تختلف دولة الاحتلال الإسرائيلي عن الدول الأخرى في الاحتفال بذكرى الاستقلال ، ففي الوقت الذي تحتفل فيه الدول بذكرى استقلالها في نفس تاريخ الذكرى ، إلا أننا نجد إسرائيل تبدأ الاحتفال بما تسميه "يوم الاستقلال" وهو يوم إقامة الدولة قبل هذه المناسبة بشهر حيث تبدأ من ال 15 من أبريل حتى 15 مايو من كل عام بمراسم الاحتفال بإحياء ذكرى ضحايا حرب عام 1948. ويتم الاحتفال بالحدث سنوياً في إسرائيل بعطلة وطنية تسمى يوم "هاعتصماؤت" (بالعبرية: יום העצמאות, وتعني يوم الاستقلال) في 5 آيار / مايو من كل عام حسب التقويم اليهودي.
ومع حلول تلك المناسبة يتذكر الفلسطينيون ما حل بهم من مأساة إنسانية و تهجير، اتُّفِق على أن يكون يوم الذكرى هو اليوم التالي لذكرى إعلان قيام دولة إسرائيل وذلك في إشارة إلى أن كل ما قامت به المجموعات المسلحة من قبل الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني كان من أجل التمهيد لقيام هذه الدولة التي أريد منها أن تكون دولة لليهود فقط.
وثيقة الانتداب وتم الاعلان عن قيام دولة الاحتلال من خلال وثيقة إعلان قيام دولة إسرائيل وهي وثيقة كتبت في 14 أيار / مايو 1948 بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وإعلان ديفيد بن جوريون الرئيس التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية ومدير الوكالة اليهودية قيام الدولة الإسرائيلية وعودة الشعب اليهودي إلى ما أسماه "أرضه التاريخية".
وهي مستند أساسي في تاريخ دولة إسرائيل فهذه الوثيقه تعلن عن اقامة دولة إسرائيل في 15 ايار 1948 وقد عقد اعضاء مجلس الشعب اجتماعا احتفاليا في تل أبيب وأعلنوا عن اقامة دولة إسرائيل وقد تقرر ان يكون تاريخ توقيع الوثيقه من كل سنه هو يوم استقلال الدوله.
وتتميز وثيقة الاستقلال بكونها ذات طابع ابلاغي وذلك على أساس الاعلان عن استقلال الدول الغربية الديمقراطية والوثيقة تفصل العلاقة المباشرة لشعب إسرائيل مع أرض إسرائيل (فلسطين) وتحاول تقديم التبرير والشرعية الدولية لحق الشعب اليهودي في اقامة دولة يهودية على أرض فلسطين.
وربط الإعلان تأسيس الدولة اليهودية مباشرة مع "الكارثة التي حلت باليهود في الآونة الأخيرة والتي كان من ضحاياها الملايين من يهود أوروبا"، على أنها "دليل واضح آخر على ضرورة حل مشكلة المشردين"، وأشار إلى قرار الجمعية العامة رقم 181 في 29 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1947، والذي، وفق الإعلان "طالب سكان إسرائيل باتخاذ مثل هذه الخطوات إذا لزم الأمر من جانبهم لتنفيذ ذلك القرار". "إن اعتراف الأممالمتحدة بحق الشعب اليهودي في إقامة دولته غير قابل للإلغاء . إنه حق طبيعي للأمة اليهودية لتقرر مصيرها مثل سائر أمم العالم ذات السيادة".
وفي اليوم نفسه، اعترفت الولاياتالمتحدة بالدولة الجديدة، وتلاها الاتحاد السوفييتي بعد ثلاثة أيام ، وفي الصباح الباكر من 15 أيار/مايو، عبرت الجيوش النظامية لسوريا ومصر والعراق وفلسطين وشرق الأردن حدود فلسطين واندلعت الحرب.
تدمير الهوية الفلسطينية وبالتزامن مع ذكرى قيام دولة الاحتلال ، تأتي ذكرى النكبة الفلسطينية فهو العام الذي تم فيه تشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره. وهو الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عام 1948، فالنكبة تجسّد أول موجة تهجير وإبعاد قصري للفلسطينيين من أرضهم. وبالنسبة للفلسطينيين تمثل النكبة مصادرة الأراضي وتهجير وطرد 800000 فلسطيني من منازلهم، وقد أصبح عدد هؤلاء اللاجئين وأولادهم وأحفادهم بعد 60 عام من النكبة أكثر من 4 ملايين لاجئ. ولا يزال معظم هؤلاء اللاجئين يعيشون في مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي البلدان العربية المجاورة. فهي السنة التي طرد فيها الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه وخسر وطنه لصالح، إقامة الدولة اليهودية - إسرائيل.
وتشمل أحداث النكبة، احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل اسرائيل ، وطرد ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كما تشمل الأحداث عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية. وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي.
وعلى الرغم من أن السياسيين اختاروا 15 / 5 / 1948 لتأريخ بداية النكبة الفلسطينية، إلا أن المأساة الإنسانية بدأت قبل ذلك عندما هاجمت عصابات الاحتلال قرىً وبلدات فلسطينية بهدف إبادتها أو دب الذعر في سكان المناطق المجاورة بهدف تسهيل تهجير سكانها لاحقاً.
اعلان الطوارئ ومع بداية الاحتفال بهذه المناسبة السعيدة بالنسبة للاحتلال والحزينة على قلوب الفلسطينيين ، ذكرت صحيفة "معاريف" إن السلطات الإسرائيلية رفعت حالة التأهب في الضفة الغربية وفرضت إغلاق كامل منذ أول أمس الاحد ، بسبب حلول ما يسمى بعيد استقلال "إسرائيل".
وأوضحت الصحيفة أن شرطة الاحتلال الإسرائيلي ستنتشر في جميع مدن "إسرائيل" وعلى خط التماس خشية من وقوع عمليات فدائية من قبل الفلسطينيين.
وحسب مصدر عسكري: فإن إغلاق الضفة سيساهم في منع وقوع عمليات والبحث عن العمال الفلسطينيين الذين يتواجدون في "إسرائيل"، دون أن يكون بحوزتهم تصاريح دخول، كما يخشى الجيش من احتمال قيام المنظمات في قطاع غزة بإطلاق صواريخ، وخاصة إطلاق قذائف هاون. وأوضحت الصحيفة أن حالة التأهب من قبل الشرطة خشية أيضاً من قيام اللصوص "الإسرائيليين" بالسطو على المنازل التي تكون شبه خالية بسبب خروج آلاف الإسرائيليين من منازلهم في يوم الاستقلال.
وحذرت قيادة الجيش الاسرائيلي من إمكانية تنفيذ عمليات اختطاف للجنود خلال احتفال اسرائيل بذكرى قيامها ، مطالبة الجنود اتخاذ الحيطة والحذر وتطبيق تعليمات الجيش بما يتعلق بعمليات الخطف .
ونشرت شعبة العمليات في الجيش الاسرائيلي هذه التحذيرات الاسبوع الماضي عبر صحيفة الجيش "المعسكر" ، وطالبت الجنود توخي الحذر خلال الأعياد الإسرائيلية القادمة "أحياء ذكرى قتلى الجيش ، عيد الاستقلال" ، مشيرة الى ان المنظمات الفلسطينية تسعى طوال الوقت لتنفيذ عمليات ضد الجيش والاسرائيليين ، ولكنها تستغل الأعياد بشكل كبير لتنفيذ عمليات خاصة الخطف ، لمعرفتها بتأثير هذه العمليات الكبير على معنويات الجيش والاسرائيليين في هذه المناسبات .
وأضافت الصحيفة أنه وجهت تعليمات لكافة معسكرات الجيش الاسرائيلي تحذر الجنود أثناء الحركة والسفر وتطالبهم بتطبيق تعليمات قيادة الجيش بهذا الخصوص ، وتشدد على تعليمات اطلاق النار والملاحقة لما وصفتهم "بالمشبوهين".
وبمناسبة تلك الذكرى ، قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون "إن إسرائيل ستقطع اليد التي تحاول المس بأمنها".
ونقل راديو "صوت إسرائيل" عن يعالون قوله "إن إسرائيل سعت من أجل السلام في الماضي وستسعى إليه في المستقبل إلا أنها لن تتنازل عن أمنها". وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي قائلا "إن الكفاح من أجل استقلال إسرائيل لم ينته بل انه يتغير ويمتد الى ساحات ومناطق اخرى ويلزمنا بالقتال من أجل ضمان أمنها"..على حد قوله.
8 ملايين وبالتزامن مع تلك الذكرى نشرت دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل، بمناسبة ذكرى القتلى اليهود، ويوم الاستقلال 65 لإسرائيل، ان عدد سكان إسرائيل وصل إلى ثمانية ملايين و(18) ألف نسمة، في حين أن ثلاثة أرباع السكان هم من أصل يهودي، علما أن عدد سكانها بلغ عام تأسيسها (806) ألف نسمة.
وتضيف معطيات دائرة الإحصاء أن عدد السكان اليهود بلغ ستة ملايين و (42) ألف نسمة، أي ما نسبته (75.3%) من إجمالي عدد السكان، في حين بلغت نسبة السكان العرب (20.7%) بعدد يتجاوز المليون و(65) ألف مواطن عربي، كما أن نسبة السكان من مختلف الأديان الأخرى وصلت إلى (4%) بعدد تقريبي (318) ألف نسمة، وبذلك فإن عدد السكان في "إسرائيل" ارتفع بحوالي (137) ألف نسمة عن العام الماضي، فهناك (163) ألف طفل، كما توفي (41) ألف شخص، وبلغ عدد القادمين إلى "إسرائيل" خلال العام الماضي (19) ألف شخص.
ويتوزع الإسرائيليون على (14) مدينة، أبرزها القدس، ويعيش فيها قرابة (850) ألف نسمة، تل أبيب ويعيش فيها قرابة (450) ألف نسمة، حيفا (270) ألف نسمة، ريشون لتسيون(230) ألف نسمة، أسدود (212) ألف نسمة، بيت يام (128) ألف نسمة، رحوبوت (118) ألف نسمة، عسقلان (117) ألف نسمة، بيتح تكفا (210) ألف نسمة، بئر السبع (196) ألف نسمة، نتانيا (189) ألف نسمة .
وعندما نتذكر قيام اسرائيل لابد وأن يتبادر إلى الأذهان انه استقلال قائم على الحرب وتطوير أسلحة الابادة الجماعية ، هذا الاستقلال القائم على العداء والعنف والقمع.