ظهرت فى الآونة الأخيرة العديد من المطالبات التى تدعو الى إلغاء أحد الفنون الراقية العالمية الأكاديمية الموحدة وهو فن "البالية" ، هذا الفن الصامت الذى يعبر عن مشاعر ورغبات وتطلعات الإنسان منذ اقدم العصور، حيث يتحرك فيه الراقص في الزمان والمكان بالاستناد إلى الموسيقى، وتتحد فيه الروح والجسد ليعبر عن أحاسيس معينة متصلة بفكرة معينة، وله قواعده وأسسه التي رسخت عبر القرون. وعلى الرغم من تلك الدعوات التى شوهت فن البالية ، يسجل التاريخ أن القدماء المصريين هم أول من صنعوا الدراما الراقصة التى تحكى بالرقص قصصا وحكايات ومعان، والتى تعد الفكرة الأولى للرقص التعبيرى أو الباليه الذى نعرفه اليوم، وتجلى ذلك فى نقوش الأسرة الخامسة والتى أوضحت نحتا لنساء يرقصن فى جماعات منتظمة تشبه تماما ما نراه فى أحدث أنواع رقصات الباليه الحالى، وفى نقوش الدولة الوسطى بمقابر "بنى حسن"، كما أظهرت رسوم الإنتصارات الحربية تعدد الرقصات التعبيرية الدرامية التى قدمها القدماء فى الأفراح والأحزان والانتصارات. وكانت البداية لفن الباليه فى الوطن العربى من مصر، فمنذ 55 عاما تم إنشاء المعهد العالى للباليه، أحد المعاهد الفنية العليا التابعة لوزارة الثقافة آنذاك، وهو أول معهد للباليه فى الوطن العربى، وفى عام 1966 تم تأسيس فرقة باليه أوبرا القاهرة، أكبر فرق الباليه على مستوى العالم، وكانت تابعة للمعهد وقام بتدريب أعضائها خبراء من الاتحاد السوفيتي ، وقدمت الفرقة أول عرض لها فى نفس العام وهو باليه نافورة باخشى سراى الذي أخرجه ليونيد لابروفسكى مدير مسرح البولشوى في ذلك الوقت، والذي سمى لابروفسكى الكبير . وبعد هذا العرض اعتمدت الفرقة على العروض الكلاسيكية في فصل واحد مثل جيزيل، كسارة البندق، بحيرة البجع، باخيتا، وذلك تأثرا بالباليه الروسي والكلاسيكي، وعقب ذلك برزت ضرورة البحث عن شخصية متميزة للفرقة تحفظ لها تميزها وهويتها بالإضافة إلى تقديم العروض المعاصرة فبدأ ظهور الخط المعاصر فى أعمال الفرقة من خلال مخرجين ومصممين رقصات مصرية، وظهر هذا بصورة واضحة عندما قدم باليه أوزوريس للمؤلف الموسيقى جمال عبدالرحيم فى عام 1984 والذي يحكى أسطورة إيزيس وأوزوريس الفرعونية، و"معبد الموسيقى" للفنان انتصار عبد الفتاح وتصميم رقصات يسرى سليم. وسبقت هذه العروض بعض المحاولات فى هذا المضمار، فقدم باليه عن الطقوس الدينية التي تحدث في المولد ومن هذه المحاولات قدم الدكتور عبدالمنعم كامل رئيس دار الاوبرا المصرية، والذى كرمه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، باليه "الصمود" والذي يحكى قصة صمود الشعب المصري أمام هزيمة 1967 ووضع موسيقاه فنان سوفيتي أوزبكستانى هو مختار أشرفي، وبعد عام 1973 قدم نفس الباليه تحت اسم" الوطن "بعد إضافة جزء له عن عبور أكتوبر . ومنذ عام 1972 بدأت فرقة الباليه تقديم عروضها خارج مصر حيث بدأت في موسكو و ليننجراد "سان بطرسبرج حاليا"، وبعد ذلك قدمت عروضها في بلغاريا، ألمانيا، فرنسا وتونس. ومن الأعمال المصرية التي قدمتها الفرقة باليه خطوات مصرية موسيقى عطية شرارة وبعدها النيل الذى قدم عام 1990 بدار الأوبرا على موسيقى الفنان عمر خيرت، وبعد ذلك انضمت فرقة باليه أوبرا القاهرة إلى فرق المركز الثقافي القومي تحت إشراف الدكتور عبد المنعم كامل. ولقيت حفلات الباليه المصرى تجاوبا كبيرا من الجمهور فى الداخل والخارج وحققت نجاحا منقطع النظير، وقدمت فرقة باليه القاهرة خلال المواسم الماضية العديد من الباليهات العالمية الكاملة، وقامت الفرقة مؤخرا بجولات فنية إلى كل من المكسيك، فرنسا، إنجلترا، أيرلندا، كوريا، النمسا، الولاياتالمتحدةالأمريكية، الصين وجمهورية التشيك، إيطاليا، تركيا، لبنان، الأردن، كندا، وروسيا.