لأول مرة منذ فترة طويلة اصحو من نومي علي خبر سار وهو عودة جنودنا المختطفين في سيناء دون اطلاق رصاصة واحدة او اراقة نقطة دماء، وخرجت من منزلي سعيدا منتشيا بهذا الخبر وبمجرد متابعتي للمواقع الاخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي انقلبت سعادتي الي خيبة امل وجدت المصريين مختلفين حول نجاة بعض جنودنا من الخطف وهي القضية التي توقعت ان يتوحد حولها الجميع، خاصة بعدما رأيت الحزن البادي علي الوجوه عند نشر خبر اختطاف 7 جنود المصريين في سناء. "ولأن خيبة الامل راكبة جمل" - كما يقول المثل الشعبي - وجدت البعض حزينا يذرف دموع التماسيح بزعم الخوف علي مصر، بينما كلامه اكد ان حزنه يأتي بسبب اعادة انتشار قواتنا المسلحة في سيناء بما يخالف اتفاقية العار مع الكيان الصهيوني والمعروفة اعلاميا باسم "كامب ديفيد"، وظهر جليا ان البعض يرفض فكرة التفاوض باعتباره يقلل من هيبة الدولة مع انهم انفسهم كانوا يسخرون – وانا معهم - من مصطلح هيبة الدولة الذي ردده المجلس العسكري وإعلام الفلول عندما تظاهر شباب 6 ابريل امام وزارتي الداخلية والدفاع، والمواقف والدلائل علي ذلك كثيرة، ليؤكد ذلك انهم لا يريدون سوي ان تقوم القوات المسلحة باستخدام القوة المفرطة حتى لو ادي ذلك الي قتل جنودنا لنراهم في جنازاتهم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب حزنا علي دماء المصريين التي تراق كل يوم في عهد الرئيس الاخواني وجماعته المحظورة. وسيطرت نظرية المؤامرة علي اذهان اخرين فزعموا ان خطف الجنود وعودتهم تمثيلية محبوكة بين الرئيس مرسي وجماعته وبعض افراد جماعات الاسلام السياسي المسلح لتحسين صورة مرسي التي لطخها السواد في الشارع المصري. ومع حبي الشديد لنظرية المؤامرة إلا ان عقلي في هذه الحالة لا يستوعبها او يستسيغها، ورغم ذلك ارفض الهجوم الذي تعرض له هؤلاء واتهامهم بأنهم لا يعقلون او ان كراهيتهم لحكم مرسي اقوي من حبهم لوطنهم وغير ذلك من الاتهامات غير المبررة، خاصة وان عملية عودة الجنود شابها بعض التصرفات العجيبة اهمها وعلي رأسها التصريح الصادر عن الرئاسة بالحفاظ علي ارواح المخطوفين والخاطفين ثم الرد غير المقنع بان الكلام تم قطعه من سياقه او لماذا الاهتمام بكذا وترك كذا. كما ان انتهاء الازمة كلها بهذا الشكل المفاجئ والغريب دفع الكثيرين – وانا منهم - الي طرح مجموعة من التساؤلات المنطقية المشروعة وهي لماذا الاعلان عن التفاوض مع الخاطفين.. ثم القول والتأكيد بأنه لا تفاوض مع مجرمين؟.. وماذا عن الفيديو المنتشر للجنود وهم يتوسلون الرئيس التدخل لإنقاذهم بينما يهاجمون الفريق السيسي؟ .. ولماذا لم يتم الاعلان عن تفاصيل عملية الافراج عنهم؟ .. وكيف وجدوهم؟ .. ولماذا ترك الخاطفون الجنود في الصحراء؟ .. وأين المجرمون؟ .. وهل سيتم تتبعهم ام ان الامر انتهي عند هذا الحد؟ .. وما هي ضمانات عدم تكرار هذه الحادثة؟ .. وكيف سيتم اعادة الامن لسيناء؟ وهي اسئلة تحتاج الي اجابات شافية من المسئولين في الدولة. والاهم من كل ما سبق هو كيفية التعامل مع مشاكل سيناء التي تعرضت لتهميش متعمد منذ اتفاقية العار مع الكيان الصهيوني حتى الان ويجب ان تكون الازمة دافعا لنا للتفكير بشكل مختلف حول سيناء، من خلال سرعة مراجعة كامب ديفيد وإعادة انتشار القوات المسلحة بما يضمن توافر الهيمنة الكاملة لمصر علي اراضيها وتحقيق حالة من الأمن المتكامل لأهالي سيناء، مع تطبيق مبدأ العدل والمساواة علي ابناء سيناء ومنحهم حق الالتحاق بالكليات العسكرية وكلية الشرطة وتولي الوظائف العامة وفتح المجال امام المزيد من المشروعات التنموية لتوطين ملايين المصريين، خاصة وان جميع خبراء الجغرافيا السياسية يؤكدون ان الكثافة السكانية احد اهم وسائل اغلاق الفراغات الامنية. ** نائب رئيس تحرير بوابة الجمهورية اون لاين