أعد الكاتب "نيكولاس جفوسديف" - رئيس تحرير سابق لمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، وعضو حالي بهيئة التدريس في كلية الحرب البحرية الأمريكية – مقالاً صحفياً نشرته مجلة ورلد بوليتيكس ريفيو الأمريكية ذكر فيه أن القرار الذي تبنته كلاً من روسيا والصين حول استخدام حق النقض ضد مشروع قرار خاص بمجلس الأمن يدين فيه حكومة الرئيس السوري بشار الأسد لإستخدامه العنف ضد خصومه المحليين اجتذب الكثير من إهتمامات ونقد دول الغرب.
وفسر رفض الجانب الصيني لقرار إتخاذ إجراءات صارمة ضد النظام السوري المستبد، واستعدادها لدعم الموقف السوري من خلال التجارب الخاصة في بكين مع المتظاهرين الذين يسعون إلى تغيير الوضع الراهن في بلادهم، وأكثر دليل على ذلك مذبحة ميدان تيانانمين عام 1989.
والشيء المثير والأكثر إهتماماً هنا هو أن مجموعة الإبيسا المتمثلة في دول "الهند – البرازيل – وجنوب أفريقيا" إمتنعت عن التصويت، إلا أن عدم رغبة تلك الدول في دعم هذا القرار كان له أثر واضح لكلأً من مستقبل مسئولية الحماية فضلاًعن العلاقات الخاصة مع الديمقراطيات الأمريكية الصاعدة في الجنوب.
وأكد الكاتب أن مفاهيم معاداة الإمبريالية والتضامن مع العالم الثالث يساعد على تى توفير بعض الأساليب لقرار الإمتناع عن التصويت، فالهند التي لعبت دوراً قيادياً في حركة عدم الإنحياز، وجنوب أفريقيا التي يحكمها حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، والبرازيل التي تتطلع إلى تأسيس حضور عالمي متميز، لم تكن تلك الدول الثلاث مياله إلى الإلتفات لقرار الدول الغربية الذي قدمته إلى مجلس الأمن.
ورأى أن إحجام تلك الديمقراطيات "الدول الثلاث" عن معاقبة النظام الإستبدادي في سوريا الذي يعتمد بشكل كبير على الأساليب القمعية العنيفة لكى يحتفظ بقبضته على السلطة له جذور متعمقة.
وأرجع الكاتب قرار إمتناع كلاً من نيوديلهي وبرازيليا، وبريتوريا إلى أن لديهم بعض المخاوف، فالهند على سبيل المثال تعمل بشكل مستمر في معارك ضد عدد من حركات التمرد المختلفة وتجمعات الجريمة المنظمة في جميع أنحاء شبه القارة الهندية، وقد وصف رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينج حركة التمرد الماوية في منطقة ناكسلايت بوسط وشرق الهند والتي أدت إلى وفاة آلاف المدنيين على مدى العقدين الماضيين بأنها أكبر تحد منفرد يواجه الأمن الهندي الداخلي.
وعلى الجانب البرازيلي فقد صعدت دولة البرازيل جهودها الرامية إلى إستعادة السيطرة على الأحياء الفقيرة في مدينة ريو دي جانيرو وغيرها من المدن الكبرى، وذلك قبل إستضافتها لسلسلة من الأحداث الرياضية التي من المقرر أن تستضيفها في وقت لاحق من هذا العقد، وقد اشتمل ذلك على لجوء البرازيل إلى قوات الجيش للسيطرة على العصابات التي تتخذ من بعض المناطق ملاذاً لهم.
وفي جنوب ألإريقيا التي انتقلت بشكل ناجح من حكم الأقلية البيضاء، إلا أن الإنقسامات العرقية والطبقية لاتزال تهدد الإستقرار الداخلي للدولة.
ورأى الكاتب أن حكومات "الهند، البرازيل وجنوب أفريقيا" تدرك جيداً إلى ما نادى به مؤسس علم الاجتماع الحديث ودراسة الإدارة العامة في مؤسسات الدولة "ماكس ويبر" في إشارته إلى الخصائص الأساسية للدولة: حق الفيتو على إحتكار العنف، إستخدام القوة إذا لزم الأمر لضمان صدور المراسيم والتصريحات، التي تؤسسها الدولة وليس القادة المحليين أو القبائل ولا الساسة الإنفصاليين، أو حتى أصحاب الجريمة المنظمة.
ورغم كل ذلك إلا أن بدايات ثورات الربيع العربي جعلت النقاد وصناع السياسية في دول الغرب يرسلون رسائل تشير إلى أن إستخدام الدولة لأساليب القوة المميتة والقمعية ضد مواطنيها يثبت أن نظام الدولة هو نظام غير شرعي، وبذلك يكون قد فقد حقه في حكم البلاد.
وأشاد الكاتب بدور الولاياتالمتحدة حيث نادت بضرورة تشكيل رابطة دولية للديمقرطيات، ورأى أن إحجام مجموعة الإبيسا عن التصويت ضد قرار يدين سوريا يذكرنا بان العديد من الحكومات الدولية ترى نفسها على أنها دول في المقام الأول ثم تأتي الديمقراطيات بعد ذلك.