حلقات مسلسل الوقيعة بين الأطراف الثورية بعضها البعض بدأ بشن الهجوم علي شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب هجوماً غير منظم في أول الأمر بكلمة هنا وانتقاد هناك ، ثم ما لبث التلسين أن يتحول إلي جريمة محبوكة تفتقت أذهان المتآمرين عنها ، حيث تم تدبير واقعة تسميم طلاب المدينة الجامعية ليكون الهجوم منطقياً مستنداً إلي مسوغ مقنع لأن حياة الطلاب وصحتهم مسألة متفق عليها ولا جدال فيها . الحملة الهجومية الضارية لم تؤتي ثمارها ، وعلي عكس ما كان الظن جاءت داعمة ومعززة لمكانة شيخ الأزهر ومقامة الرفيع عند جمهور المسلمين الوسطيين ، ومن ثم وضع المتآمرين في حيص بيص ، فما كان منهم إلا أن بحثوا عن طريقة أخرى سريعة المفعول ومضمونة العواقب لشق الصف الثورى وتفريق القوى الليبرالية ، ولأنهم ضالعون في التخطيط ولديهم خبرات سابقة مكتسبة من ممارسات النظام السابق فقد لجأوا إلي نزع فتيل الفتنة الطائفية مجدداً في منطقة الخصوص بشمال القاهرة وهي من أجدر المناطق وصفاً بالعشوائية والفقر والجهل والإحتقان .
ولإنها كذلك فقد أسفرت الخطة التآمرية بها عن نتائج فعالة ، حيث قُتل خمسة مواطنين من المسلمين والمسيحيين وأصيب عدد آخر من الطرفين أيضاً .. ولا يمكن إغفال الحدث أو التفاعل معه بإعتباره حادث عارض تسبب فيه بعض الحمقى ، لا سيما أنه جاء متزامناً مع دعوة حركة 6 إبريل للخروج إلي التظاهر السلمي لإحياء الذكري الخامسة لتأسيس الحركة الوطنية السياسية والمطالبة بتحقيق ما لم يتحقق من أهداف الثورة وهو كثير .
لقد دشنت القوى الأخرى المتربصة وأعدت عدتها للترتيب والتدبير فلم تشأ أن تُمرر اليوم مرور الكرام وفعلت فعلتها ليرسخ لدي القاعدة الشعبية العريضة أن المظاهرات والإحتجاجات هي المناخ السيء الذي تُرتكب فيه الجرائم وتنشط فيه عدوى الغضب والإنتقام والتخريب والحرق ، وهو المطلوب إثباته !
علي جانب آخر وبتأثير ما يحدث وفق السيناريوالمرسوم بدقة تنقلب القوى الليبرالية علي بعضها فهي الحاضنة للنخبة المسيحية التي تشكل كتلة مهمة من كتل الضغط والردع الشعبيين ، ولو أن المتآمرين ضربوا ضربتهم وحققوا النتائج المستهدفة لبات يسيراً عليهم القضاء علي جميع الحركات النشطة والنيل منها .. وبناءً علي كل ما تقدم يتم تفريغها وبطلان مفعولها فلا يتسنى لها تحريك الشارع وجمعة علي قلب رجل واحد .
الذريعة الأولى التي دفعت للتآمر علي شيخ الأزهر هي موقفه الواضح من التشيع الإيراني ، فضلاً عن نشوذه وتغريده منفرداً بما يوحي بعدم توائمه مع بقية المنظومة ، الأمر الذي دل عليه أيضاً رفضه لمشروع الصكوك الإسلامية لكونها ربا غير منقوص التعريف .. هذه ربما تكون معطيات الخلاف القائم بين فضيلة الإمام الجليل أحمد الطيب وبين من يناجزوه ويكيدون له في السر ، بينما يرسمون علي شفاههم إبتسامة صفراء تنضح بما في صدورهم وتفضح سياساتهم المتوارية خلف الأقنعة الشفافة .
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه