تشهد الأوساط السياسية البلجيكية حاليا جدلا واسعا وتبادلا للاتهامات والانتقادات الصريحة والعلنية على خلفية إشكالية سفر الشباب إلى سوريا للقتال وكيفية معالجة هذه القضية التي باتت تشكل هاجسا على المستويين السياسي والشعبي. وفى هذا الإطار، وجه وزير الخارجية البلجيكي ديديه ريندرز، الاتهامات لوزارتي الداخلية والعدل لتقاعسهما عن تزويده بالمعلومات اللازمة حول هويات هؤلاء، معربا عن أمله أن تتمكن وزارة الخارجية من الحصول على المعلومات اللازمة، قائلا :"إن عزوف وزارة الداخلية وإدارة أمن الدولة عن تزويدنا بالمعلومات يؤثر سلبا على عملنا الدبلوماسي وعلى متابعتنا لتحرك هؤلاء الشباب في الخارج". وأعرب عن أسفه إزاء عدم توفر الإرادة لدى وزارة الداخلية وإدارة أمن الدولة لتأمين المعلومات اللازمة، وقال "نعرف جيدا أنه خيارهما، ولكن إذا أردنا أن نتحرك وأن نكون فعالين كجهة دبلوماسية، يجب علينا الحصول على معلومات خاصة حول من ذهب وظروف وملابسات تحركه". وأقر ريندرز بافتقاره إلى المعلومات بخصوص الشباب الذين توجهوا إلى سوريا، مشددا على ضرورة منع "المشتبه بهم" من السفر، وشدد على أهمية دور الأسرة والمدرسة في هذا المجال، وهو ما يعتبر - برأيه - أكثر أهمية من عمليات المراقبة في المطارات. وأعرب عن قناعته بأن تبادل المعلومات على مستوى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "ناتو" من شأنه أن يساعد في تتبع أثر هؤلاء "الذين يشكلون خطرا إرهابيا حقيقيا على بلداننا في حال عودتهم". أما وزيرة الداخلية البلجيكية جويل ميلكيه، فقد أكدت أن العمل جار في عدة مجالات من أجل معالجة الأزمة، وتشير إلى تعاون "عال المستوى" بين مختلف السلطات في البلاد، لكنها ركزت في الوقت نفسه على ضرورة السرية وعدم الإفراط في ترويج الأمر إعلاميا، وهو ما يزعج الكثير من السياسيين هناك. وعلى مستوى الشارع البلجيكى، فيوجه الشباب المسلم المنحدر من أصول مهاجرة انتقادات واسعة للوزراء، مشيرين إلى رفضهم لما تقوم به السلطات من "استخدام إشكالية سفر الشباب إلى سوريا للقتال كذريعة لإلصاق تهمة الإرهاب والتطرف بالإسلام وبالمسلمين". وينأى غالبية الشباب المسلم في بلجيكا بنفسه عن هؤلاء الشباب الذين ذهبوا للقتال في سوريا، متهمين السلطات البلجيكية بالقصور في فهمها لهذه الظاهرة بشكل جيد، ويتهكم بعضهم، على تصريحات تعكس خوف المسئولين البلجيكيين من خطر الشباب في حال عودتهم من سوريا بعد انتهاء القتال، مرجحين أن يموت من سافر إلى سوريا في المعارك الدائرة هناك بسبب عدم إدراكهم لحقيقة الأمر وعدم حصولهم على تدريب عسكري سابق. أما أهالي بعض من ذهبوا إلى سوريا، فيتهمون الحكومة بالتقصير، موجهين نداء عاجلا إلى المسئولين من أجل التدخل بشكل فعلى وجدي لإنقاذ أبنائها، حسب كلام عبدالإله عيدعود والد شابين ذهبا للالتحاق بإحدى المجموعات المقاتلة في سوريا وأحدهم قاصر.