قليلون هم فى تاريخ مصر من استطاعوا حفر أسمائهم فى ذاكرة المصريين.. موقف أو حادث أو عبارة يمكنها أن تنقل صاحبها من صف المغمورين إلى قلة المشاهير.. لكن أن تولد مشهورا ومقدرا لك أن تكون سببا فى إثارة الجدل طوال الوقت فهذا نادرا ما يحدث.. جمال البنا المفكر الإسلامى رجل قلما تجود بمثله الأوطان.. عبر 93 عاما استطاع أن يكون حجر زاوية فى تاريخ مصر.. عاصر شقيقه حسن البنا عندما كان يؤسس لجماعة «الإخوان المسلمون» لكنه لم يتأثر بدعوته.. اختار أن يكون مجددا لا مقلدا.. يعبر عن فقه جديد يتوافق مع روح العصر.. هكذا كان يراه وإن كانت آراؤه سببا فى تفجير أزمات النقد والجدل.. فتاواه قنبلة موقوتة سرعان ما تجذب علماء الدين للتشكيك فيها ونفيها.. يرى نفسه رمز للإصلاح الدينى بينما يراه علماء الدين مخرفا.. لكن ما بين وجهتى نظر لا بد أن تكون هناك مساحة للتوافق.. لا يسعك إلا أن تحترم آراءه وتفكيره، كيف لا وهو الأمى الذى اكتفى بتعليم نفسه بنفسه بعد أن ترك التعليم ومعلميه.. جمال البنا جزء من تاريخ هذه الأمة ربما يكون قد فارق عالمنا لكنه أبدا لن يفارق عقول وقلوب المصريين.. رحل البنا عم جماعة «الإخوان المسلمون» شقيق مؤسسها، كان وسيظل رغم غيابه العدو اللدود لجماعة كانت تنتظر منه أن يكون جزءًا منها. *حياته شقيق الإمام حسن البنا.. ترك المدرسة بعد «خناقة» مع أستاذ اللغة الإنجليزية واختار الطريق الصعب بتعليم نفسه بنفسه جسده النحيل حرمه من اللعب مع أطفال الشارع فى زقاق القاهرة.. ومات دون أن يحقق حلمه بركوب «العجلة» فى الخامس عشر من ديسمبر عام 1920 اختار الحاج عبدالرحمن البنا اسم «جمال» لأصغر أبنائه الذكور المولود حديثا.. اختار البنا الكبير هذا الاسم تيمنًا بجمال الدين الأفغانى، أحد أبرز أعلام الفكر الإسلامى المُجددين.. ولد جمال أحمد حسن البنا الساعاتى بالمحمودية بمحافظة البحيرة. والد جمال البنا أحد كبار علماء الحديث ومؤلف كتاب الفتح الربانى. انتقل البنا الصغير، ذلك الفتى الهزيل النحيل، مع عائلته إلى زقاق القاهرة، وكان حجمه الصغير سببا فى عزلته فلم يستطع يوما اللعب مع رفقاء سنه، فالبنا حتى مماته لم يستطع ركوب الدراجة رغم أنها كانت حلما من أحلام الطفولة، وبالتالى كانت القراءة هى المتنفس الوحيد أمامه فانطوى على نفسه واختار أن يبحر بين صفحات كتبه. أما علاقته بالمدارس فانتهت بعد خناقة مع أستاذ مادة اللغة الإنجليزية اختار بعدها أن يعلم نفسه بنفسه، ويثقف نفسه حتى أصبح بارعا فى اللغات الغربية وفقيها يواجه كبار علماء الدين. بعد وفاة والده، استقر البنا فى القاهرة، بمنطقة العباسية وتحديدا فى شارع بورسعيد بمنزل قديم.. منزله عبارة عن كتب مرصوصة على كل الجدران، وكان دائم الجلوس خلف مكتبه متواريا وسط أكوام من الأوراق والمجلات والصحف القديمة أمامه. يصف البنا علاقته بأخيه بأنها كانت «جدلية»، وكان يقول عن أخيه الأكبر الإمام حسن بأنه كان يرى السياسة بعيدا عن عمل الإخوان، وقال جمال عن مؤسس جماعة الإخوان أنه كان يكره الأحزاب لأنها دائما تسعى إلى مصلحتها الخاصة على المصلحة الوطنية، وأن كل همها الحكم. جمال البنا رفض الزواج بعد وفاة زوجته عام 1987 مفضلا أن يسخر ما تبقى من عمره فى القراءة وتأليف الكتب.. وكان كتاب «ثلاث عقبات فى الطريق إلى المجد» أول كتاب يصدره البنا عام 1945، تلاه فى عام 1946 كتابه الثانى «ديمقراطية جديدة» ثم توالت مؤلفاته فى الصدور حتى تجاوزت ومترجماته ال150 كتابًا. لكن دائما ما كانت مؤلفاته سببا فى إثارة الجدل وتتطور الأمور دوما إلى حد تكفيره ووصفه بالمخرف. نازعه المرض وظل يقاومه حتى استنفد قواه، عاش حياته مجادلًا لشقيقه الأكبر، صامدًا أمام آراء الأخير حتى بعد وفاته، وعن عمر يناهز 93 خريفًا، رحل المفكر الإسلامى جمال البنا، الشقيق الأصغر لحسن البنا، مؤسس جماعة «الإخوان المسلمون»، تاركًا ميراثًا من المؤلفات وآراء اتسمت بالجدلية، هى حصيلة عقود من الانخراط بالسياسة المنغمسة فى الدين. توفى البنا فجر الأربعاء 30 يناير 2013، فى مستشفى الزراعيين بالدقى، بعد إصابته بنزلة معوية حادة تركت مياه على الرئة، وشيع جثمانه من مسجد على بن أبى طالب، وتلقى عزاءه أحمد سيف الإسلام حسن البنا مودعا هو وآلاف المصريين رجلا آثر أن يموت جدلا. *أسراره وأفكاره السياسية علاقته بأتباع شقيقه ظلت متوترة طوال الوقت.. ويرى أن الإخوان لا يعملون بمنهج مؤسسها فى الإصلاح ويتعاملون بانتهازية جمال البنا: الجماعة بعد حسن اتجهت نحو العنف لا العقل ونجح التيار القطبى فى السيطرة عليها.. وأزمتها فى مهادنتها الدائمة للسلطة طوال الوقت كانت آراء جمال البنا جدلية على الشقين السياسى والدينى، أما السياسى فكان يرى أن جماعة «الإخوان المسلمون» لا يعملون بمنهج مؤسسها حسن البنا فى الإصلاح، وأنها تتعامل بانتهازية، وكان يقول: «الإخوان تخلوا عن نهج حسن البنا، ولم يحاولوا تجديد فكره، فبعد وفاته أصبح الجو يحكمه العنف وليس العقل، وفى ظل هذا المناخ نجح التيار القطبى بفكره ونهجه، حتى بدأت الجماعة الإسلامية فى عمل مراجعاتها الشهيرة فى تسعينات القرن الماضى». «أنت تكدح فى أرض صخرية صلدة، ونحن لدينا حدائق تثمر أشجارها فواكه تتساقط وتحتاج لمن يلتقطها».. كانت هذه العبارة التى حاول بها الإمام حسن البنا استقطاب شقيقه الأصغر «جمال» حين رفض الانضمام لجماعة «الإخوان المسلمون» فى بداية تأسيسها. ومنذ ذلك الحين، والبنا الصغير، يواجه رفاقه بآرائه الجريئة والمعارضة، التى أثارت عليه جدلا كبيرا ، كان يرى أن جماعة الإخوان مهادنة «أكثر من اللازم» مع الحكام، ورغم خلافه مع حسن البنا، فإنه لم ينكر عليه «معجزته» التى مكنته من تأسيس جماعة إسلامية تمتد جذورها لربوع العالم. كانت علاقة جمال البنا بشقيقه الأكبر حميمة بما فيها من «جدلية» نشأت من اختلاف الطبائع بينهما، ويقارن جمال بين حياته وحياة أخيه الذى كان الأكبر وحظى بحب أبويه وتربى فى الهواء النقى بالقرية كما تمتع بصحة جيدة ، بينما على العكس عانى «جمال» من غياب كل ذلك وقد شهد صباه فى حوارى القاهرة. ورغم شهرة جماعة الإخوان لم يتحمس الشقيق الأصغر للانضمام إليها، وكون حزبه الخاص، الذى مابرح أن فشل بعد عامين من التأسيس. مع ذلك ظل حسن البنا مهتمًا بأمر شقيقه، ويوكل إليه مهمة متابعة مطبعة الجماعة ليكتسب منها خبرة، وهو ما وافق عليه البنا الصغير لرغبته فى أن يصبح كاتبا.. وقد تحدث بعض رفاق جمال فى المطبعة مع أخيه الأكبر عن أنه يترك الصلاة وينشغل بالعمل ، فكان رده : «اتركوه وشأنه». تأثر جمال بوالده الراحل أحمد حسن البنا الساعاتى، عالم الحديث، الذى خصص 35 عاما من حياته يكتب سيرة ابن حنبل، وأعجب البنا أيُّما إعجاب بفكر والده الذى يميل لفقه السُّنة وليس «فقه المذاهب» الذى يؤسس للتفرقة بين المسلمين، وكذلك صفاته العصامية، وعهد البنا فيما بعد بكتاب لتخليد ذكرى والده وشقيقه الأكبر باسم «خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه» جمع فيه قرابة عشرة خطابات أرسلها حسن البنا إلى والده يبدأ أولاها سنة 1926، أى قبل التخرج، وآخرها سنة 1945 ، وهى خطابات شخصية جدّا، ولكن جمال البنا وجد فيها شيئا يستحق أن ينشر ويعلن. عن رؤية الدين لدى والد البنا وشقيقه قال « كان الإسلام لدى الشيخ أحمد البنا وحسن البنا شيئا غير الإسلام الشائع «إسلام المذاهب» الذى يدعو له الأزهر، والذى يفرق المسلمين ، وأن الإسلام كان بعيدا عن الحياة العامة، وعلى حد قول جمال البنا فقد أضفى كل منهما من فهمه للإسلام صفة الموضوعية، والأصالة، وإغفال الاختلافات المذهبية الصغيرة، وإعمال العقل والفكر. جمال البنا أصدر كتابًا بعنوان «ما بعد الإخوان المسلمين» عرض فيه لعمل حسن البنا، ودوره التاريخى ومواقفه وسياساته التى لا يمكن أن تفهم على حقيقتها إلا فى ضوء ما بينه من ملابسات، ودافع عنه وبرّأه مما يرميه به البعض ممن لا يلم بما ألم به جمال البنا. الغريبة أن جمال البنا كان ينظر لحياة الجامعة والعمل وتكوين الأسرة كما لو كانت حياة برجوازية، وفضل أن يسير بطريق مغاير. انتهت علاقة جمال البنا بشقيقه الأكبر عندما اعتقل يوم 8 ديسمبر سنة 1948، وظل بالمعتقل حتى سنة 1950، فلم يحضر الأيام المأساوية الأخيرة لشقيقه، ولا كيف استشهد، ولا كيف خرجت جنازته، لا يسير معها إلا الوالد وسيدات الأسرة، فقد كان بعيدًا جدّا عن القاهرة. كان الدرس الذى استفاده جمال البنا فى الأيام الأخيرة له فى صحبة الإمام البنا، أن الداعية إما أن يكون منظمًا، وإما أن يكون منظرًا، وأن الجمع بينهما ينتهى بالفشل، وأن حسن رغم قدرته التنظيمية لم يستطع أن يكون نظرية محكمة، ورأى أن النظرية تتطلب تركيزًا تاما قدر ما تتطلب «عمرًا» تنضج فيه «النظرية». فقال جمال: انعكس هذا النقص على فعالية التنظيم الإخوانى باستثناء بعض الجوانب التربوية، مع أن فكرة حسن البنا عن الإسلام كمنهج حياة كان يمكن أن تكون قاعدة لنظرية شاملة تتناول مواقف الإسلام من كل ما يعتور المجتمع أو يؤثر فيه أو عليه. وكان جمال البنا بطبيعته نقيض الإمام البنا، وانتهى إلى ضرورة الاكتفاء بالتنظير، دون أن يعنى بالتنظيم، وتعمقت هذه الفكرة فى ذهنه إلى درجة جعلته يرفض تكوين مؤسسة من أى نوع تضم شمل المؤمنين بدعوة الإحياء. قرأ جمال البنا فى الأدب الغربى، قرأ ل «تولستوى» و«ديستوفسكى» و«أندريه جيد» وغيرهم، وبعدها انتقل إلى الأدب الشعبى مثل «ألف ليلة وليلة» و«ذات الهمة» و«سيف بن ذى يزن» التى أعجب بها. أما بالنسبة للشعر فإنه قرأ المعلقات وقرأ «المنتخب فى أدب العرب»، ديوان المتنبى والشوقيات بأجزائه الثلاثة. وقرأ فى الأدب العربى لطه حسين والعقاد وهيكل وتوفيق الحكيم ولكنه لم يعجب بأسلوب طه حسين ولا بأسلوب العقاد، وكان فى طبع جمال البنا ككاتب عرق فنى جمالى، فأعجب بأسلوب هيكل وتوفيق الحكيم لأنه عنى بالقضية الدينية. وألمّ بالأدب والتاريخ الإغريقى، وقد تجاوب مع سقراط وأفلاطون ولكنه شعر بالعزوف عن أرسطو. فى الخمسينيات والستينيات كان جمال البنا يقرأ كتابًا عربيًا كل يوم وكتابًا إنجليزيًا كل يومين أو ثلاثة. وخلال هذا الطواف الثقافى وقف جمال البنا أمام فئتين هما النساء والعمال وكانتا أكبر فئات المستضعفين والمستذلين، فدرس حركة الفيمنزم فى بريطانيا واهتم بقضية المرأة والعمال كثيرا وخصص لهم قدرا كبيرا من كتاباته. من هنا توقع جمال أن يكون كاتبًا ، وأن يجعل من الكلمة المكتوبة أداة كفاحه ودعوته، وشجاعته، وتحدث جمال على أن قدرته فى الكتابة فاقت قدرته كمحاور وخطيب لأنه ليس لديه قبول ولا سرعة بديهة، وكان يقول إن أزمته هى: «أنه كاتب فى شعب لا يقرأ»، و لكنه ظل يعتقد أن الكتاب يخلد للأجيال القادمة. البنا فى دعوته يرفض المهادنة، ولا يتخلى قيد أنملة عما يؤمن به، فانتقد فقهاء التقليد، كما انتقد أدعياء التنوير، فخسر الفريقين، وكان هذا الموقف سببًا لأن تتجاهله كل المعسكرات سواء فى كتاباتها أو فى نشاطاتها لأنه سبق أن هاجمها. *فتاواه كل فتوى أصدرها كانت سببا فى الهجوم عليه وتكفيره.. ورؤيته للدين من باب فقه التجديد إباحة تدخين سيجارتين فى رمضان وتقبيل الشاب للفتاة وإمامة المرأة للرجل فتحت عليه أبواب النقد والسب أحيانا اعتاد الناس أن يكون من يتصدى للحديث عن الإسلام شيخ وقور يضع على رأسه (عمامة) إذا كان مصريّا أو (غطرة) إذا كان سعوديا ، ويتشح بجبة أو عباءة، ويحمل جبينه (زبيبة الصلاة)، ويمسك فى يده سبحة، ويبدأ حديثه بالبسملة والصلاة على الرسول وجمل أخرى طويلة ، لهذا كان ظهور جمال البنا فى هذا المجال صدمة للبعض، وأمرًا غير مفهوم للآخرين، فهو حليق الذقن، عارى الرأس، لا يحمل جبينه زبيبة الصلاة، ولا يمسك فى يده سبحة، ولا يبدأ حديثه بتلك الجمل الطويلة الممطوطة المألوفة، وهو لا يلبس جبة كالشيوخ، ولا بدلة كسائر الناس، ولكنه يلبس زيًا موحدًا فريدًا ولم تطأ قدمه يوما الأزهر. لم يُعن جمال البنا بالشهرة، وكان يعمل وحيدًا بعيدًا عن الأضواء ، كما أنه لم يشغل منصبًا مهمّا ووظيفة بارزة ، ولم يذكر اسمه بالصحف أو الإذاعة، وبدا لهم كما لو أنه سقط عليهم من السماء أو انشقت عنه الأرض، فلم يكن غربيًا أن ينعكس ذلك على شعور الناس نحوه، وتجلى هذا فى التخبطات التى أحاطت به رجمًا بالغيب ما بين أنه شاب قليل الخبرة وشيخ مخرف، وأنه علمانى، وأنه هاوى شهرة، ويثير بلبلة وكتب إليه أحدهم فى البريد الإلكترونى، قبل أن تتحدث فى الدين: (ربى ذقنك). رد جمال البنا عندما لمس هذه الآثار السيئة على الدعوة التى ينادى بها كان تعريف الجمهور عليه، وإن كان قد فضل أن يتحدث بضمير الغائب لا بضمير المتكلم لأنه كما قال: طبعى ينفر من الحديث عن نفسى، بل إنه يستعصى علىَّ، ولأن القضية أصلاً قضية موضوعية والحديث عن النفس لابد أن يلقى ظلالاً ذاتية عليه، ولأن الكتابة بضمير الغائب تطلق المجال لدى القارئ فى حين أن الحديث بضمير المتكلم يغلق الباب. يرى جمال البنا أن المرأة لها حق الإمامة من الرجال إذا كانت أعلم بالقرآن، كما أفتى بأن الحجاب ليس فرضا على المرأة، وأن القرآن الكريم خص به نساء الرسول محمد، وأن الارتداد من الإسلام إلى اليهودية أو المسيحية لا يلزم عليه حد القتل، وأن التدخين أثناء الصيام لا يبطل الصوم خصوصا لغير القادرين عن الإقلاع عنه، وأنه يباح للصائم تدخين سيجارتين خلال نهار رمضان كاستنشاقه دخان عوادم السيارات وغبار الشوارع. كما يذكر جمال البنا أنه لا يجوز للرجل أن يطلق زوجته منفردا، وذلك كونه تزوج منها بصفة رضائية وبالتالى يتوجب الطلاق رضا الطرفين واتفاقهما لكى يتم الانفصال. ويقول بجواز تبادل القبلات بين الجنسين. ووسط كل هذه الفتاوى المثيرة للجدل أسس جمال البنا دار الفكر الإسلامى لتكون منبره. محطات وشخصيات فى حياة جمال البنا.. - عندما خرج من المعتقل فى أوائل 1951 اشترك فى تحرير مجلة «الدعوة» التى كان يرأس تحريرها صالح عشماوى بصفة رسمية كمحرر يتقاضى أجرًا شهريًا ثابتًا، وكان يكتب بها الأستاذ سيد قطب والأستاذ أنس الحجاجى وغيرهما، وكان جمال البنا يحرر صفحتين منها واحدة للعمال وأخرى للأحداث العامة. - فى أحد أيام 1951 عقب الإفراج عن جمال البنا زاره الأستاذ أحمد حسين رئيس مصر الفتاة التى كانت قد تحولت إلى «الحزب الاشتراكى» ، وعرض عليه العمل معه فى الحزب، فأوضح له أن مبدأه المقدس هو عدم الانخراط فى أحزاب لكنه كوَّن قسمًا بالحزب باسم «خدمة الشباب»، وكان يكلف الشباب بمطالعات وبزيارات ونشاط. - سنة 1978 سافر إلى جنيف كل شهر يونيو ليشهد انعقاد مؤتمر العمل الدولى، وكان خلال إقامته ينزل ضيفا على زوج الابنة الكبرى للإمام الشهيد حسن السيدة وفاء، الدكتور سعيد رمضان فى جنيف، وكان منزل الدكتور سعيد ملاذا لكل الشخصيات الإسلامية الكبرى التى تمر بجنيف، وقد تعرف جمال البنا عنده فى إحدى المرات بالشيخ عمر عبدالرحمن وتحدثا مليّا.. ويذكر جمال البنا أنه قال إن تعدد الزوجات كان فى نظره (أى الشيخ عمر) هو الأمر المقرر فى الإسلام، وضرب المثل بأنه لا يعرف صحابيّا كان له زوجة واحدة، ومرة أخرى تعرف فيها على الأستاذ إبراهيم الوزير قائد أحرار اليمن ، وابن زعيم ثورة الدستور وشهيدها سنة 1946 الذى كان قد قرأ كتاب «الدعوات الإسلامية المعاصرة ما لها وما عليها»، وأبدى دهشته واستنكاره لعدم مساندة الإخوان لجمال البنا، وقد استمرت علاقة جمال البنا القائمة على التقدير المتبادل بينهما. اقرأ مقالة الدكتور "عمار على حسن" عن "جمال البنا" بعنوان "جمال البنا.. «الزاهد» عاش ومات غريبا.. فطوبى للغرباء" ..على الرابط التالى elsaba7.com/articledetails.aspx