حواس : العرض محله "سلة القمامة" ومناقشته إهانة لمصر عبدالصمد : قطر لم تقترح تأجير الآثار.. والقضاء قال كلمته الكسباني : دولة الإخوان سبب الكوارث البيلي : العرض محاولة لجس النبض كتبت – شيماء عيسى وسميرة سليمان
هل يريد أمير قطري حقا استئجار آثار مصر ؟ سؤال بات على كل الألسنة منذ مساء أمس، حين تناقلت وسائل الإعلام خبر عرض قطري باستقبال معرض للآثار المصرية لمدة 3 سنوات بأرضها .. لكن الأخطر هو خطاب أحد المواطنين يقترح فيه استئجار قطر بنظام "حق الانتفاع" للآثار الثابتة كالأهرامات والمعابد لخمس سنوات، في صفقة يكون مقابلها مليارات الجنيهات. وهو المقترح الذي واجهته وزارة الآثار والمجلس الأعلى صباح اليوم بالاعتراض التام مؤكدين أن المواقع الأثرية ملكية عامة ولا يجوز استغلالها من جانب الغير .
وفي سياق ردود الأفعال المتواترة، هاجم وزير الآثار الأسبق الدكتور زاهي حواس مجرد تحويل وزير المالية المصري لنظيره بالآثار خطابا أرسله أحد "المجانين" كما وصفه، يعرض فيه استغلال الآثار المصرية الشهيرة كالأهرامات ومعبد أبوسمبل لفترة محددة في مقابل مادي ضخم ،وهو عرض لا يمكن فهمه إلا في سياق الاستهزاء المتعمد بآثار مصر وحضارتها ، وهو أمر لم تقبله ولن تقبله أي دولة محترمة في العالم ، وأشك أن دولة كقطر أو غيرها أن تكون قد تقدمت به رسميا.
وقال حواس : كيف يجتمع المجلس الأعلى للآثار ويناقشون هذه المهاترات ويعطونها وزنا، وكيف تناقشها وسائل الإعلام ؟! ألهذا الحد وصلت مصر من التخلف لأن تبيع أو تؤجر أهم ما تملكه وهو حضارتها وتراثها ! . ودعا حواس لإلقاء الخطاب في سلة القمامة وللتقصي الأمني حول مرسل الخطاب ومساءلته قانونيا في مصر لجريمته في حق آثار مصر التي نعتبرها شيئا يسمو للقداسة .
من جانبه استبعد نورالدين عبدالصمد المدير العام بوزارة الدولة لشئون الآثار ، أن تكون الحكومة القطرية قد قدمت عرضا باستغلال آثار مصر، خاصة في ظل غياب مستند رسمي بذلك ، ورجح أن يكون المواطن المصري قد أراد إخراج مصر من أزمتها المالية "على طريقته" . ولفت إلى أنه لا يجوز خروج الآثار من المنفعة العامة طبقا للقانون المدني المادة 88 تحديداً لتصبح منفعة خاصة، فالمال العام لا يجوز تأجيره.
وأشار عبدالصمد أنه قد صدر حكم تاريخي من المحكمة الادارية العليا، في قضية رفعتها نعمات أحمد فؤاد يفيد بعدم جواز تأجير الآثار، لأن هذا يخالف الدستور – كان حينها دستور 1971 – الذي كان يحتوي على مادة واحدة فقط خاصة بالاثار، في حين أن الدستور الحالي يحتوي على 6 مواد خاصة بالاثار، لذلك فهو مبدأ مرفوض. كما اعتبر الخبير الأثري أن مجرد مناقشة الموضوع داخل أعلى سلطة للآثار هو استهانة بتاريخ مصر القديم. وعلق الدكتور مختار الكسباني المستشار السابق لمجلس الآثار على الدعوة بعبارة "على جثثنا" ، وقال أن فلسفة جماعة الإخوان المسلمين التي جاء منها رئيس البلاد لا تمانع في تمرير عرض كهذا، لأنهم لا يعنيهم حضارة مصر . وقال في تصريحه لمحيط أن وزير المالية مرر الخطاب كرد على طلب وزير الآثار بمرتبات العاملين بالوزارة ، وكأنه يريد أن يقول أنه يمكن الانتفاع بالآثار من قبل الأجانب لسد العجز المالي !
وأضاف الكسباني أن الأمر مرفوض دستوريا ودوليا أيضا، فمن الممكن أن نتهم بإساءة استغلال آثارنا والتي يعرف العالم قدرها .
وعلى عهدته، اعتبر الكسباني أن النظام الحاكم يقوم حاليا باستفزاز السلفيين أيضا والذين لا يزال بعضهم يصر على ازدراء الآثار، لكن النظام يروج لفكرة دخول 5 مليون سائح إيراني للبلاد، وهؤلاء سيطالبون فيما بعد بحق انتفاع بمزارات آل البيت في مصر، ما يمكن أن يتورط أمامه السلفيون في عمليات عنف يكون مقابلها قمعهم، فنعيش بدولة خراب ..
فى تصريحات خاصة ل"محيط" وصف محمد البيلى رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار، عرض تأجير الآثار بأنه "عرض طائش"، قائلاً أن الوزير إذا كان مسئولاً حقاً فكان يتعين عليه أمرين؛ إما أن يرفض الأمر من بدايته دون عرضه على مجلس الإدارة، أو ان يقوم قبل عرضه ومناقشته في اجتماع أن يستوضح باقي اجوانب، ويسأل وزارة المالية عن هوية امقدم العرض، والدراسات المتعلقة بهذا الطلب، وكيف يمكن تحقيق 200 مليار دولار في خمس سنوات من هذه الآاثر، وأن يقف على تفاصيل المشروع.
وتساءل البيلي هل هذا يعد عرض من باب "جس النبض" لوزارة الآثار، قائلاً: إذا كان هناك احترام حقيقي للآثار والتراث من الحكومة والرئيس، وتوافر نية خالصة لديهم، وتفهماً لقيمة التراث والآثار، ووعيهم بأنهما يمثلان كينونة مصر، وقفزة لمستقبلها؛ عليهم مع الآثار لاستكمال مشروعاتها المتوقفة، وترميم البشر الذي يعمل في الآثار، وتقديم قيادات لديها الكفاءة والكاريزما لإدارة هذه المؤسسة العظيمة التي يرجع تاريخها لأكثر من 200 سنة. مؤكداً أن آثار مصر لها سمعة حول العالم ولا يمكن التعامل معها هكذا. ورفض البيلي أن يتم تقديم مثل هذا العرض المبتذل.