"لا تصاريح عمل للخادمات والكوافيرات حفاظاً علي شرفهن في دول الخليج" ، هذا ما أعلنته عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة أيام النظام السابق ، حيث قررت حينها عدم السماح بإصدار تصاريح عمل للعاملات المصريات في الخارج، حفاظاً علي شرف هذه العمالة بعد الانتهاكات الصريحة للعمالة النسائية من الدول الآسيوية وشمال أفريقيا التي وجدتها في دول الخليج. إلا أن الوضع يبدو أنه تغير الآن بعد أن وجهت الجالية المصرية بالسعودية اتهامات لحكومة الدكتور هشام قنديل عبر الصفحة الرسمية للمصريين فى الخارج على موقع "فيس بوك" ، بالسماح لعودة المصريات للمهن المحظورة بالخليج ، مؤكدة أن مثل هذه المهن كانت محظورة بقرار عائشة عبد الهادى وزيرة القوى العاملة قبل الثورة.
وقالت الجالية المصرية ان المصريات يعملن بهذه المهن منذ تولى خالد الأزهرى وزارة القوى العاملة، مشيرة أن الحكومة سمحت بسفر الخادمات والسيدات للعمل فى 16 مهنة محظورة، منها الكوافيرات وممرضة منزلية ومدرسة خاصة.
وهي التصريحات التي لاقت الكثير من الانتقادات نظراً لأن المجتمعات الخليجية قد شهدت العديد من القضايا التي أظهرت التحقيقات فيها امتهان الخادمة والذي يصل في كثير من الأحيان إلى التعذيب الجسدي والنفسي، وكذا معاملتها على أنها حيوان أو شيء لا يستحق الحياة لمجرد احتياجها للمال الذي لم تستطع الحصول عليه في بلدها الفقير.
التلاعب وأكد السفير حسام عيسى قنصل مصر العام بالرياض، فى تصريحات لصحيفة "الوطن" المصرية حول عودة المصريات للعمل كخادمات فى دول الخليج ، ان وزارة القوى العاملة سمحت، مؤخراً، بتسفير مصريات للعمل فى المهن المحظورة، ومن بينها الخدمة بالمنازل، فى السعودية، بشرط موافقة الزوج، وعمله معها في المنزل نفسه.
وأضاف السفير حسام عيسى أن مهنة الخادمة مصنفة ضمن 13 مهنة محظورة على المصريات، حفاظاً على كرامة المصريات ومنعاً لممارسة أعمال مخلة بالآداب. وشدد على أن القنصلية تتصدى لمحاولات استغلال المصريات للعمل بالمنازل، واستغلال استثناءات الوزارة، مؤخراً، للسماح بتلك الأعمال بشروط خاصة.
كما قال عادل حنفى الناشط الحقوقى بالسعودية ل "الوطن" :"إن وزير القوى العاملة الإخوانى يتلاعب بالألفاظ، لأن مهنة الخادمة غير موجودة فى نظام العمل السعودي"، مشيراً إلى أن قراره فتح المجال للتلاعب، عبر زواج أبناء الجالية بمصريات، بغرض تسهيل جلبهن، للخدمة فى منازل الخليجيين.
وعلقت الدكتورة عزة العشماوى مدير المكتب الفنى بالمجلس القومى للطفولة والأمومة على هذا الأمر قائلة :"إن عودة المصريات للعمل فى تلك المهن تنطبق عليها المادة 2 من قانون 64 لسنة 2010 لمكافحة الاتجار بالبشر"، مشيرة إلى أن بعض الشكاوى الواردة للمجلس احتوت على تزويج الخادمات من أشخاص كبار السن أو لديهم عجز.
هذا وقد شكّل مكتب "الاتجار بالبشر" بالمجلس القومى للطفولة والأمومة ومنظمة العمل الدولية، والمنظمة الدولية للهجرة، بعثة لتقصى الحقائق، بشأن الاتهامات الموجهة للحكومة المصرية.
الوزير يتحدى ورغم التأكيدات السابقة إلا أن خالد الأزهري وزير القوى العاملة والهجرة نفي ذلك جملة وتفصيلاً بل وتحدي أن يثبت كائن من كان صدور تصريح من الوزارة لأي سيدة بالعمل خادمة . وأكد أن مهنة الخادمة مصنفة في الوزارة بأنها "محظورة" .. مشيراً إلى أن الوزارة لم تمنح أي مصري تصريح عمل في أي من المهن المحظورة، داخل المملكة العربية السعودية، أو أي دولة أخرى.
وقال الأزهري :"أتحدي من يدعي وجود أي تصريح عمل من الوزارة للعمل ربة منزل، أو كوافيرة، أو مربية أطفال، أو أي مهنة تمس كرامة المرأة المصرية، وتستغل في الخارج أسوأ استغلال".
وأوضح: "الوزارة ليست مسئولة عن عمل أي سيدة تسافر بصحبة عاملين مصريين إلى الخارج، وتحرص على ألا تسافر أي سيدة للخارج للعمل في أي مهنة مخالفة".
كما نفت وزارة القوى العاملة والهجرة عودة عمل المصريات فى مهن خادمات، وأكد بيان عن الوزارة عدم صحة ما نشر فى بعض المواقع الإلكترونية حول عودة عمل المصريات خادمات فى بعض دول الخليج.
واتهم البيان وجود عناصر بعينها لاستقاء معلومات مضللة من أجل إثارة الرأي العام . وأكد علاء عوض المتحدث الرسمي لوزارة القوى العاملة والهجرة- أن هذا الخبر عار تمامًا من الصحة وأنه لم ولن توافق الوزارة على رفع الحظر على أي من المهن المحظورة ومن أهمها خادمة ومديرة منزل وكوافيرة وخياطة وسكرتيرة خاصة وممرضة خاصة ومربية نادلة طعام ومن في حكمهن. وأضاف أن هذه المهن لم تحظر من وزير لشخصه بقدر ما هي إرساء لقاعدة عامة تحظر على المصريات العمل بهذه المهن، وأنه لم يحدث أن وافقت الوزارة على تأشيرة واحدة لمواطنة مصرية للعمل كخادمة في أي مكان في العالم، وأن الحظر المفروض على هذه المهن لا يمكن رفعه لأنها تمس كرامة شعب بأكمله خاصة أن هذا الحظر مفروض من قبل الثورة ومستحيل أن نعود إلى الوراء بعدها بالموافقة على مثل هذه المهن.
انتكاسة للثورة وتعليقاً على ذلك قال عبد الفتاح خطاب أمين عام اتحاد العمال، إن عودة المصريات للخدمة فى بيوت الخليجيين انتكاسة للثورة المصرية، ولن نقبل بإهانة المصريين فى ظل سعى مصر لإلغاء نظام الكفيل، مضيفاً: إذا ثبتت صحة الاتهامات، فإن الاتحاد سيدخل فى مواجهة جديدة مع "الأزهرى" ، وأكد خطاب أن الاتحاد رفض طبيعة العمل سابقاً ولن يقبل بعودته من جديد.
من جانبه قال كمال عباس رئيس دار الخدمات النقابية، إن الإخوان حاربوا الوزيرة السابقة عائشة عبدالهادى، بسبب هذه القضية، لكن المصالح جعلتهم يوافقون على ما حاربوه بالأمس .
كما علقت الكاتبة والأديبة فاطمة ناعوت على موافقة حكومة الدكتور هشام قنديل على عودة المصريات للعمل بالخليج في مهن كان قد تم حظرها في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.
وقالت ناعوت عبر تغريدة بموقع التواصل الاجتماعي"تويتر": حكومة مرسي توافق على عمل المصريات خادمات عند الخلايجة!! مبارك رفض إهانة نسائنا ومرسي رحب ووافق.. ألا تكبرون. وأضافت: مرسي عاوز يدخل مصر أي فلوس من أي مصدر ولو من قوت نساء مصر حين يعملن خادمات لدى العقال والشماغ، مش مهم بقى يُستبحن أو يُهن أو يُغتصبن.
مصيبة المصائب كما علق على هذا الأمر أيضا الكاتب خالد إمام خلال مقالته بجريدة "المساء" اليوم الاحد تحت عنوان " خادمات .. في الخليج..!! ..وماذا بعد" قائلا :"لو صح ما نشرته جريدة "الوطن" أمس من أن حكومة هشام قنديل سمحت بعودة المصريات للعمل خادمات في منازل دول الخليج ضمن 16 مهنة اخري كانت محظورة بقرار من عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة قبل الثورة .. فإنها تكون بحق مصيبة المصائب".
وأضاف :"أذكركم وأذكر نفسي بأسباب قرار الحظر كما جاء بالشكاوي المقدمة في ذلك الوقت وهي أن غالبية العاملات في هذه المهن هناك كن يتعرضن للاغتصاب والتحرش والمعاملة المهينة .. بل ووصل الأمر إلي حد تلفيق القضايا والحبس والتنكيل من الكفيل ، كما أذكركم وأذكر نفسي بالطريقة المتدنية التي كانت تساق بها النساء إلي "المذبح" .. وهي أن مصرياً يعمل في هذا البلد أو ذاك ومحسوباً علي الرجال "غلط" وهو في الأصل "قواد" يتزوج صورياً من فتاة أو امرأة لا يهم .. ويستقدمها للعمل خادمة أو كوافيرة أو ممرضة منزلية أو غير ذلك والمبرر هو أن زوجها يعمل فعلاً بذات البلد .. ثم يقدمها هذا "الشهم" صاحب النخوة سواء برضاها أو بغير اتفاق معها إلي الكفيل أو لغيره .. ويتم "تعريقه" وبعدها يقاسمها "دخلها" أو يختفي بالأمر ليبحث عن صيد ثمين آخر..!!!".
وتابع :" نظراً للشكاوي العديدة التي وصلت لوزارة القوي العاملة بعد اكتشاف بعض النساء للخدعة التي تعرضن لها ورفضهن هذه المهانة أو لاختلاف البعض الآخر مع اشباه الرجال الذين تزوجنهم حول النسبة المقتطعة من الدخل .. ونظراً لتركيز الإعلام علي هذه الجريمة .. صدر القرار بحر عمل المصريات في هذه المهن".
وأشار الكاتب في مقالته :"الآن .. تقول جريدة "الوطن" نقلاً عن جاليات مصرية إن الحظر تم رفعه .. وهو ما يعد انتكاسة في مجال حقوق المرأة المصرية وإهانة لها ما بعدها إهانة".
واختتم مقالته قائلا :"أتمني من كل قلبي أن يكون كلام الأزهري صحيحاً .. لأني بصراحة لا أطمئن لأقوال وأفعال ووعود هذه الحكومة إلا إذا أقيم عليها الدليل الذي لا يقبل الشك .. ومبدئياً .. أطالبه بأن يخرج علينا عبر التليفزيون الرسمي وينفي هذه التهمة ليس في مجال الخادمات فقط ولكن في كل المهن المحورة .. وأن يفند القضية كما يحلو له .. لأن رفع الحظر أن صح هو كارثة دينية وقومية وأخلاقية وإنسانية في آن واحد".
وفي النهاية تجدر الاشارة إلى أنه عائشة عبدالهادي واجهت نقداً شديداً من منظمات حقوقية بسبب توقيعها مذكرة تفاهم مع اللجنة الوطنية للاستقدام بالسعودية لتشغيل المصريات في مهن "مديرات منزل" ، إلا انها نفت أن تكون مذكرة التفاهم العمالية بين مصر والسعودية متعلقة بالخادمات من قريب أو بعيد. وقالت عائشة عبدالهادي، في اتصال هاتفي من جنيف لبرنامج "90 دقيقة" علي قناة المحور الفضائية : إن الأمر كله عبارة عن مذكرة تفاهم أو إطار عام لتنظيم استقدام العمالة في سوق العمل السعودية، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بموضوع الخادمات.
وهنا نتساءل هل يمكن أن تعود المصريات للعمل كخدمات بالمنازل في دول الخليج رغم انتقاد ذلك ومنعه قبل قيام الثورة المصرية ؟.