السياسة هى القدرة على إحداث الفعل السياسي عن طريق المشاركة التى تؤهل على إتخاذ القرار السياسي بشكل جماعى وليس بطريقة آحادية وآستحواذية لا تعبر سوى عن فريق سياسي واحد مهما تنوعت روافده . ولذا فيمكن ان نقول ان المشاركة بشكل عام هى فعل ايجابي . ولكن ليس بالضرورة أن تكون المقاطعة هى فعل سلبي على طول الخط . ولكن متى تكون المقاطعة فعلاً ايجابياً ؟ لقد وجدنا وبعد إعلان مرسي عن بداية إنتخابات مجلس النواب فى النصف الثانى من أبريل القادم وجدنا جبهة الإنقاذ الوطنى وبعض الاحزاب الأخرى والحركات السياسية والمنظمات والشخصيات العامة تعلن عن مقاطعتها للإنتخابات النيابية القادمة ترشحاً وتصويتاً .
وبلا شك فإن قرار المقاطعة هذا وبعد ثورة رائعة قام بها الشعب المصري وحرك مياهها الراكدة شباب مصر يعتبر جرس إنذار عالى الصوت لهذه الجماعة التى أختطفت الثورة بليل وكأن الشعب والثوار كانوا قد قاموا بها واسقطوا مبارك حتى يرثها الإخوان ومرسي . فهذه الثورة التى صنعها كل المصريين لن تحقق أهدافها وترسي مبادئها بغير كل المصريين .
ولكن قد وجدنا هذه الجماعة وبإستغلالاً ممقوتاً للظروف السياسية وللواقع السياسي بعد سقوط مبارك قد أستولت على المجالس التشريعية وموقع رئاسة الجمهورية وأختطفت الدستور وقامت بعملية أخونه غبية ( رفضها حزب النور شريكهم الأساسي ) إضافة لتلك المحاولات التى تستهدف الاختراق والاستيلاء على الشرطة والجيش والقضاء مع الاصرار على تسفيه الإعلام الذى يقوم بدور الكاشف لمخازيهم والمعلن لفشلهم والفاضح لغرورهم وإسحواذهم .
ولأن هدفهم الاستراتيجى هو دولة الخلافة فهم يعتبرون أن أختطاف مصر هو بداية الطريق لخلافتهم . ولاستكمال الاستيلاء على مجمل الدائرة السياسية لإغلاقها عليهم فقط يعملون الأن بكل الطرق الغير شرعية والغير أخلاقيه على الأستيلاء على مجلس النواب .
ولذا فهم يصرون على الانتخابات فى ظل قانون ما زال غير دستورى . تم دسترته ووضعه فى الدستور حتى يتمكنوا من خطف الاغلبية البرلمانية . فى ظل إصرارهم على بقاء حكومة فاشلة مرفوضة من الجميع حتى تقوم بتزوير الانتخابات .
فى ظل الاصرار على بقاء نائب عام ملاكى جاء بطريقة غير شرعية . فى ظل هذا الإستقطاب السياسي الذى تحول إلى حالة إحتراب أهلى فى طريقة ليكون أول حالة عصيان مدنى شاهدته البلاد . فى ظل قتل الثوار والشباب والشعب المصري بدمً بارد فى محمد محمود الثانية وبورسعيد .
فى ظل الاعتماد على ميليشياتهم المسلحة التى يعتمدون عليها فى تنفيذ خطة التمكين . ولهذا ولغيره الكثير يصبح قرار المقاطعه قراراً صائباً وصحيحاً ومطلوباً . ولكن لكى يحقق أهدافه المرجوة فهذا يتطلب من كل المعارضة بكل فصائلها وروافدها وإنتماءاتها أن تعتبر المقاطعة ليست قراراً سلبياً مريحاً بل هى قراراً إجابياً صعباً وصعباً جداً ويحتاج الى نضال دائم ومتواصل .
يتطلب تبديل نضال الصالونات والإعلام الى النضال فى الشارع والقرية والنجع . يتطلب تواصلاً حقيقياً مع المواطن المصري على الا يخضع للإغراءات المادية نتيجة لحاجته وإحتياجه . يتطلب كسب وإكتساب مصداقيه الجماهير حتى لا تكون المقاطعه فى إطار الترشح فقط ولكن الأهم والأجدى هى أن تتحقق المقاطعة فى إطارها التصويتى أيضاً .
حتى يمكن إسقاط الشرعية الجماهيرية عن هذا المجلس النيابي الذى يمثل لهم رقماً مهماً فى طريق الإستيلاء على السلطة وسرقتها وإختطافها . بعد ثورة أرادها الشعب أن تحقق أماله وتحل مشاكله لا أن تكون لصالح جماعة لا تعرف غير مصلحتها ولا ترى سوى ذاتها المغرورة .
فلتعلم المعارضة أن هذه المقاطعة هى الخطوة الأولى فى طريق النضال الحقيقى لكشف زيفهم وإسقاط إدعاءاتهم وفضح تسترهم بالدين والدين منهم براء . فليكن قرار المقاطعة هوالقرار الايجابي وبداية طريق التغيير .
فالتغير لا يتم بين لحظة وأخرى ولكن بالفعل التراكمي الذى سيؤدى حتماً الى تغيير نوعى تستعيد به الجماهير ثورتها المختطفة إن أجلاً أو عاجلاً . فإرادة الشعب من إرادة الله . فإذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر . وستظل مصر لكل المصريين .
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أالقائمين عليه