ذكر الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان أن التغيرات المناخية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، لاسيما القمح، والضغوط السياسية كانت بمثابة "العامل الخفي" الذي ساعد على تأجيج ثورات الربيع العربي، مشيرا إلى أن استمرار هذا العامل سيجعل عملية الانتقال الديمقراطي أكثر صعوبة. وأشار الكاتب الأمريكي في مقال أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اليوم الأحد على موقعها الإلكتروني إلى أن عامي 2010 و2011 شهدا بالإضافة إلى صحوة الربيع العربي، جفاف فصل الشتاء في الصين الذي هدد إنتاجها من القمح، وارتفاع درجات الحرارة والفيضانات أو غيرها من البلدان الرئيسية في زراعة القمح (أوكرانيا وروسيا وكندا وأستراليا)، حيث ساهموا جميعا في نقص مخزون القمح العالمي وارتفاع أسعار الخبز بالتالي في الدول المستوردة للقمح، ومعظمها في العالم العربي.
وأوضح فريدمان أن جزءا صغيرا 6 بالمائة إلى 18 بالمائة من إنتاج القمح العالمي السنوي يتم تداوله عبر الحدود، لذا فإن أي انخفاض في الإمدادات العالمية يسهم في ارتفاع أسعار القمح ، الأمر الذي يهدد بدوره الأوضاع الإقتصادية في بلدان مثل مصر، والتي تعد أكبر مستورد للقمح في العالم.
وأكد فريدمان على أن التغيرات التي تطرأ على بعض الدول ، لاسيما الدول المنتجةللقمح ، غالبا ما تؤثر على بلدان أخرى ، مشيرا إلى أن الجفاف الصيني وحرائقالغابات الروسية أدت إلى نقص إنتاج القمح وبالتالي ارتفاع أسعار الخبز ، والذيأدى بدور إلى تأجيج الإحتجاجات في ميدان التحرير "رمز ثورة 25 يناير 2011 في مصر" ، واصفا ذلك بأنه "عولمة المخاطر".
وشدد فريدمان على أنه عندما يتعلق الأمر بالتغير المناخي ، فنحن بحاجة إلىإدارة ما لا يمكن تجنبه وتجنب ما لا يمكن السيطرة عليها ؛ الأمر الذي يتطلب العملالجماعي على الصعيد العالمي للتخفيف من التغيرات المناخية بقدر المستطاع، وتأسيسالدول على التكيف مع ما لا نستطيع التخفيف من حدته.
وأضاف فريدمان:" وهذا ما يقوم العالم العربي بعكسه؛ فالدول العربية كمجموعة هىأكبر جماعات الضغط ضد الجهود الرامية إلى الحد من النفط وإعانات الوقود ؛ مدللاعلى ذلك بأن خمس ميزانيات - مايقدر بأكثر من 200 مليار دولار سنويا - بعض الدول العربية تنفق على دعم البنزين وزيوت الطهي ، وليس في الإنفاق على الصحةوالتعليم ، وفقا لصندوق النقد الدولي؛ وفي الوقت نفسه، محليا، تحد مرونة الدولالعربية العوامل القبلية والطائفية التي تنخر في الثورات الديمقراطية".
وخلص الكاتب الأمريكي في ختام مقاله - إلى أن الديمقراطياتالناشئة ذات المؤسسات الضعيفة لطالما ستجد صعوبة في التعامل مع الأسباب الجذرية للمشاكل أكثر من الأنظمة التي تأتى بها، ونتيجة لذلك ستكون معرضة بصورة أكبر إلى المزيد من الاضطرابات التي قد تهدد كيانها.