" ترجمان الأوجاع " مجموعة قصصية تتألف من تسع قصص قصيرة كتبتها المؤلفة الأمريكية هندية الأصل " جومبا لاهيري " أثناء دراستها في جامعة بوسطن، تصف حياة مجموعة من الهنود المغتربين في الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعضاً من ملامح الحياة في الهند ،عاكسة عمق الثقافات ومفاهيم الاغتراب والبحث عن الهوية . تقدم المؤلفة ثقافة جديدة تمزج بين الثقافة الهندية وتقاليدها والثقافة الإنجليزية ورصانتها، والثقافة الأمريكية بتحررها، وذلك من خلال تناولها لمواقف إنسانية شديدة الخصوصية ، وقدمت لها وصفاً دقيقاً بعبارات هادئة ومتناغمة تفوح منها رائحة التوابل الهندية الحارة. أبدعت جومبا فى تصوير حالة الصراع المجتمعي التي يعيشها المغتربون بين القيم الثقافية لموطنهم الأصلي وما يجب أن يتكيفوا معه في وطنهم الجديد، الأمر الذي يجعل أبناء المهاجرين لا ينتمون إلى ثقافة أبائهم وأجدادهم ولا ينتمون إلى الثقافة الجديدة، بل يمثلون ثقافة جديدة تعيش حالة الصراع للبحث عن الذات بين الثقافات المختلفة. تم مناقشة و نقد المجموعة القصصية "، الصادرة عن مشروع "كلمة " للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ، بالمجلس الأعلى للثقافة المصري بمشاركة الجمعية المصرية للأدب المقارن برئاسة الدكتور أحمد عثمان .
و شارك في النقاش مترجمة العمل مروة هاشم ، والدكتورة آمال مظهر أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة، والدكتورة عبير عبد الحافظ أستاذة الأدب الإسباني في جامعة القاهرة، وأدارت الندوة الدكتورة فاطمة خليل أستاذة الأدب الفرنسي في جامعة حلوان، وبحضور نخبة من أساتذة الأدب المقارن والترجمة والنقد والمهتمين بالحركة الثقافية. أشادت الدكتورة أمال مظهر أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة، بدقة وأمانة الترجمة ونجاح المترجمة في نقل محتوى النص إلى اللغة العربية دون طمس أو تغيير لمذاق لغة وأسلوب المؤلفة، مؤكدة على ضرورة الاهتمام بنقد الترجمة من وإلى العربية وأثر ذلك على الارتقاء بمستوى حركة الترجمة العربية .
أما الدكتورة عبير عبد الحافظ أستاذة الأدب الإسباني في جامعة القاهرة فقد تناولت نقد العمل المترجم وفق معايير نظريات الترجمة والخطاب وتحليل النص، مركزة على إشكاليات التمايز بين اللغات الأجنبية واللغة العربية، وبراعة المترجمة في تخطي الصعوبات اللغوية دون المساس بمذاق اللغة الأصلية للمؤلفة أو أسلوبها، رغم ما حفل به النص المترجم من تكوينات لغوية وأسلوبية تمزج بين الثقافات الهندية والإنجليزية والأمريكية.
ووصفت عبير ترجمة العمل ب "الازدواجية "؛ حيث إن المترجمة لم تترجم النص من اللغة الإنجليزية فقط ، وإنما ترجمت النص الهندي أيضاً، حتى يصبح نص المجموعة القصصية مغلفاً بالتراث الثقافي الهندي.
وعرضت الدكتورة فاطمة خليل تقييمها لجودة نقل الأسلوب النسوي الذي اصطبغت به كتابات المؤلفة، ومدى توفيق المترجمة واستشعارها مكنونات الشخصيات وإلمامها بدقائق الصيغ السردية ومستويات الخطاب. والجدير بالذكر أن "ترجمان الأوجاع" تُعد المجموعة القصصية الأولى للكاتبة جومبا لاهيري صدرت عام 1999 وحققت نسبة مبيعات هائلة، وحصلت على جائزة "بوليتزر في الأدب في العام 2000، وصنفت كأفضل أول عمل أدبي للعام 2000 وفق مجلة "نيويوركر" الأمريكية، فضلاً عن العديد من الجوائز الأخرى منها جائزة "بن/هيمنجوي" في العام 1999، وأدرج اسم مؤلفتها ضمن قائمة أفضل عشرين مؤلف خلال القرن الحادي والعشرين. وتُعد هذه المجموعة القصصية أول ترجمة لعمل أدبي للمترجمة مروة هاشم - التي درست الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة، وقامت بترجمة عدد من الكتب منها: كتاب "عبودية الكراكيب" وكتاب "فن الحياة" وكتاب "تقنيات الأداء المسرحي..بناء الشخصية"، وكتاب "كيف تصبح ممثلاً موهوباً .. حول أسلوب فن التمثيل" عن دار نشر شرقيات، وكتاب "الحلقة المفقودة" وكتاب "ظلال الاستهلاك" وكتاب "التطريز في الهند وباكستان" عن مشروع "كلمة" للترجمة، كما نشرت العديد من المقالات والحوارات الصحفية في مجلتي "نصف الدنيا" و"علاء الدين" وإصدارات دار الصدى الإماراتية.