- عمار : البنا مجتهد عظيم وقع ضحية افتراء السلفيين - الهلباوي : فقدنا قيمة فكرية إسلامية جريئة - مساعد البنا : أول إسلامي يساهم باتحادات العمل العالمية والعربية - سيف الإسلام : كان رجلا عبقريا .. وأدعو له بالمغفرة كتبت – شيماء عيسى يرقد الآن جثمان المفكر المصري البارز جمال البنا في مثواه الأخير بمدافن العائلة بالسيدة عائشة، بعد أن شيعه العشرات من قيادات جماعة الإخوان وأهله وأصدقاؤه المقربون عصر اليوم من مسجد علي بن أبي طالب بالدقي . ومن بين أبرز المشيعين الدكتور محمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، والذي أم المصلين في الجنازة، وأحمد سيف الإسلام نجل الإمام الراحل البنا مؤسس الجماعة، والدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة ، وحسين السيد مدير مؤسسة الفكر التي أسسها الراحل، والدكتور عمار علي حسن الكاتب والباحث السياسي البارز ، إلى جانب عدد من أفراد الأسرة بينهم الدكتور حسن محمد البنا نجل أخيه والدكتور عبدالباسط نجل أخيه أيضا . وفي تصريح ل"محيط" اعتبر الدكتور عمار أن البنا سوف يعاد اكتشافه من جديد ، وأنه تعرض لافتراءات متعمدة من قبل التيار الديني الوهابي بالتحديد وأتباعه، والذين حاولوا تشويهه وإهالة التراب على منجزه الفكري بالكامل والذي تركه في أكثر من 150 كتابا في مجال الفقه الإسلامي والفكر والعمل النقابي ، وذلك بسبب هنات صغيرة . وعن حياته يقول عمار : كان البنا زاهدا في ملبسه ومأكله تماما، ولم يكن محبا لمتاع الدنيا ، وكان يكتب إلى آخر يوم بحياته بروح شاب صغير ذو فكر متقد، وقد قدر الله أن يموت بعد أن حكمت جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها شقيقه الأكبر، والتي طالما انتقدها ولكنهم لم يستمعوا إليه، وهم يدفعون ثمن ذلك الآن . وبسؤاله أن الكتب التي تأثر بها للراحل، قال عمار أنه أفيد من كتابه الهام "روح الإسلام" ،ومجلداته "نحو فقه جديد" وكتاباته عن الموائمة بين الفكر الإسلامي والنقابي، سواء بكتبه أو مقالاته الصحفية . وبسؤاله عن فتاوى البنا التي أثارت غضب قطاع واسع من علماء الدين ، أكد الدكتور عمار أن تلك الآراء موجودة بكتب الفقه التراثية، وكان البنا مهتما بالنبش في المسكوت عنه دائما لكنه لم يخترع شيئا من عنده ، ثم إنه من لا تعجبه يمكنه الرد عليها بالفكر، لكن استغلال جهل الناس وصعود التيار السلفي لتشويه الرجل فهذا افتراء لا يرضاه من يقدرون قيمة الفكر وأصحابه. الدكتور كمال الهلباوي، أبدى حزنا عميقا حين هاتفناه وعلم برحيل البنا، وقال أنه كان مفكرا ومجتهدا عظيما، يتمسك برأيه غير آبه باعتراض المجتمع عليه، وقدم مجلدات هامة للمكتبة العربية ، من بينها واحدة هامة باسم "من وثائق الإخوان المسلمين المجهولة" ونشرها بالدار التي أسسها باسم الفكر الإسلامي . من بين مساعدي جمال البنا، تحدث إلينا عادل عبدالباري، وقد أكد أن الراحل شقيقا للإمام حسن البنا، ونجلا لعالم الحديث الدكتور أحمد عبدالرحمن البنا الساعاتي، صاحب "الفتح الرباني في تفسير مسند الإمام الشيباني" . نشأ البنا في بيت علم وهمة واكتسب تلك الصفات، ونشأ رجلا عصاميا ثقف نفسه بنفسه ، واعتمد على نفسه في تأليف وترجمة كتب هامة في مجال النقابات العمالية ، وقد ساهم بنشاط وافر في منظمتي العمل الدولية والعربية وترك مؤلفات هامة في هذا المجال ، وكان أول مفكر إسلامي يخوض هذا المجال الذي كان حكرا في العالم العربي على اليساريين . يضيف عبدالباري : البنا صاحب الدكتور أحمد عبدالعزيز في تأسيس الاتحاد العالمي للعمل ، والمعهد الملحق به والذي درس به ، وقد صاحب أبرز القيادات السياسية والفكرية ومنهم الدكتور محمد حلمي مراد وأسسا معا المؤسسة العمالية . كما ساهم البنا في مجال الفقه بموسوعته الشهيرة، ويعد امتدادا لمدرسة تجديدية قادها من قبله الإمام محمد عبده ، وكان فاعلا في كافة المنظمات الحقوقية بالقاهرة كمراكز "القاهرة" و"بن خلدون" ، وكان دائما يؤكد أن الأمم الأوروبية تقدمت بالعمل بينما نحن أجدنا الكلام ! وبسؤاله عن مواقفه الأخيرة من النظام، أكد أنه كان يريد من الدكتور مرسي، الذي أيده في بداية حكمه، أن ينهض بمصر من خلال كل التيارات وليس تيار واحد بعينه . أخيرا ، أكد أحمد سيف الإسلام نجل الإمام حسن البنا ل"محيط" أن جمال البنا كان شخصية عبقرية وقدم الكثير لمصر في المجال الفكري والعمالي والسياسي وكان موسوعة كبيرة ، ودعا الله أن يغفر له معتبرا أن بعض الآراء الشخصية التي أبداها لن تؤثر على النظر لمنجزه الهام . وأكد سيف الإسلام أنه كان يزور البنا بمنزله ويطلع على مكتبته السامقة باستمرار .
خلفية ..
أصدر جمال البنا كتابه الأول عام 1945 عن الإصلاح الاجتماعي، وتلاه بكتاب "ديمقراطية جديدة" حاول فيها تقديم فهم جديد للقرآن ، ثم في الخمسينات صدرت له أعمال أبرزها "مسئولية الانحلال بين الشعوب والقادة كما يوضحها القرآن" ، وعارض ثورة ناصر واعتبرها انقلابا وبدا ذلك بكتابه "ترشيد النهضة" ، ثم اتجه البنا نحو الحركة النقابية وحاول ربطها بالفكر الإسلامي، وساهم بالثمانينات بتأسيس الاتحاد الإسلامي الدولي للعمل .
بعدها أصدر البنا كتابات هامة أهما "روح الإسلام" و"الأصلان العظيمان الكتاب والسنة" و"نحو فقه جديد" ، وقد تعرض لمصادرة عدد كبير من كتبه بسبب آرائه المثيرة للجدل والتي أغضبت عددا كبيرا من الباحثين الإسلاميين والدعاة، بسبب اعتراضه على التفسيرات الفقهية المعتمدة بمناهج أهل السنة والجماعة ودعوته لوضع فقه جديد .
رحلت زوجة البنا في نهاية الثمانينات، فحول شقته لمكتبة تضم نحو 15 ألف كتاب عربي، وثلاثة آلاف كتاب بالإنجليزية وبعض الموسوعات ، وقد وضع المؤلف نحو 150 كتاب في مجالات الفقه والسياسة والعمل النقابي والمرأة .