لم يمر أسبوع على أزمة النائب الأردني محمد عشا الدوايمة بسبب زيارته لإسرائيل ، أثر دعوة تلقاها، للمشاركة في حفل استقلال إسرائيل والذي أحدث جدلاً واسعا داخل قبة البرلمان حيث تم فصله من الحزب الذي ينتمي إليه "الوسط الاسلامي" ، إلا ووجدنا فضيحة جديدة تلوح في الأفق بطلها ليس نائب واحد فقط ولكن عشرات النواب الذين من المفترض أنهم يقومون بالسلطة التشريعية ومناقشة الموضوعات الحيوية داخل الدولة . الأزمة الجديدة تتمثل في كشف صحيفة أردنية بالوثائق عن أن أكثر من نصف أعضاء البرلمان مطلوبين للقضاء بتهم مالية وجنائية، من بينها القتل والقتل غير القصد والإستثمار الوظيفي وتخريب ممتلكات الغير. وقالت صحيفة الغد التي نشرت الحيثيات أن لديها وثائق تثبت بأن نحو 80 عضوا في مجلس النواب يخضعون حاليا للتحقيق القضائي بتهم متنوعة بينها الإحتيال وإصدار شيكات بدون رصيد وحتى جرائم جنائية من بينها القتل والقتل غير القصد والإستثمار الوظيفي وتخريب ممتلكات الغير. مئات التهم وقالت الصحيفة ان وثائق رسمية حصلت عليها تكشف عن اتهام 30 نائبا في المجلس البالغ عدد اعضائه 150، في قضايا من بينها القتل والتزوير والسرقة والاحتيال والرشوة والاختلاس وإساءة الائتمان. واضافت ان نوابا اخرين تورطوا في قضايا تهرب ضريبي وتهريب ومخالفات لقوانين الصناعة والتجارة والصحة العامة، وقانون العمل والحقوق العمالية، فضلا عن الذم والتحقير والتهديد والإيذاء وإحداث عاهة دائمة. كما اشارت الصحيفة الى ان نائبا واحدا فقط يواجه 233 قضية، من بينها 79 قضية، بين منظورة ومجددة وقيد التنفيذ أمام المحاكم. وتتضمن هذه القضايا إصدار شيكات بدون رصيد، بنحو 8 ملايين دينار، وتحويل بيانات، وتهم شهادة زور، والذم والقدح والتحقير، والاحتيال والكسب بلا سبب، والكمبيالات والقبض غير المستحق، فضلا عن المطالبات المالية ودعاوى التعويض. فيما يواجه نائب آخر تهما في 30 قضية، من بينها قضايا سرقة وشيكات بدون رصيد، والتهديد بافتضاح أمر لجلب منفعة غير مشروعة، 7 قضايا منها قيد التنفيذ او منظورة أمام القضاء. كما يواجه نائب ثالث قضايا احتيال، وجرائم قانون العمل، وشيكات بدون رصيد، وقضايا الذم والتحقير، حيث يبلغ رصيد قضاياه نحو 30 قضية. ويواجه رابع تهما متنوعة، منها إصدار شيكات بدون رصيد، والتهديد والإيذاء، والسندات والكمبيالات والقروض والتهريب والكسب بلا سبب، برصيد وصل إلى 22 قضية في المحاكم. ويختلف حجم القضايا من نائب إلى آخر، حيث توجد بحق نواب قضايا عمالية، وذم وقدح وتحقير، فيما يوجد بحق نائب مثلا تهم الاحتيال بالاشتراك، أو قبض غير مستحق، أو إحداث عاهة دائمة، أو إصدار شيكات بدون رصيد أو إساءة ائتمان. وكشفت الوثائق عن تورط نائب ب"إلحاق ضرر بممتلكات الغير"، والقبض غير المستحق، والكمبيالات والقروض والمطالبات المالية، فيما يواجه نائب آخر قضايا إصدار شيك بدون رصيد، وإساءة ائتمان، وإضرام حريق وكمبيالات ومطالبات مالية. وتنحصر تهم بعض النواب، وفقا لأعمالهم، التي كانوا يزاولونها قبل انتخابهم نوابا، حيث كشفت الوثائق مواجهة نائب تهم التهريب، إضافة إلى إصدار شيك بدون رصيد، ومخالفة قانون الغذاء والدواء، فيما يواجه نائب تهما في 119 قضية في المحاكم، معظمها قضايا الجرائم الواقعة على الصناعة والتجارة والعمل والصحة العامة، إضافة إلى إصدار شيكات بدون رصيد والاحتيال والسندات. ويواجه أحد النواب تهما في 20 قضية، من بينها 6 قضايا بالتهرب الضريبي، والتهريب والجرائم الواقعة على الرقابة والغذاء. ويتخصص 3 نواب في قضايا حمل وحيازة الأسلحة، والشيكات بدون رصيد، حيث يواجه أحد النواب تهما في 7 قضايا إصدار شيكات بدون رصيد، وحيازة الأسلحة. كما يواجه عدد من النواب تهما بالجرائم الواقعة على قانون الانتخاب، ويواجه آخرون تهما بجرائم الإخلال بالواجبات الوظيفية والرشوة والاختلاس، إذ إن أحد النواب يواجه 3 قضايا دفعة واحدة في هذا السياق. ويبلغ حجم المطالبات المالية المستحقة على عدد من النواب نحو 10 ملايين دينار، من خلال شيكات مستحقة الدفع، فيما تبلغ قيمة القروض المستحقة على عدد منهم نحو 5 ملايين دينار. وبالمجمل، فإن مجموع القضايا، وفقا للوثائق التي حصلت عليها "الغد"، يختلف من نائب إلى آخر، أما السمة السائدة فيها، فهي الشيكات بدون رصيد، والمطالبات المالية، والقروض والسندات، فضلا عن الحقوق العمالية والتهرب الضريبي والتهريب. ويوجد من بين النواب نائب واحد يواجه تهمة القتل، وآخر "القتل بغير قصد"، فيما يواجه أحد النواب تهمة إحداث عاهة دائمة. وكشفت الوثائق أن عدد الطلبات قيد التنفيذ بحق النواب تجاوزت 15 نائبا، فيما يوجد بحق أحدهم وحده نحو 25 طلب تنفيذ، وآخر 7 طلبات تنفيذية. وأشارت معلومات خاصة، حصلت عليها "الغد"، إلى أن عددا من هؤلاء النواب، حصلوا على عدم محكومية، لغايات الترشح للانتخابات، بعد إجراء تسويات أو استئناف القضايا، خلال فترة الترشح والانتخاب، ثم ما تلبث القضايا أن تعود من جديد، وينحصر تأثيرها على هؤلاء النواب، بسبب وجود الحصانة البرلمانية. الحصانة البرلمانية وتنص المادة 135 من النظام الداخلي لمجلس النواب، على أنه "لا يجوز أثناء انعقاد دورة المجلس ملاحقة العضو جزائيا او اتخاذ إجراءات جزائية بحقه، أو إدارية، او إلقاء القبض عليه أو توقيفه إلا بإذن المجلس". ولا يمكن محاكمة النواب طوال فترة انعقاد مجلس النواب، وطالما أن القضاء لم يفصل قبل ذلك الموعد في القضايا المرفوعة على بعض النواب، سواء تعلق الأمر بتهم شراء الأصوات أو بتهم أخرى. وتتضمن المادة 86/1 من الدستور الأردني حكما عاما، بعدم محاكمة النواب أثناء دورات الانعقاد للمجلس، إلا بعد رفع الحصانة عنهم. وهذا يعني أن الحصانة البرلمانية تحول دون محاكمتهم، إلا بإذن من المجلس النيابي، إلا إذا كان هنالك حالة تلبس بالجريمة. وتترقب السلطات القضائية العطلة البرلمانية حتى تجلب أو تستدعي أو تواصل محاكمة العشرات من أعضاء سلطة التشريع في البلاد. ويتوقع أن يثير نشر هذه الحيثيات عاصفة من الجدل في البلاد خصوصا وأن البرلمان طازج عمليا وقوامه 150 نائبا في انتخابات عامة وصفت بأنها الأكثر نزاهة في تاريخ البلاد الحديث. ولم يصدر عن البرلمان ما يصادق على هذه البينات أو يعلق عليها لكن ينتظر أن تنتهي بحزمة من الإتهامات للأوساط الرسمية بتسريب هذه البيانات. ليس العنوان الصحيح يأتي ذلك في الوقت الذي يرى فيه مراقبون أن مجلس النواب الاردني ليس هو العنوان الصحيح في هذه المرحلة المفصلية لوضع البلاد على سكّة الإصلاح في زمن الربيع الأردني، ولا يمكنه المساهمة في إنقاذ البلاد من حال التدهور السريع سياسيا واقتصاديا، أو استعادة هيبة البرلمان من خلال أداء نيابي راق ومميز يفضي تدريجيا إلى فصل السلطات. فقد أظهرت مناقشات الثقة أن مجلس النواب الجديد يضم 150 قائدا. فغالبية الأعضاء -حال معظم الكتل المشرذمة- سيخفقون في إعانة القصر على إنجاح تجربة "الحكومة البرلمانية" السابقة لأوانها، في غياب أحزاب سياسية لها برامج واضحة، ومقاطعة التيار الإسلامي المنظم. كما يرون أن غالبية النواب لن يساعدوا على إيجاد بدائل لمعالجة الوضع الاقتصادي والسياسي، لأن ذلك سيضع الحكومة والمجلس في وضع حرج مع الشارع المحبط، وسيضطر الرئيس إلى مواصلة مسلسل عقد الصفقات مع الكتل لحماية الحكومة من شر النواب. فضائح سابقة وهذه ليست المرة الاولي التي تثار فيها فضائح تمس مجلس النواب ، فخلال يناير الماضي انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر رئيس مجلس النواب السابق عبد الكريم الدغمي مع نواباً من المجلس المنحل بالإضافة الى شخصيات سياسية معروفة أمثال سعد هايل السرور في ليلة صدور قرار حل مجلس النواب حيث كانت العبارات النابية موجودة في جلسة وصفت بالصريحة تلفظ فيها عبد الكريم الدغمي صراحة بالفاظ نابية طالت نايف القاضي وزير الداخلية الاسبق فيما تمت الاشارة غمزاً بعبارة ( المعلم ) حيث انتقد الدغمي ايصال الأخبار للمعلم عن مجلس النواب . صور الفيديو التقطت في منزل عبد الكريم الدغمي الذي دعا عدداً من حلفائه البرلمانيين الى بيته بعيد صدور الارادة الملكية بحل مجلس النواب الخامس عشر بتاريخ 23 / 11 / 2009 ، وكان وزير الداخلية آنذاك نايف القاضي في حكومة نادر الذهبي. في الفيديو يظهر الدغمي ورئيس مجلس النواب السابق سعد السرور - الذي لم يكن وزيراً للداخلية بعد - والنائب السابق ممدوح العبادي والنائب السابق عاطف الطراونة والصحفي ممدوح الحوامدة واشخاص من معارف المضيف الدغمي. الدغمي والسرور كانا قد عادا للتو من عزاء في منطقة أم العمد حيث كان عدد من النواب هناك يعزون بوفاة قريب رئيس الوزراء الاسبق فيصل الفايز - الذي لم يكن نائباً بعد -. الدغمي حين عودته الى المنزل اتصل بلحفائه فرحاً بحل مجلس النواب والتخلص من اجواء الترشح لرئاسة مجلس النواب حيث كانت المنافسة على أشدها بينه وبين رئيس مجلس النواب السابق عبد الهادي المجالي ، وطلب أن يلتقوا في منزله بجلسة خاصة. في هذه الأثناء اتصل الصحفي ناصر شديد مراسل فضائية (BBC) بالنائب السابق ممدوح العبادي وطلب منه إجراء مقابلة حول حل مجلس النواب ، فقبل العبادي ودعاه أن يأتي إلى منزل الدغمي في أم السماق لتصوير الحوار ، فحضر شديد الى هناك وطاقم الفضائية. اجرى شديد الحوار في ركن من أركان البيت وما لبث أن طلب التقاط بعض الصور الصامتة للجلسة من اجل استخدامها في التقرير الاخباري الذي يود بثه عبر (بي بي سي) فلم يمانع الحضور بعد أن أكدّ النائب السابق السرور على المصرو بأن اللقطات مسجلة صوت وصوره ليجيبه بأنها صورة فقط. شريط مفبرك وقد سارع رئيس مجلس النواب السابق عبد الكريم الدغمي لوصف المقاطع ب "المفبركة" ، حيث أصدر بيانا تعهد فيه بملاحقة قضائية لمن بث الشريط وزوره - على حد تأكيده - شدد على فبركة الشريط ورابطاً الأمر بأغراض انتخابية ، وحول الحديث عن وجود مشروبات في الجلسة قال " لو كنا صحيح في جلسة مشروبات وسكر، لما سمحنا للتليفزيون بتصويرنا، ولكننا في جلسة عادية، وكان الحاضرين قد جلسوا للتو بما فيهم أنا، وطلبوا قهوة حلوة، وكان أمامي كأس من عصير التفاح". وبالانتقال إلى فيديو آخر انتشر خلال الشهر الحالي ، فقد أثار مقطع فيديو تناقله مشاركون عبر مواقع التواصل الإجتماعي تحت عنوان "فضيحة نائب اردني يلعب القمار في الكازينو"، سيلا من الجدل والتعليقات الساخرة. والفيديو الذي لاتتجاوز مدته 10 ثواني يظهر رجلا يقال أنه أيضا للنائب عبدالكريم الدغمي وهو يشارك باللعب على طاولة القمار، في مشهد أعاد للأذهان مقطع لفيديو مسرب لنفس النائب عشية حل مجلس النواب الأردني الخامس عشر وهو يحمل بيده كأس شراب، أشيع أنه مشروب روحي. ورغم نفي الدغمي أن يكون هو الذي في الفيديو وتأكيده أن المقطع “مفبرك" الا أن صفحات التواصل الإجتماعي تصر على تناقله. أسلحة تحت القبة وبالاضافة إلا ما سبق يشهد مجلس النواب بين الحين والاخر مشاجرات ومشادات كلامية تحت قبة البرلمان، وصلت في بعض الاحيان إلى استخدام الاسلحة النارية، ففي مارس الماضي وقعت مشادة كلامية حاول خلالها نائب سحب مسدسه اثناء جلسة لمجلس النواب الاردني خصصت لبحث قرار الحكومة الاخير رفع اسعار المحروقات في البلاد، ما حدا برئيس المجلس الى رفع الجلسة. ونشرت المواقع الاخبارية الالكترونية المحلية صورا ومقاطع فيديو تظهر النائب شادي العدوان وهو يحاول اشهار سلاحه تحت قبة البرلمان وقد بدا عليه الغضب الشديد. وقال خليل عطية النائب الاول لرئيس مجلس النواب، لوكالة فرانس برس ان "احد النواب ثار غضبه لدى اتهام نائب آخر لرئيس الوزراء عبد الله النسور بالفساد". ويظهر العدوان في الفيديو يجادل النائب زيد الشوابكة الذي منع النسور من اتمام كلمته التي كان يلقيها امام النواب، قبل ان يحاول سحب مسدسه الا ان عددا من النواب تدخلوا من اجل تهدئة الموقف. واضاف عطية "لهذا السبب اضطررت لاعلان رفع الجلسة، وسنعقد غدا جلسة لبحث ما كل حصل ومناقشة مسألة حمل السلاح تحت قبة البرلمان". وكان الاردن قد أجرى انتخابات نيابية في 23 كانون ثاني / يناير افرزت مجلس نواب جديدا يضم 150 نائبا كلهم من الموالين للحكومة ، وكان نائبين اردنيين دخلا في تموز / يوليو من العام الماضي في مشادة كلامية في برنامج تلفزيوني على الهواء مباشرة قبل ان يشهر احدهما سلاحه مهددا وينقطع البث. وفي النهاية يكمن التساؤل هل يمكن لنواب الاردن بعد تلك الازمات والفضائح المتكررة التي تحيط بهم أن ينهضوا بالبلاد وخاصة في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة ؟ .