جاء توصية هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا أمس الأربعاء، بحل جماعة الإخوان المسلمين، لعدم وجود كيان قانوني منذ تأسيسها ، ليقلب الحسابات رأساً على عقب ، ولكن يبدو أن الجماعة أخذت حذرها قبل أيام وذلك من خلال تقنين أوضاعها وفقا لقانون الجمعيات الأهلية ، وكأنها كانت على علم بهذا الحكم مسبقاً. يأتي ذلك رغم موقف الجماعة من قانون الجمعيات الاهلية ، حيث أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين ذكرت في تصريحات سابقة رفضها لقانون الجمعيات الأهلية الحالي .
ورغم حظر الجماعة سمح لها بنشاط محدود في عهد الرئيس السابق حسني مبارك الذي استمر 30 عاما وفي عهد الرئيس الراحل أنور السادات الذي استمر نحو 10 سنوات. وأثارت توصية هيئة مفوضي الدولة بعدم قانونية ردود أفعال مختلفة بين القوى السياسية المختلفة.
منذ 36 عاما والطعن على حل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها دعوى قديمة منذ سنوات ، أقامها مرشد الإخوان الأسبق عمر التلمساني 1977، قبل وفاته، للطعن على قراري مجلس قيادة الثورة عام 1954 بحل الجماعة.
واعتقد البعض أن هذه القضية ماتت مع مقيمها التلمساني، إلا أنها كانت داخل أروقة هيئة المفوضين، حيث انه بعد وفاته، تولى مهمة الطعن بدلا منه كل من خليفته المرشد الأسبق محمد حامد أبو النصر والدكتور توفيق الشاوي أحد قيادات الإخوان، حيث طعنا على القرار بالحل والمصادرة، إلا أن المحكمة أصدرت حكمها 1992 بعدم قبول الدعوى، في ظل دستور 1956 والذي حصن قرارات مجلس قيادة الثورة 1954.
إلا أن أبو النصر والشاوي لم ييأسا عند هذه القرار، وأقاما طعنا آخر أمام المحكمة الإدارية العليا، وتم إيداع تقرير هيئة المفوضين منذ ساعات، والذي جاءت توصياته كالتالي: "انقطاع سير الخصومة بسبب وفاة مقيمي الطعن أبو النصر والشاوي، وتأييد حكم القضاء الإداري لسنة 1992 بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة، حيث انه من شروط إقامة الدعوى ن يكون مقيمها ممثلا قانونيا لهذه الهيئة أو الشخصية الاعتبارية، وان تكون الهيئة ذاتها لها شكل قانوني.
وأوصى التقرير، بان مقيمي الدعوى ليسا ممثلين قانونين لكيان قانوني قائم، فالإخوان المسلمين ليسوا كيانا قانونيا، لأنهم لم يقننوا أوضاعهم، ولا يجوز لأحد أن يمثل كيانا غير قانوني.
كما جاء في التوصيات بقبول الطعن شكلا، وعدم جواز نظر الدعوى، لان دستور 1956 نص على تحصين قرارات مجلس قيادة الثورة، وبالتالي لا يجوز الطعن على قراري حل الجماعة، ليأتي تقرير هيئة مفوضي الدولة للمحكمة الإدارية العليا بأن جماعة الإخوان المسلمين ليس لها أي وجود قانوني.
من الجماعة للجمعية إلا أن الجماعة أعربت عن دهشتها من إصدار تقرير في قضية متداولة في المحكمة من عام 1992 وقام الإخوان المسلمون برفعها ، حيث اعتبر محامي الإخوان عبد المنعم عبد المقصود أن توقيت إعلان التقرير لتهيئة الأجواء لما قال عنه "حالة العنف ضد الجماعة التي يروج لها البعض يوم الجمعة المقبل". وقال محامي الجماعة لوكالة "رويترز" للانباء :"يعتبر هذا تأجيجا للدعوات للعنف التي يروج لها البعض الجمعة المقبلة" ، إلا أنه أكد أن الجماعة قامت بتوفيق أوضاعها القانونية طبقا للقانون الحالي ، حيث أنشأت جمعية خيرية برقم إشهار644 لسنة2013 .
وأضاف عبدالمقصود أن هذا الإشهار لن يضيف لشرعية الجماعة ولن ينتقص منها وأنها اكتسبت شخصية قانونية لا يستطيع أحد أن يسلبها إياها بعد تأسيسها عام 1928, وفقا للقانون, وصدرت أحكام قضائية سابقة نهائية تؤكد شرعيتها. وأوضح عبدالمقصود أن تقرير هيئة مفوضي الدولة, الذي صدر أمس ورد علي غير محل لن يقدم ولن يؤخر, بعد قيام الجماعة بإشهار جمعيتها الجديدة ذي الكيان القانوني الجديد من خلال رقم إشهار في الوزارة.
وأكد الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة ان جماعة الإخوان المسلمين تم تسجيلها كجمعية أهلية برقم 644 لسنة 2013 وفقا لقانون الجمعيات الأهلية رقم 84 لسنة 2003 وبالتالي المفروض أن تشترك معنا في الدفاع عن حق التنظيم وأن يكون لدينا قانون الجمعيات لتحرير العمل الأهلي في مصر.
ليس حكماً وفي الجماعة هناك من يرى أن ما صدر من هيئة مفوضي الدولة بشأن حل جماعة الإخوان المسلمين ليس حكمًا قضائيًا، ولدينا المئات من الأحكام عبر مسيرة قانونية تمتد لعقود طويلة تثبت وجود كيان الجماعة.
وقال الدكتور أحمد عارف المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين خلال مداخلة هاتفية مع قناة "الجزيرة" :"إن الجماعة تعمل فى وضح النهار، وليس لديها ما تخفيه بدءًا من وصفها بأنها هيئة إسلامية منذ عام 1954، وانطلاقتها فى خضم دستور عام 1923، ومرورًا برحلة طويلة من العمل العام لصالح مصر". وأضاف: على الرغم من أن هذا القرار ليس بالحكم القضائى ولكنه يضع علامات استفهام لأن هذا الأمر مرفوع منذ أكثر من 22 عامًا، ثم يصدر الآن فى توقيت حساس، لافتًا إلى أن هناك رغبة بوجود هذا الجدل فى قضايا الوطن المختلفة، والجماعة فى انتظار حكم قضائى يوم 26 من مارس الجارى.
وأكد على أن الجماعة على استعداد تام لتوفيق أوضاعها وفق القانون طالما أن النظام القمعى رفعت قبضته عن مصر وانطلقت الحريات، موضحًا أن الجماعة تريد توفيق أوضاعها وفق قانون يتم إصداره لكافة الكيانات الأهلية.
وأشار إلى أن القانون الموجود حاليًا أمام مجلس الشورى والخاص بالكيانات الأهلية هو نفس القانون الذى طرح من قبل على مجلس الشعب، وتم إقراره من قبل لجنة ليس بها سوى 5 أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين. وأوضح أن الجماعة لديها أحكام منذ النظام السابق تنفى كافة التهم المنسوبة للجماعة والخاصة بغسيل الأموال والتمويل الخاص بها. وأكد على أنه فى حالة صدر قرار بحل الجماعة خلال جلسة 26 مارس فمن المؤكد أن هناك قرارات سيتم اتخاذها.
لم نطلب الحل يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت جبهة الانقاذ الوطني، ان الجبهة لم تطلب حل جماعة الإخوان المسلمين لكنها طالبت دائما بتقنين أوضاعها، مشيرا إلى أن تقرير هيئة المفوضين الذى يوصى بتأييد حل جماعة الإخوان المسلمين، غير ملزم للمحكمة ولها الحق أن تأخذ به أو لا.
فمن جانبه، قال عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى والقيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى ، أن حل جماعة الإخوان المسلمين سيسبب أزمة كبيرة فى مصر، مشيرا إلى أنها أكبر جماعة سياسية موجودة والأفضل أن تقنن أوضاعها وليس أن تحل.
بينما قال وحيد عبد المجيد، القيادى بجبهة الإنقاذ الوطنى، إنه لم يعد هناك مجال للجدل حول ضرورة أن تقنن جماعة الإخوان المسلمين أوضاعها، بشرط ألا يفصّلون قانونا خاصا لهم ، مشددا على أنه يجب أن يكون القانون الذي سيقننون أوضاعهم وفقا له مماثل لما هو فى جميع دول العالم وفقا لقواعد الجمعيات الأهلية.
من جانبه أكد سيد عبد العال رئيس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، أن توفيق الوضع القانوني لجماعة الإخوان المسلمين وفقاً لقانون 84 لسنة 2002، "تلاعب بالقانون" لأن الجماعة ليست دعوية وليست سياسية، ولكنها تدخل السياسة في الدين، وبالتالي لا تندرج تحت قانون الجمعيات الأهلية لأنه يمنع الجمعيات من الاشتغال بالسياسة، على حد تصريحه.
وأضاف عبد العال، في تصريحات لبرنامج "الحياة اليوم" على قناة "الحياة" الفضائية مساء الأربعاء، أن الجماعة لا تتمتع بأي شفافية في أوضاعها المالية، متوقعاً أنها ستظل "تراوغ" حتى يصدر مجلس الشورى القانون الجديد للجمعيات الأهلية .
كما علق النائب السابق حمدي الفخرانى على تصريح عبد المنعم عبد المقصود محامى الإخوان المسلمين بأنهم قاموا بتقنين أوضاع الجماعة طبقا لقانون الجمعيات الأهلية الحالي، قائلًا: إذا صحت تصريحات عبد المقصود سوف نقوم بحل الجماعة بأقل جهد.
وأكد الفخرانى : "سوف أقوم برفع دعوى قضائية غدًا ضد الجماعة، للمطالبة بحلها لقيامها بممارسة العمل السياسي، وهذا في حال ثبوت صحة تصريحات محامى الجماعة". وأضاف الفخرانى :"سوف أقوم بتقديم طلب لمعرفة أسماء أعضاء مجلس الإدارة ورقم حساب الجماعة في البنك لمعرفة الإيرادات والمصروفات، وهل تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات أم لا؟".
مصير مجهول وبعد صدور قرار بحل الجماعة، هناك تساؤلات حول مصير حزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين ، هذا الحزب الذي تأسس بعد الإطاحة بمبارك في انتفاضة شعبية ، فبعد أيام من اندلاعها مطلع عام 2011 أسست الجماعة حزب الحرية والعدالة وهو أول حزب تؤسسه في تاريخها وكسب مختلف الانتخابات التي أُجريت منذ الإطاحة بمبارك لكن المعارضة للجماعة تصاعدت وسط اتهامات لها بالاستئثار بالسلطة. وكان الرئيس محمد مرسي أول رئيس لحزب الحرية والعدالة واستقال من رئاستة للحزب بعد انتخابه في يونيو حزيران ، وقد تم رفع دعوى قضائية تطالب بحل هذا الحزب بالاضافة إلى دعوى لحل حزب "النور" السلفي .
ومن المفترض أن يتم نظر تلك الدعاوى وتحديد مصير حزبي الحرية والعدالة والنور الشهر القادم ، حيث قررت دائرة الأحزاب السياسية بالمحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار غبريال جاد عبد الملاك رئيس مجلس الدولة تأجيل الدعوى التى تطالب بحل حزبى الحرية والعدالة والنور ذوى المرجعيات الدينية والمؤسسين على فكر دينى بالمخالفة الصريحة لقانون إنشاء الأحزاب السياسية الذى اشترط فى مواده أن تقوم كل الأحزاب على أساس مدنى والمحالة من الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى لجلسة 20 إبريل للإطلاع على تقرير هيئة المفوضين .
وكان جمال صلاح إبراهيم إسماعيل موظف بوزارة الخارجية وأحمد عتريس المحامى قد أقاما دعوى قضائية حملت رقم 32784 لسنة 58 إدارية عليا طالبا فيها لحل حزبى النور والحرية والعدالة, اختصمت الدعوى رئيس الجمهورية ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفتهما.
وذكرت الدعوى أن الجماعات المتأسلمة خرجت من عباءة الدعوة الدينية ليظهر بعدها حزب الحرية والعدالة من جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور من جماعة السلفيين .
وفندت الدعوى ما سمته بعدم رغبة الحزبين فى إصلاح البلاد ورغبتهما في الانتقام من الشعب المصري الكافر بعد القيام بعملية غسيل مخ لعقول شباب متعطل خاو من الأفكار وتم شحن الشباب من التيار الإسلامى باعتباره مبعوث الرسالة الإلهية.
واعتبرت الدعوى أن نجاح هذا التيار بمجلسي الشعب والشورى وصعود أعضائهما كبرلمانيين قد سبق اعتقالهم من قبل, طامة كبرى, لينتقموا من الشعب المصري بدلا من حل مشاكلهم ويستولون على مقاليد الدولة بالانقضاض على الجمعية التأسيسية للدستور رغم جهلهم – على حد تعبير مقيم الدعوة .
وأكدت الدعوى أن حزب الحرية والعدالة لم يتوقف عن استخدام شعارات دينية فى ممارسته السياسية خلال الانتخابات فى خلط واضح للسياسة بالدين، بل قام بالتأثير على الناخبين من خلال الدعاية للحزب ومرشحيه دعاية دينية صريحة.
وأضافت الدعوى أن بوسترات الدعاية الانتخابية لمرشحي الحزب فى الانتخابات البرلمانية قد اشتملت على عبارات الإخوان المسلمين والإسلام هو الحل وهو تحد واضح واختراق صارخ للإعلان الدستورى . هنا نجد أن "الحرية والعدالة" أمام مصير مجهول ، يحدده القضاء بعد حوالي شهر من الآن .