حذرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية من أن غياب التدخل الأمريكي في سوريا سيسفر عن كارثة إنسانية أكثر مأساوية وتداعيات معاكسة للاستراتيجية الأمريكية في سوريا والمنطقة برمتها. وأوضحت الصحيفة في تحليل إخباري أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت اليوم الإثنين أن هناك مزاعم "مغرضة" بأن من يدعو من بين الأمريكيين الأن للتدخل أمريكي في سوريا هم ذات الاشخاص التي دعموا الحرب الأمريكية على العراق .
وقالت : "ربما يكون صحيحا أن الحرب على العراق كبدت واشنطن مليارات الدولارت ، ناهيك عن الخسائر السياسية والبشرية لدى الجانبين العراقي والأمريكي ، كما إنها لم تسفر حتى الأن عما طمح إليه وأراده الداعون اليها ، لكن سيكون أيضا لإحجام واشنطن عن التدخل في سوريا تداعياته الوخيمة على الصعيدين:الإنساني والإستراتيجي"
ورصدت الصحيفة عدة أوجه شبه بين الحالة العراقية والسورية في طليعتها: أن البلدين تضمان مزيجا من الجماعات العرقية والطوائف الدينية تتضمن : الشيعة والسنة والأكراد والمسيحيين، فضلا عن أن الشعبين العراقي والسوري عاشا طوال عقود طويلة تحت مظلة أنظمة استبدادية لا تعرف الرحمة وتلجا إلى استخدام أساليب القمع وعسكرة الدولة وفي بعض الاحيان ارتكاب إبادة جماعية فقط من أجل الحفاظ على مقعدها في السلطة"
وأضافت "كما أن كلا من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين والرئيس السوري بشار الأسد سعيا إلى التودد للأرهابين وتجميع ترسانة من أسلحة الدمار الشامل ، لكن الاسد ، وعلى العكس ، من صدام حسين لم يكن أبدا ليتخلى عن ترسانته من الاسلحة الكميائية والبيولوجية.
وتابعت الصحيفة : "فكان من الحتمي أن تنهار هذه الانظمة الحاكمة في بغداد ودمشق في ظل أيديلوجياتها ونماذجها الاقتصادية البالية،وأن تنتفض الاغلبية في كلا البلدين من أجل المطالبة بالاصلاح " .
ونبهت الصحيفة إلى أن الخسائر البشرية التي تحصدها الحرب في سوريا تفوق معدل الوفيات في العراق ما بعد الانسحاب الأمريكي في ظل مقتل 70 الفا في غضون عامين فقط فضلا عن نزوح ما يقرب من مليون سوريا إلى دول الجوار والمتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 3 مليون بحلول نهاية العام الجاري،مرجحة:" تزايد أعداد اللاجئين السوريين بنسبة 50% مقارنة بأعداد اللاجئين العراقيين بعد عام 2003.
وتابعت : "في العراق ، استطاعت الولاياتالمتحدة مجابهة تنظيم القاعدة والحاق هزيمة ثقيلة به،بينما في سوريا تكتسب جماعة"جبهة النصرة"-أحد أفرع التنظيم مزيدا من النفوذ بوتيرة ثابتة فاتحة المجال أمام إعادة أحياء فرع تنظيم القاعدة في العراق من خلال الحدود بين البلدين" .
وانتقدت الصحيفة نهج إدارة أوباما في التعامل مع ذلك الملف ، مؤكدة أن سياسية عدم التدخل الأمريكية لا تقدم سبلا لمواجهة تهديد القاعدة أو الحيلولة دون سيطرتها على ترسانة سوريا من الاسلحة الكميائية والبيولوجية" .
واستطردت قائلة :"لا يعني هذا أن ترسل واشنطن مئات الالاف من القوات كما فعل الرئيس السابق جورج بوش في العراق وأفغانستان-بل من الافضل أن يكون تدخل واشنطن في سوريا على غرار ما كان يفعله الرئيس الأمريكي الاسبق بيل كلينتون بحيث يحول دون وقوع مأسى إنسانية والحفاظ على المصالح الأمريكية في المنطقة وذلك من خلال استخدام محدود لسلاح الطيران الأمريكي والتعاون مع القوات على الارض.