«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى حسين يروى أنا .. والرؤساء
نشر في محيط يوم 01 - 06 - 2013

* اعتقلونى .. فى حادث محاولة اغتيال عبد الناصر فى المنشية !
* رسمت محمد نجيب .. مقابل " عزومة كباب " عند العجاتى !
* طردونى من التنظيم الطليعى .. بسبب موديل حلو !
* قذف الرئيس عبد الناصر المجلة بيده .. وطار رئيس التحرير فى نفس اليوم !
ما هو الفارق بين القلم .. والكاميرا .. والريشة ؟
تماما كالفارق بينى .. وبين المصور مكرم جاد الكريم .. الفنان مصطفى حسين !
أنا أحاول ألأن أصف ما أراه بقلمى .. فأنجح مرة وأفشل عشر مرات !
والمصور مكرم جاد الكريم هو المصور الوحيد الذى نقل بالكاميرا تفاصيل حادث اغتيال الرئيس السادات .. لكنه لا يستطيع أن يضيف من نفسه وأفكاره أية تفاصيل أخرى غير التى تلتقطها عدسته . فلا يمكنه أن يلتقط صورة لشخص يبتسم . ثم يطبع الصورة فيظهر هذا الشخص وعلى وجهه تكشيرة..
أما الفنان مصطفى حسين فهو " حكاية " بين رسامى كاريكاتير عصره !
بريشته .. وأفكار الكاتب الكبير أحمد رجب .. ظل يرسم البسمة الساخرة كل صباح على وجوه أفراد الشعب المصرى . وداخل خطوطه المميزة يخفى ذكريات عمر من الأحداث المثيرة . والأسرار الخفية . بالتأكيد هى لونت ريشته بهذا التميز والانفراد الذى لا ينكره أحد ..
ذات يوم أدهشنى وأسعدنى مصطفى حسين أكثر من مرة ..
وعندما طلبت منه أن يروى لى ذكرياته مع رؤساء مصر . ووضعت بينى وبينه جهاز تسجيل صغيرا عدت لأقوم بالاستماع إلى حديثنا . لأفاجأ بأننى رغم معرفتى بمصطفى حسين والتى تتعدى ال30 سنة لا أعرفه . ولأفاجأ بأن الحديث المسجل على شريط التسجيل . به قليل من الكلام . وكثير من الضحك !
ضحكت .. وأنا أكتشف لأول مرة أن مصطفى حسين تم اعتقاله فى حادث محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى المنشية !
وضحكت .. عندما عرفت أنه رسم صورة للرئيس محمد نجيب .. مقابل " عشوة كباب" عند العجاتى !
وضحكت .. عندما تخيلت أعضاء التنظيم الطليعى الذين قاموا بتجنيده .. باعتباره " رسام سياسى خطير " .. وذهبوا لعقد اجتماع فى الاتيليه الخاص به .. وفوجئوا بموديل حسناء رائعة الجمال تفتح لهم
الباب . وقد انتهت لتوها من ارتداء ملابسها .. الكاملة !
كأنك تستمع إلى طفل .. كبير الحجم !
هكذا كان احساسى عندما بدأ مصطفى حسين يروى لى " ذكرياته السياسية " . وقد تذكرها قبل أن يرويها . فانتابته " كريزة " ضحك . ظل خلالها يضحك على نفسه أكثر من عشر دقائق !
ذكرياتى السياسية بدأت قبل الثورة وليست معها أو بعدها .. بدأت بالتحديد يوم حريق القاهرة
وكنت وقتها تلميذا صغيراً .. وفى نفس هذا اليوم كنت قد ذهبت مع أحد أصدقائى على البسكليتة لنشترى " بندقية رش " بثمانية جنيهات . وعدنا من خلال وسط القاهرة الى حى الحسين الذى كنت أعيش فيه . وفوجئنا فى ميدان الأوبرا " بالف واحد " شايلين بنادق ومسدسات وخناجر . ويبدو أن البعض خلال الحريق انتهز الفرصة وحطموا واجهة محل لبيع الأسلحة وسرقوها . وكان الغوغاء يخطفون الأسلحة من بعضهم . وتصور بعضهم أن " بندقية الرش " التى نحملها من الأسلحة المسروقة . وللحقيقة فاننى فور اعلان قيام الثورة لم استوعب الأمر تماماً . وأتذكر أننى ساعتها كانت أيضاً أتمشى فى ميدان الأوبرا . وشاهدت الدبابات متجهة إلى عابدين وكان الزحام شديداً . وعندما عدت الى البيت وجدت أولاد عمى وكانوا طلابا فى الجامعة يحتفلون بقيام الثورة .
ومتى التقيت لأول مرة بالرئيس جمال عبدالناصر ؟
- كنت قد التحقت بكلية الفنون وكان استاذنا عبدالسلام الشريف قد اختار بعض طلبة الكلية الواعدين وكلفهم بعمل لوحات فى المعرض الزراعى الصناعى الذى سوف يفتتحه الرئيس جمال عبد الناصر . ويوم الافتتاح وقفنا " مرصوصين " أمام اللوحات .
وفوجئت " بالزفة " التى كانت تستقبل قدوم عبد الناصر وضربت " لخمة " لدرجة أننى عندما ظهر الرئيس جمال عبد الناصر .. لم اشاهده !
تعنى أنك لم تتمكن من رؤيته ؟
- لا شفته .. لكنى حسيت بأن الدنيا كلها أصبحت ضبابا .. شايفه وموش شايفه .. بصراحة كان
الرئيس عبد الناصر له رهبة فظيعة .
وهل هذا كل ما حدث فى لقائك الأول بعبد الناصر ؟
- أكذب يعنى ؟ أنا طبعاً قبل المعرض كنت قد رسمت فى خيالى سيناريو آخر .. إن عبد الناصر سوف يدخل المعرض ويلقى بنظرات خاطفة على معروضاته . ثم يتوقف طويلاً أمام اللوحة التى رسمتها ثم يلتفت إلى كبار رجال مجلس قيادة الثورة الذين كانوا حوله .
ويوقل
لهم : الله .. مين الولد الفنان الكبير اللى رسم اللوحة دى . أنا عايز أشوفه حالا
..
ثم أظهر أنا فى الصورة . ويتقدم منى
عبد الناصر ويحيينى ويربت على كتفى ويأمر باعطائى نيشانا .. وطبعا تبخر كل هذا
السيناريو فى الضباب الذى أصاب عينى فى الحقيقية !
مازال الفنان مصطفى حسين يتذكر
حكايته مع الرئيس جمال عبد الناصر .. والغريب أن هذه الحكايات لم تكن " مضحكة
" كالحكاية الأولى ..
ويقول
: كنت خلال دراستى بالكلية قد بدأت أرسم فى مجلة التحرير التى أنشأتها الثورة .
وكان رئيس التحرير سامى داوود . الذى طلب منى رسم غلاف للمجلة عبارة عن بورتريه
للرئيس جمال عبد الناصر . وسهرت أرسم الصورة . وكان معروفاً أن الرئيس عبد الناصر
توجد حول عينيه هالات " غامضة شوية" . وكان لابد لى لتأكيد شخصية عبد
الناصر من التركيز على هذه الهالات . المهم رسمت اللوحة وسلمتها . وأخذت طريفها
للطبع . لكن للأسف كانت الطباعة رديئة . فظهرت الهالات السوداء وكأن عبد الناصر
تلقى بعض اللكمات حول عينيه !
كالأطفال .. ينفجر مصطفى حسين فى
الضحك ويغطى وجهه بيديه وهو يتذكر ما حدث ..
ذهبت
يوم صدور المجلة لأفاجأ بوجود ارتباك شديد فى مقر المجلة وبعضهم يقف على باب مكتب
رئيس التحرير سامى داوود ..
- سألتهم
: هو فيه ايه ؟
أخذوا يرمقوننى بنظرات الاستنكار
والاتهام بصفتى المسئول عما حدث ..
- وقالوا
لى : يعنى موش عارف ان الغلاف بتاعك .. " رفد" رئيس التحرير النهارده !
وسمعت منهم أن الرئيس جمال عبد
الناصر عندما قدموا له المجلة فى الصباح . وشاهد صورته والهالات السوداء حول عينيه
توحى بأنه " مخبوط خبطة جامدة " .. رمى المجلة على امتداد ذراعه !
وهل
كانت هذه هى " الأزمة الوحيدة " للك فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر ؟
- لا
.. فيما بعد حدثت أزمة ثانية وكنت وقتها أعمل فى جريدة " المساء " التى
كانت تنشر حملة عن تعدد الزوجات وطلبوا منى المشاركة برسم يعبر عن الموضوع . فرسمت
كاريكاتيرا عبارة عن رجل يشبه الديك وأحدهم يشير اليه وهو يقول " أقدم لك سى
محمد اللى متجوز تسعة " . ولم يكن يخطر على بالى أبداً أن عدد زوجدات الرسول
عليه الصلاة والسلام تسع .. وكان عبد الناصر على خلاف وقتها مع السعودية . وخرجت
مانشيتات الجرائد السعودية تقول " عبد الناصر الكافر والعاملون معه ". وحدثت أزمة كبيرة
لم أستطع نسيانها حتى اليوم ..
بعد هذه الأزمات .. تعلمت ريشة مصطفى
حسين الكثير .. وبالذات عندما كان يرسم صورا للرئيس جمال عبد الناصر ..
طبعا
بعد كده نسيت خالص حكايات الهالات اللى حوالين عينيه .. لكن وجه عبد الناصر كان
مميزاً .. نحاسى وملامحه حادة ويسهل رسمه . وكنت أؤكد على أنفه المميز وذقنه ولون
بشرته وكل هذا يؤكد شخصيته ..
هل
كنت تشعر " بالحرية " كرسام كاريكاتير فى هذه الفترة ؟
- لا
طبعا .. الكاريكاتير أيامها كان يفسر وكان يتم تفتيشه .. ذات مرة رسمت مسجونا .
وفوجئت بأحد المسئولين يتصل بى ويسألنى " تقصد ايه من رقم 1985 اللى كتبته
على ملابس المسجون "؟! وكان رئيس التحرير والرقيب يدققان كثيراً فى
الكاريكاتير مجرد " هتافات " ولم يكن أحد يستطيع أن يخرج عن الخط ..
هل
رسمت الرئيس محمد نجيب ؟
- نعم
.. أول بورتريه بحجم كبير رسمته كان للرئيس محمد نجيب . وكنت فى نهاية المرحلة
الثانوية وكان الرئيس محمد نجيب سيزور " المشيخة المرازقية " وهى احدى
الطرق الصوفية ومقرها فى الجمالية . وجاءنى ابن الشيخ شمس الدين وكلفنى برسم لوحة
وجه للرئيس نجيب . وبعد أن رسمتها دعانى مع أحد أصدقائى لتناول الكباب عند
"العجاتى" . وكان هذا أول أجر أتقاضاه فى حياتى عن لوحة رسمتها .. وكنت
مكسوفاً للغاية ؟
أسأل
مصطفى حسين : نعود إلى الرئيس عبد الناصر .. وحكاية الأزمات التى سببتها أيامه ..
هل انتهت عند أزمة جريدة المساء ؟
مرة أخرى ينطلق فى الضحك الطفولى ..
- آه
.. أنا اعتقلونى فى حادث محاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر فى المنشية !
الواقعة الطريفة يرويها مصطفى حسين
لأول مرة ..
- كنت
عائداً من مجلة التحرير أحمل فى يدى قصيدة لبودلير لكى اقرأها فى البيت وأرسم لوحة
تعبيرية تنشر معها . فى نفس اليوم الذى وقعت فيه محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد
الناصر فى المنشية وعندما اقتربت من حى الحلمية فوجئت بالنيران مشتعلة فى مقر
الاخوان المسلمين . وفى لحظات خاطفة أحاط بى ضباط البوليس الحربى وكانوا يقبضون
على كل من يقترب من مقر الاخوان المسلمين . ولم أتصور أننى عندما توقفت لمشاهدة
النيران أنهم سيقبضون علىّ . ووجدت نفسى مع المقبوض عليهم وحملونا جميعاً فى سيارة
نقل عسكرية ونقلونا إلى ميدان الدرب الأحمر حيث نصبت بعض الخيام وبها كثير من
المعتقلين يا نهار اسود .. عبد الناصر حاولوا يغتالوه .. وأنا مع الاخوان المسلمين
هنا ؟ وبدأت التحقيقات مع المعتقلين . ودفعونى أمام مكتب أحد الضباط وكان يجلس
بجواره كاتب يدون التحقيقات .
- استنجدت
بالضابط : يا باشا .. يا باشا ..
وأشاح بوجهه قائلا : الباشوية اتلغت
.ز اسمك ايه يا متهم ؟
- قلت
له : أنا موش متهم ولا حاجة .. أنا طالب فى كلية الفنون ورسام فى مجلة التحرير .. وأخذ
بالك يا باش .. مجلة التحرير بتاعة الثورة !
أخذ الضابط يرمقنى باستنكار وكأنه
يعرف محاولات المتهمين للهروب من التهم . لكنى فوجئت بالكاتب الذى يجلس بجواره
ينظر فى وجهى بشدة ..
- ثم
قال : ايه اللى جابك هنا يا مصطفى أفندى ؟
واكتشفت أن هذا الكاتب يعمل صباحا فى
" المجلس الحسبى ". وكانت هناك قضية حول ميراث والدى . وكنا نتردد على
" المجلس الحسبى" كلما احتجنا إلى صرف مبلغ من اليراث . وكان هذا الكاتب
يعرفنى . وأكد ذلك للضابط . الذى اقتنع تماما خاصة بعد أن تذكرت قصيدة
"بودلير" التى أحملها فى جيبى والتى تؤكد أننى أعمل فى مجلة التحرير ..
سألنى
الضابط : يعنى انت رسام ؟
- رددت
على الفور : أيوه ..
قال
لى : طيب امشى دلوقت .. بس بشرط تيجى الصبح ومعاك لوحة ترسمها لى عن السنة الجديدة
..
أسرعت
أعدو من أمامه..
- قائلا
: من النجمة يا باشا ..
وطبعا لم ير هذا الضابط وجهى عند
ظهور نجمة اليوم التالى .. ولا حتى نجمة يومنا هذا !
أقول
لمصطفى حسين : هل صحيح انك انضممت لفترة الى التنظيم الطليعى ؟
للمرة العاشرة يعاود الضحك بشددة ..
- ويقول
: آه .. وطردتنى منه واحدة حلوة ؟
وبطريقته الساخرة يروى ما حدث ..
- فيقول
: كنت بعد تأميم الصحافة قد تركت جريدة المساء مع خالد محيى الدين الذى جاء لرئاسة
دار " اخبار اليوم " مع بعض المحررين الذين اختارهم . وكان محررو "
أخبار اليوم " ينظرون لى بتوجس شديد . ولم يستطيعوا أن يفهموا كيف أحضر مع
مجموعة من اليساريين . بينما أعيش حياة راسمالية " خالص " وأقود سيارة
" بونتياك " أمريكية ؟!
ومرت الأيام والشهور ..
وذات يوم فوجئت بالزميل فاروق القاضى
يتصل بى ويطلب مقابلتى " لأمر منتهى الخطورة والأهمية ". هكذا قال .
واتفقنا على اللقاء فى كافيتريا بوسط القاهرة وحضر مع شخص آخر وعلى وجهيهما علامات
الاهتمام الشديد ..
وهمس
لى : مطلوب أن تنضم بالأمر إلى
التنظيم الطليعى !
- سألته
: ومن الذى أمر بذلك ؟
سكت برهة..
ثم
مال نحو أذنى وهمس : الرئيس جمال عبد الناصر هذا الذى اختارك ..انتفضت على المقعد
..
- وقلت
له بصوت مرتفع : الرئيس عبد الناصر هو اللى قال كده ؟
أصيب فاروق القاضى بالذعر والتفت
حوله خوفا من الجالسين فى الكافيتريا حولنا ربما يكون أحدهم قد سمعنى ..
- وعاد
ليقول فى اذنى : أيوه ..
- عدت
لأسأله : الريس عبد الناصر ذات نفسه ؟
قال
: أيوه ..
- قال
لكم مصطفى حسين ؟
- أيوه
..
- مصطفى
حسين أنا .. موش حد تانى ؟
أيوه
انت ..
- اذن
أنا تحت أمر الريس .. وتحت أمر التنظيم الطليعى .. ولو انى موش عارف يعنى ايه
التنظيم الطليعى !
وهكذا وبمنتهى السرعة انضممت الى
التنظيم الطليعى . وكانت مجموعتى تضم المرحوم فيليب جلاب وثلاثة آخرين . وفكروا فى
مكان لعقد لقاءاتنا فاقترحت عليهم أن تتم هذه اللقاءات فى الاتيليه الخاص بى فى
وسط القاهرة . وشاء سوء حظى أو حسن حظى
كما تأكدت فيما بعد أن يتحدد أول لقاء
فى الخامسة بعد الظهر . وكنت أرسم موديلا عارية فى الاتيليه . ووجدت الساعة تقترب
من الخامسة فطلبت منها أن ترتدى ملابسها وتنصرف . لكنها أخذت تتلكأ حتى دق جرس
الباب فأسرعت تفتح ووجد أعضاء مجموعتى فى التنظيم الطليعى أنفسهم أمام فتاة رائعة
الجمال تفتح لهم الباب . ثم تنصرف !
- قال
لى المرحوم فيليب جلاب مستنكراً : مين دى يا مصطفى ؟
رددت
عليه ببراءة : دى موديل ..
- قال
: انت موش عارف ان اجتماعنا سرى ؟
اعتذرت له وذهبت لاعداد الشاى . وعدت
لأجدهم يتناقشون فى موضوعات عامة ليس لى بها اهتمام وبعد نصف ساعة انصرفوا .ز بعد
أن حددوا موعد اللقاء الثانى بعد يومين . وتشاء الظروف أن يحضروا فتفتح لهم الباب
موديل أخرى .. أجمل من الأولى !
وقال
لى أحدهم بصراحة : يظهر انك موش بتاع تنظيمات سرية ..
- قلت
لهم : وسرية ليه .. انتم موش بتقولوا احنا مع جمال عبد الناصر ؟ يبقى نجتمع فى
السر ليه ؟
لم يرد أحد ..
لكنهم بعد يومين .. رفدونى من
التنظيم الطليعى .. وبعدها بفترة .. تم القبض عليهم جميعاً !
أسأل
: وأين كنت يوم وفاة الرئيس جمال عبد الناصر ؟
- يقول
: كنت كعادتى متجها بعد الظهر إلى مبنى الأخبار . وهبطت من السيارة لأفاجأ بالكاتب
الكبير موسى صبرى واقفا أمام مبنى الأخبار . وما أن شاهدنى حتى أخذ يضرب كفا بكف
..
- واندفع
فى نوبة بكاء وهو يقول : عبدالناصر مات .. عبدالناصر مات .
وصعدت الى مكتبى .. وبدأت أرسم صورة
لعبدالناصر حاولت فيها التعبير عن احساسى وأحاسيس كل المصريين برحيل هذا القائد
العظيم وأذكر اننى عندما سلمت الصورة للمسئول عن النشر لاحظت وجود بعض البقع على
أطرافها ..
ماذا
كانت ؟
- دموعى
!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.