هل نملك غير الصمت العاجز، والانتظار الحزين، والترقب الحذر، وهل لنا غير الأمل والرجاء، بأن يرفع الله الغمة وينهي الأزمة، ويفرج من عنده الكرب، فهذا غاية ما نملك، وأقصى ما نعرف، وأكثر ما نتقن، الزلزال كبير، وتداعياته أكبر من أن نستوعبها أو نتحملها، والخطبُ جللٌ، وهو جدُ عظيم، إنه يطال كل قلبٍ، ويصيب كل نفسٍ ، إنها أحداثٌ تضطرب لها القلوب، وتكاد من هولها تحتضر النفوس، وتتحشرج الأرواح، وعيوننا تتابع لا أكثر، وألستنا تلهج بالدعاء ولا تفتر، تصلي لله وتركع، وفي سجودها بين يديه سبحانه تخشع، تذكر بأملٍ اسم الله الأكبر، وتدعوه أن يحفظ مصرَ وشعبها إكراماً لشهره الأفضل، يقولون لنا اتركوا مصر وشأنها، دعونا وحدنا، لا تتدخلوا في شؤوننا، لا تشمتوا بنا، ولا تقدموا النصح لنا، ولا ترسموا خريطة طريقٍ لبلادنا، نحن نعرف كيف ندير أمورنا، وكيف نتخلص من همومنا، ونحل بأنفسنا مشاكلنا. نقول لهم ولغيرهم، معاذ الله أن نشمت بمصر، أو نفرح لما أصابها، أو لحق بها، فمصر وإن كانت بلادكم، وفيها ولدتم وعلى أرضها نشأتم، فإنها لنا بيتٌ وأرضٌ ووطن، نحبها مثلكم ولا نقول أكثر، ونفديها لنا ولأنفسنا قبل أن تكون لكم أو لغيركم، لا نتدخل في شؤونكم بغير الرجاء، ولا نشير عليكم بأكثر من النصح. فنحن لا نملك أكثر من الترقب والمتابعة، والانتظار والمشاهدة، فلا رابعةً نكون فيها، ولا تحرير فيه نجتمع، فرابعةٌ مصريةٌ كانت وهي اليوم لمصر، والتحرير ميدان كل مواطنٍ مصري، ففي مجمعه لكل مصريٍ شهادة ميلاد ووثيقة نسب. مصر الكنانة ليست بحاجةٍ لغير رجالها، ولا تنتظر العون من غير أهلها، وهي بإذن الله ستقوم، وستعود من جديد، وستعيد الحق إلى أصحاب الحق وتنهض، ستنهض مارداً عربياً جباراً كما هي في خيالاتنا وفي حياتنا. وستعود أقوى من الفتن، وأكبر من الأحداث، وأشد من المحن، ستغدو مصرُ بإذن الله قويةً أستاذةً سيدةً مرشدةً قائدةً رائدةً منتصرةً أبداً وقاهرةً ....