- ماجدة اعتبرت ناصر زعيما والسادات رئيسا - البنا نفى علم شقيقه بالاغتيالات .. وحذر من استحواذ الجماعة - مصطفى محمود يكتب عشر نصائح للرئيس .. ومحمد علي تحول لعبرة - الحراني : الإخوان لا يعرفون ثورة ولا دولة .. والمليشيات حقيقة - أبناء عمر عبدالرحمن : فتاوى اغتيال السادات والتفجيرات ملفقة - مخطط أمريكي لتقليب الإسلاميين وإهدار مصر
حاورته – شيماء عيسى هو حالة صحفية خاصة، استطاع على حداثة عمره أن ينتج عددا كبيرا من الكتب والمذكرات الشخصية للمشاهير ، حتى أن الكاتبة حسن شاه قالت له أن أنيس منصور في شبابه لم يقدم ما قدمته وقد نصحه الكاتب الكبير نفسه بأن يكتب وينتظر رد فعل القراء وليس المال ، لأن الجادين ببلادنا لا يربحون من مداد أقلامهم ..
كان لقاؤنا مع الكاتب الصحفي الشاب "السيد الحراني" سيقتصر على أسرار المشاهير الذين اقترب منهم، ولكن كتاباته في السياسة والفلسفة فرضت نفسها بقوة .. وما بين سيرة الفنانات وسيرة المفكرين وسيرة مصر دار الحوار .. - كيف بدأت علاقتك بكتابة مذكرات المشاهير؟ الحراني : هي فن أحبه منذ بدايتي مع الصحافة لكن حين سافرت للبنان والذي يمتلك صحافة متميزة، شاهدت على مدار ثمانية أشهر أنهم يحتفون بالسيرة الذاتية والمذكرات بنفس قدر الخبر والتحقيق والرأي .. كانت بدايتي مع الفنانة صباح التي سجلت لها عشر حلقات كاملة عن سيرة حياتها وأسرارها.. ومعروف أن صحافة المذكرات مرهقة جدا نظرا لأنك تضطر لبذل جهد مضاعف لإقناع شخصية مشهورة بفتح بوابة أسرارها لك ، وغالبا ما كنت أقوم بذلك بدون تمويل من أي جهة فتزداد الصعوبة .. وبالفعل أتذكر أن تعاقدي مع هند رستم وأحمد الريان فشل لأسباب مشابهة رغم أن وكالة الأهرام للإعلان كانت تدعمني في مرحلة من المراحل ماديا لكن الإغراءات الأخرى كانت أكبر ..
أيضا لكي تصنع صحافة مذكرات محترمة، لابد أن تظل أكثر من سنة في حالة تسجيل على فترات مع الشخصية، ثم تستمع لشهادات معاصريه، وتذهب لتبحث في الكتب والوثائق والصحف ، وهو عمل يستغرق نحو عامين، حتى تتمكن من "طبخ" مذكرات صحفية جديرة بأن تكون عنوانا للحقيقة .. والأهم من ذلك لابد أن تتمتع بالأمانة الكاملة، فمثلا الدكتور مصطفى محمود استأمنني على العديد من أسرار حياته ولم أنشرها مطلقا في الحلقات التي نشرتها صحيفة "المصري اليوم" وتسببت في ارتفاع مبيعاتها كثيرا في ذلك الحين ومولتها وكالة الأهرام لتصبح فيلما تسجيليا لكنه لم يعرض للأسف حتى الآن ..
- كيف كسرت عزلة مصطفى محمود .. وهل يمكن أن نذكر بعشر نصائح أسداها لحاكم مصر ؟ الحراني : كنت قريبا من أبناء العالم الكبير "أمل" و"أدهم" قبل سفري، وحين عدت فكرت أن أبدأ به خاصة لفرادته في عالم الفكر والعلم، وبالطبع كانت محاولاتي تبوء بالفشل إلى أن نجحت ، وقد وجدته بسيطا في حياته ، كان قد ترك زوجته الثانية "زينب" التي ساهمت معه بمهرها في تأسيس جمعيته الخيرية الشهيرة، وعاش عمره متفانيا للعلم ينكب على القراءة والعبادة والتأمل ساعات نهاره وليله ..
.. في كتاب لاحق أسميته "الفيلسوف المشاغب" نقلت ما كتبه محمود لأي حاكم لمصر بضرورة الاستقلال في صنع السلاح ورغيف الخبز لفرض إرادة بلاده، وأن يستعد للحرب بأقصى درجة كي يحقق السلام ، وأن يعتمد على اقتصاد حر موجه ويطلق طاقات بلاده بالمواد الخام وزراعة وصناعة، ودعا محمود الحاكم للتجمع مع الدول الضعيفة ليجلسوا معا على موائد الأقوياء، وأن يحترم أعمدة الحضارة ببلاده وهي المسجد والجامعة والقضاء والبرلمان والمعمل والمسرح والصحافة ، وأن يكفل دولة الشورى والقانون، وينبذ فرض الرأي بالرصاص وهو الذي نكث بأمم معاصرة وسابقة ، أخيرا نصحه بأن يقطع دابر الفتن بالعقاب الحاسم وان يتذكر أن الله يملكه ويملك الأرض ومن عليها .. مشاهير الفن - من واقع مذكرات ماجدة .. كيف وجدتها وكيف كانت علاقتها بحكام مصر ؟ الحراني : بداية هذه الفنانة أنا أعشقها، وقد خصتني بمذكراتها رغم عروض بالملايين عليها من أطراف أخرى لأنها لم تشأ أن تتاجر بحياتها، واكتشفت أن ماجدة شخصية خفيفة الظل "بنت نكتة" كما يقولون لأبعد مدى، وهي لماحة أيضا، لقد عاصرت في طفولتها خروج فاروق من مصر ، واعتبرت أن عبدالناصر زعيما شعبيا لكنه لا يتسم بصفات الرئيس الحكيم التي اتسم بها خلفه السادات، وبخصوص مبارك فهي تعرفه شخصيا من واقع عمل زوجها السابق "إيهاب نافع" معه بالقوات الجوية ، وكانت لها تحفظات على ما يجري في عصره لكن ذلك لا يعني أنها أيدت كل ما جاءت به الثورة .. وبالمناسبة فقد قامت ماجدة في شبابها المبكر بالتمثيل والإخراج والكتابة والتوزيع والإنتاج وخاضت معارك مع النظام حين أمم السينما ، وبالتالي ليس سهلا عليها التنازل عن هذا التاريخ واللهث وراء أعمال لا تضيف لاسمها، خاصة أنها ارتبطت في السبعينيات بأفلام حرب أكتوبر والقضية العربية كدورها في جميلة بوحريد. - عن سعاد حسني ، ما الذي اكتشفته بكتابك "موافي والسندريلا" ؟ الحراني: الحقيقة أن واقعنا كان مؤلما لدرجة أن الرجل الذي يحمل هذا الاسم الحركي منذ كان يعمل بالعمليات القذرة بالمخابرات وهو صفوت الشريف، كان يجبر فنانات على جلب معلومات من مصادر حول العالم بطريق غير شريف، وتورطت عدد كبير منهن بالفعل من صاحبات الأسماء الشهيرة، وقد تسربت مادة تلك الكتاب من خلال جلسات تحقيق أجريت مع السيد موافي بعد نكسة يونيو، وأنا لا أستبعد أن يكون له دخل بمصرعها .. وذكرت أيضا بالكتاب أن الرجل كان يرتضي بأن يقبل أموالا من دولة خليجية كبيرة حتى لا يهاجمها الإعلام المصري وكان منتج شهير يعاونه في ذلك !! مذكرات جمال البنا - جمال البنا .. كيف روى لك نشأته وعلاقته بأخيه مؤسس جماعة الإخوان؟ الحراني : انتهيت من تلك المذكرات قبل رحيل البنا مباشرة ، وقد نشأ البنا بمدرسة كبيرة بلا جدال؛ فالوالد قام عبر ما يزيد عن 50 سنة بترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل، وقام الشقيق حسن ببناء جماعة هزت العالم، وقام الشقيق الثاني عبدالرحمن بتأسيس جمعية الحضارة بالإسماعيلية والتي استعان بها حسن البنا في تأسيسه لجماعته وحشد أعداد المنضمين لها . كان "جمال" معارضا لكثير من ممارسات الجماعة وإن كان متعاطفا مع أهدافها حتى اغتيال شقيقه، وقد ارتبط بعلاقات قوية مع رموز الجماعة . وقال لي أن "عقيدة" الجماعة مختلة، فهي تؤمن بالدين ولا تؤمن بالإنسان الذي من أجله جاء الدين ، كما أنهم يعتقدون أنهم أصحاب الإسلام الكامل وكل التيارات الأخرى إيمانها منقوص ! . . - هل يظن "جمال" أن شقيقه كان له دخل بالاغتيالات السياسية في حياته؟ الحراني : لا . فهو بخصوص الجناح المسلح بالجماعة كان ينظر للأمر باعتباره ضرورة وإلا لانهارت الجماعة في مهدها في ظل ضغوط الإنجليز والقصر والأحزاب ، لكن حسن البنا برأيه لم يعط أمرا صريحا بأي اغتيال سياسي وكان يرفض ذلك، وإن كنت أنا شخصيا لا أميل للاقتناع بذلك! - وبماذا أجابك حول "اجتهاداته" الدينية التي أثارت عليه الهجوم كالحجاب والإمامة ؟ الحراني : أستطيع أن أقول أن تراث البنا كان أعمق كثيرا من تلك الاجتهادات، فقد قدم الرجل "الإسلام هو الحل" وطرح الوثائق الحقيقية للجماعة وغيرها من الكتابات الرائدة الإسلامية، وبالتالي فإنه كان يحزن لتركيز الإعلام على هذه الجوانب فقط التي تعبر عن آراء وليست فتاوى أطلقها حين شعر أن القرآن والسنة الصحيحة لم تقيدها وتركتها مطلقة في حين قيدها فقهاء لاحقين لعهد الرسول (ص) .
التيارات الإسلامية والعنف - ما الذي اكتشفته من أبناء "عمر عبدالرحمن" في حديث السيرة معهم ؟ الحراني : جاء ذلك بكتابي "مصر واللي فيها" وقد أكد نجلا عمر عبدالرحمن أن أباهم داعية وعالم إسلامي اكبر من أن يدعي فصيل إنتمائه إليه، وأنه بريء من فتوى إهدار دم السادات، وكان يرفض تفجيرات سبتمبر بأمريكا، وخروج الجهاد في أفغانستان عن مساره كمقاومة ضد الاحتلال الأمريكي لفكرة الإرهاب الدموي.
- في كتابك "الذات الإخوانية" و"التاريخ الدموي" تطلق سهاما قاتلة على الجماعة .. ما السر ؟ الحراني : وضعت الكتاب الثاني تحديدا لأذكر جماعة الإخوان بأنهم قد حملوا السلاح في الماضي في وجه السلطة حين عارضوها، وبالتالي فلا يمكن أن نصدقهم حين يتهمون المعارضة العنيفة اليوم ..
وقد استعنت في تلك الكتابات بالوثائق الحقيقية للجماعة التي أهداني إياها جمال البنا قبيل رحيله، والتي أنوي نشر الجزء الثامن منها الذي شاركت البنا بإعداده، وأضيف على الوثائق رؤية تحليلية لم يشأ البنا أن يعرضها.
كان جمال البنا يدعو لإعطاء الإخوان فرصتهم للمشاركة مع التيارات الأخرى بالحكم بوسائل ديمقراطية ويحذرهم من الانصياع لرغباتهم الأصيلة في التمكين والاستحواذ على الحكم، لأن ذلك سيكون سبب سقوطهم .. وفي الكتاب نقرأ أن دستور الإخوان الأول لا يضع مكانة للمشاركة النسائية بالمجتمع، وهو دستور يعترف بفكرة "العشيرة" وليس "الوطن" ، ونتعرف من خلال الوثائق على حقيقة التنظيم الدولي للجماعة وإعلاء البنا لشأن أصدقائه فقط.
في هذه الكتابات أيضا أؤكد أن الإخوان فكرهم غير ثوري بالمرة، وهم على استعداد من أجل مصلحتهم للتفاوض مع أية جهة مهما كانت، كما أن لديهم سذاجة واضحة ففي الماضي خدعهم عبدالناصر وأعطاهم وعودا براقة بالتمكين ثم نكل بهم واليوم تفعل أمريكا بهم نفس اللعبة.. - ماذا تقصد بدور أمريكا في دعم الإخوان ؟ الحراني : أمريكا تدعم كل الأطراف الإسلامية تمهيدا لحرب أهلية يحمل فيها الفرقاء السلاح على بعضهم فيسقط الوطن، وهو تماما ما جرى سابقا في أفغانستان وباكستان.. مصر اليوم - ما السيناريوهات التي وضعتها في كتبك الأخيرة لمصر ؟ الحراني : قناعتي الشخصية أن البلد ينهار على يد مرسي وجماعته، ولذلك مظاهر كثيرة من تداعي الأحوال الاقتصادية والسياسية والحريات، فقد وضعوا الدستور وقانون الصكوك وغيره برغم أنف الجميع، وهناك أيضا خطورة تشكيلهم لمليشيات مسلحة نزلت بالفعل في أحداث الاتحادية وهي تعني غياب دولة القانون في فكر الاخوان ..
بناء عليه ، فالفصائل الإسلامية الأخرى ستسعى بالطبع في ظل حالة "اللا دولة " التي نعيشها لتسليح نفسها وربما تعود للعنف كما ذكرت بكتابي "الجماعات الإسلامية من تاني" حيث أطلقوا المراجعات بالأساس تحت ضغط أمني رهيب ، وسيحدث ذلك في الوقت الذي تمارس فيه أمريكا وإسرائيل أدوارهما المألوفة في تأليب كل القوى على بعضها لإشعال الوضع، وفي ظل عدم شعور رجل الشارع العادي بأي تغيير بعد الثورة ؛ فليس هناك عيش ولا حرية ولا عدالة اجتماعية ، وهناك نعرات طائفية وقبلية استيقظت خاصة بالصعيد والدلتا وسيناء وحالة عنف رهيبة تشهدها شوارع مصر كلها .. ماذا نتوقع بعد ذلك؟! هناك خياران؛ إما السيناريو الكارثي بحرب تطاحن أهلية ، أو أن تحدث المعجزة كما جرت ثورة يناير ويجري تطهير لكل الأوضاع الخاطئة .
- لماذا قلت أن كتابك الذي يتحول حاليا لفيلم باسم "الآنسة هيام" مثير للحزن؟ الحراني : الرواية الأصلية للفيلم صاغها الكاتب الصحفي الكبير مصطفى أمين في سجنه، حين أحب أن يوثق لأحداث مصر منذ 1915 وحتى 1930 عبر رواية بطلاها فنانة سينمائية وصحفي شهير، ونكتشف من خلال العمل أن مصر رغم مرور مائة عام لازالت تدور في نفس الفلك بينما تقدمت غيرها من الدول وصعدت القمر، لازلنا في جدل الدستور أم الرئيس أولا، وجدل حرية التعبير الصحفي والفكري، وجدل دور الدولة وصراع الأحزاب ! - تحدثت عن عبرة أليمة لنهاية حاكم قوي بكتابك "فلسفة الموت" فما هي ؟
الحراني : هذا الكتاب تأثرت به بكتاب "الوجودية" لأنيس منصور، ولدينا مثال جيد بخصوص "محمد علي" فالرجل باني مصر الحديثة وكانت تهابه السلطنة العثمانية لفتوحاته بالشام وقوته، وكان في صراع مع نجله إبراهيم وكل منهما كانت عادته أن يجلس ويده في وضع سحب الخنجر استعدادا لأي متربص محيق، هل تصدقون أن الرجل يفاجئه مرض الدوزنتاريا فيتم علاجه بنترات الفضة التي تذهب بعقله، فيهيم في شوارع القاهرة ويتبعه الأطفال ساخرين، ثم يتوسل لنجله "عباس" بألا يفعل به ما فعل أخوه الأكبر ابراهيم وأن يرعاه ولا يقسو عليه !! إنه الموت الذي لا يعرف كبيرا ولا يديم لأحد عرشا ..