خاصة وأن فاقد الشيء لا يعطيه كما يقول المثل. وفي هذا السياق، يمكن استعادة العشرات من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة، من الجماعة ذاتها.. ولعل أبرزها، ماذا سيكون موقف الإخوان، لو أن ما حدث مع د.مرسي "الإخواني" على سبيل المثال حدث مع د. البرادعي "الليبرالي".. بمعنى آخر: ما هو رد الفعل المتوقع من الجماعة، إذ عزل الجيش د. البرادعي، مع افتراض أنه جاء إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع أيضا؟!هل نتوقع أن يعتصم الإخوان في الميادين دفاعا عن" شرعية" الرئيس المعزول وغير الإخواني د.محمد البرادعي؟! ما يحدث في رابعة وفي النهضة، هو جزء من معركة "الجماعة".. وليس معركة "الوطن".. إنها قضية "المرشد" وليس قضية "الشرعية".. ولعلنا نتأمل موقف الجماعة من "الجيش".. فالأخير ليس ملكا ل السيسي، وإنما ملك للجميع بمن فيهم الإخوان.. أو هكذا يفترض أن تؤمن به، أصحاب الفطر السليمة والعقول الحكيمة، والقوى التي ترى الوطن أكبر وأعز وأهم من أي تنظيم أو جماعة.. أو أي شخص بعينه مهما كان قدره ومنزلته.. غير أن الجماعة، استهدفت في الأيام الماضية، الجيش الوطني المصري، بحملة فاقت في "حقارتها".. كل تراث الصهيونية المعادي لمصر ولجيشها على مدى الستين عاما الماضية.. وما انفكت تدفع بالوضع في الشارع، صوب استنساخ التجربة السورية حاليا.. غير مكترثة بمستقبل البلد.. بل تريد الانتقام منه بتفكيكه وتفكيك جيشه، عقابا له على طرد الإخوان من السلطة!. في رابعة العدوية، غرفة عمليات إخوانية، تخوض من داخلها الجماعة معركتها وحدها.. ومعركة المرشد وكبار مساعديه، من أمراء الحرب وأثرياء الدم، والهاربين من العدالة وحدهم.. هذه هي الحقيقة الوحيدة .. أما حكاية الدفاع عن الشرعية، فهي من قبيل "الدجل" و"الشعوذة" التي قد تسحر فقط عيون وقلوب المغفلين.