وافق حلف شمال الأطلسي اليوم على تمديد مهمته الجوية والبحرية في ليبيا ثلاثة أشهر، في الوقت الذي يواصل فيه المجلس الوطني الانتقالي الحاكم إزاحة الموالين لنظام القذافي الذين يتحصنون في عدة بلدات، فيما أفاد شهود عيان بأن الثوار سيطروا على مدينة سبها جنوب البلاد بالكامل. في حين سقط العشرات بين قتيل وجريح علي إثر قتل قوات العقيد معمر القذافي مدينة هون بمنطقة الجفرة الجنوبية بالصواريخ.
القصف جاء فيما المواجهات بين الثوار والكتائب مستمرة في اماكن عدة اشرسها بني وليد وسرت فيما بسط الثوار سيطرتهم بشكل كامل علي سبها.
وتحدث شهود عيان في ليبيا عن عشرات الضحايا سقطوا في قصف كتائب معمر القذافي لبلدة تقع في الجنوب. وقال الثوار إنهم سيطروا على أغلب مناطق سبها أحد المعاقل الأخيرة للعقيد، فيما سادت حالة الفوضى صفوفهم -باعترافهم- في معقلين آخرين هما بني وليد وسرت، بالرغم من تحقيقهم بعض التقدم هناك.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن شهود عيان في هون (600 كلم جنوب غرب طرابلس) حديثهم عن عشرات القتلى والجرحى سقطوا الأربعاء، عندما قصفت الكتائب البلدة التي دخلها الثوار.
وقال أحدهم إن القصف نفذته كتائب القذافي المتمركزة في بلدة سوكنة التي تبعد عن هون ثمانية كيلومترات، وقد أصاب محطة الكهرباء.
وفي سبها، قال الثوار إنهم سيطروا على مطار البلدة وأهم شوارعها، وعلى قلعة تاريخية، لكن هناك جيوبا تبدي مقاومة شديدة، سقط بسببها بعض رفاقهم.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن المتحدث باسمهم أحمد باني قوله "إننا نسيطر على أغلب مناطق سبها باستثناء منطقة المنشية".
وتوجهت تعزيزات عسكرية وطبية من طرابلس لدعم جبهة سبها.
وتحدث أحد أعضاء المجلس الوطني الانتقالي عن سيطرة الثوار على أكثر من 70% من منطقة الجفرة الإستراتيجية (300 كلم إلى الشمال من سبها)، التي يقولون إنها تضم القيادة العامة لكتائب القذافي.
فيما اضطر الثوار إلى الانسحاب من بني وليد بسبب كثافة نيران الكتائب، وبدت صورة الثوار أقل تنظيما عند معقلين آخرين من معاقل القذافي هما بني وليد وسرت، على الرغم من إعلانهم تحقيقَ تقدم هناك.
وساد هدوء حذر محيط بني وليد (جنوب شرق طرابلس) التي انسحب الثوار منها قائلين إنهم يعدون العدة للعودة وفق إستراتيجية جديدة.
وحاول الثوار دخول المدينة عدة مرات الأيام الماضية، لكنهم تراجعوا تحت كثافة النيران.
وتخللت عملياتهم هناك أخطاء قتل فيها ثوار زملاءهم، وحديث عن خيانات، وخلافات بين الوحدات التي ينتمي مقاتلوها إلى مناطق أخرى وتلك التي ينتمي مقاتلوها إلى بني وليد.
ويخشى الثوار- خصوصا المنحدرون من قبيلة الورفلة النافذة- من أن تطال المعارك أسرهم في بني وليد.
وقال القائد الميداني في منطقة وشتاتة (30 كلم من بني وليد) العقيد الركن يوسف الدروبي لفرانس برس: "الأيام المقبلة ستشهد تنظيما أكبر".
وساد حديث بين بعض الثوار عن استقدام قادة ميدانيين أكثر خبرة وكفاءة لإدارة المعارك.
أما في سرت (شرق طرابلس) مسقط رأس القذافي، فقال الثوار إنهم تقدموا 20 كلم على الجبهة الشرقية للمدينة التي توقع أحد قادتهم سيطرة وشيكة عليها.
وقال القائد الميداني مصطفى بن درداف إن الثوار سيطروا على مدينة سلطانة القريبة.
وتحدث مراسل فرانس برس عن تبادل قصف مدفعي عنيف على الجبهة الشرقية، حيث تمركزت 12 دبابة على الأقل من دبابات الثوار، وشاحنات تعلوها مدافع مضادة للطائرات تقل مئات المقاتلين.
وتشي جبهة سرت هي الأخرى بحالة من الفوضى تعم صفوف الثوار، الذين قال بعضهم إنهم صدموا لشراسة المقاومة التي يبديها مقاتلو القذافي، كما جرى في منطقة الخمسين على بعد 50 كلم من المدينة.
وقال أحدهم إن مقاتلي الكتائب يقاتلون بشكل انتحاري في الخمسين، واعتبر ذلك مؤشرا على وجود شخص مهم جدا، ربما كان القذافي أو أحد أبنائه.
وعلى الحدود الليبية التونسية تحدث مسئول أمني تونسي عن اشتباكات عنيفة مع عناصر مسلحة في محافظة قبلي (500 كلم جنوب غرب البلاد)، غير بعيد عن المثلث الحدودي التونسي الجزائري الليبي.
ونقلت أسوشيتد برس إنترناشنول عن العميد مختار بن نصر قوله إن هناك اشتباكات ما زالت مستمرة يستعمل فيها المسلحون سيارات رباعية الدفع؛ ولكن بن نصر امتنع عن تحديد هوية المسلحين أو الجهة التي قدموا منها.
وشهدت القبلي قبل 35 يوما اشتباكات استعمل فيها الجيش التونسي -حسب مصادر متطابقة- طائرات أف5 ومروحيات.
مهمة الناتو
وصرح دبلوماسي بالحلف بأن الاتفاق على تمديد المهمة التي تولي الحلف المسئولية الكاملة عنها في 31 مارس جاء خلال اجتماع لسفراء دول الحلف الثماني والعشرين في بروكسل.
وقال الأمين العام لحلف الأطلسي أندرس فوج راسموسن: إن المهمة يمكن أن تنتهي قبل ذلك.
وأضاف في بيان نحن مصممون على مواصلة مهمتنا مادامت هناك ضرورة لها لكننا مستعدون لإنهاء العملية بمجرد أن يصبح ذلك ممكنا.
وقال : رغم أن التمديد نظريا لمدة تصل إلى 90 يوما فإن المراجعة ستسمح لنا بإنهاء مهامنا في أي وقت.
وذكر راسموسن أن مهمة حلف الأطلسي كانت ناجحة للغاية في حماية المدنيين لكن التهديد لهم ما زال مستمرا.
وأضاف إن القرار بإنهاء العملية سيتخذ بالتنسيق مع الأممالمتحدة بما يتفق مع إرادة السلطات الليبية.