فى الوقت الذى أثير فيه ما أثير عن وثيقة فتح مصر و التى تناولت ماكانت تعتزم ما أطلق عليها إعلاميا خلية مدينة نصر , الخلية الإرهابية التى تتبع الفكر السلفى الجهادى و التى تم القبض عليها يوم 25 أكتوبر 2012 , و معارضة الإخوان المسلمين و تيار الفكر الجهادى لهذه الوثيقة بوصفها بالملفقة من جانب ناشريها من واقع ملفات القضية و إعلان هيئة الدفاع عن المتهمين فى خلية مدينة نصر أنهم بصدد عقد مؤتمر صحفى لكشف كواليس ما تم نشره عن وجود قائمة إغتيالات ضبطت بحوزة المتهمين و أنها مجرد إختلاقات قامت بنشرها جريدة الوطن لتضليل الرأى العام و إظهار المتهمين بصورة غير لائقة أمام الشعب , و كأن هذه الخليه تكونت و سعت و إمتلك الأسلحة و المتفجرات ووسائل التفجير لمجرد حب الإمتلاك الذى يعانى منه عناصر هذه الخليه أو أنهم كانوا بصدد اللعب واللهو بها خلال الإحتفالات و ربما بغرض إستخدامها فى الدفاع عن النفس نظرا لتردى الحالة الأمنية بالبلاد. و فى ذات الوقت الذى بدأت فيه حركات عصيان مدنى جزئى فى مدينة بورسعيد , و إحتمال إمتداد هذه الحركة الى مدن أخرى كالسويس و المحلة , فى ظل حالة الطوارىء التى فرضت على مدن القناه , إعتراضا على سياسة الدولة تجاه شعب بورسعيد وضحاياه سواء الذين تجاهلتهم الدولة فى أحداث ستاد بورسعيد أو فى أحداث سجن بورسعيد أو فى أحداث تشييع جثامين أحداث سجن بورسعيد و بعد مؤسسة الرئاسة التام عن الشارع و عدم مقدرتها على التواصل مع الشعب و مطالبه و العمل فى كل الإتجاهات الا ما يحقق ما تطالب به الجماهير.
و فى ذات الوقت الذى دب فيه الخلاف بين حلفاء المراحل الإنتخابية و بالأخص مؤسسة الرئاسة الممثل لحزب الحرية و العدالة الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين فى السلطة و حزب النور بوصفة أحد أبرز أحزاب التيار السلفى و ثانى أكبر عدد من المقاعد فى مجلس الشعب المنحل ومجلس الشورى و سابقا فى الجمعية التأسيسية للدستور و صاحب أكبر كتلة من المستشارين لرئيس الدولة , على أثر إقالة مؤسسة الرئاسة لخالد علم الدين مستشار الرئيس لشئون البيئة وتقدم القيادى بحزب النور الدكتور بسام الزرقا بإستقالته من منصبه كمستشار سياسى للرئيس على خلفية ما حدث مع الدكتور خالد علم الدين و تدهور العلاقة بين الحزبين.
و فى ظل إحتدام الخلافات بين الأجيال الشابه فى الأحزاب السياسية المنضمة تحت لواء جبهة الإنقاذ ضد تصرفات القيادات الحزبية و تسارعهم فى الجلوس مع رموز من الإخوان المسلمين و إتهام القيادات بخيانة الثورة و مطالب الشباب , و إتجاه الشباب الى العنف لإضفاء النجاح على فعالياتهم بعد رفع الغطاء السياسى عنهم .
و فى ظل كل ما يتنبأ به من أحداث نتيجة لإقتراب صدور حزمة قوانين لها كتل معارضة قوية مثل قانون التظاهر و قانون الإنتخابات و ما أثير عنهم من معارضات و خاصة مع إتجاه البعض لإعتزام مقاطعة إنتخابات مجلس النواب فى ظل حالة اللا حوار أو الحوارات الهشة أو الحوارات التى لايمكن معها التوصل الى حلول جذرية للمشاكل التى نعيشها.
بدأت فى صباح الثلاثاء 19 فبراير 2013عمليات محاصرة لميدان التحرير بقوات الأمن المركزى لإخلاء الميدان و فتحه بعد إغلاقه لمدة قاربت على التسعين يوما , و على وجه التحديد بعد الإعلان الدستورىالذى صدر فى 22 نوفمبر 2012 و الذى رفضته المعارضة و تشكلت على أساسه جبهة الإنقاذ, فى صورة أشبه بالعمليات العسكرية مع وجود أعداد غفيرة من القوات مدججة بأسلحة الصوت كما تدعى دائما وزارة الداخلية و قنابل الدخان التى أصبح المواطن المصرى لا يطيق عيشته بدون إستنشاقها و السيارات المدرعة.
يبدوا أن وزارة الداخلية لم تعى الدرس تماما و مازالت قياداتها ترى أن إستمرارها فى مناصبها مرهون دائما بتحقيق ما لا يمكن تحقيقه على الأرض و أن الشعب لابد أن يدفع فاتورة ماتحملته وزارة الداخلية بأكملها فى ثورة يناير 2011 , و بالتالى فإن قرار إخلاء الميدان لايمكن أن تتحمل تبعاته جهة أخرى بالدولة بخلاف وزارة الداخلية .
كانت هناك بالفعل عمليات ممنهجة لتشويه صورة المعتصمين بالميدان و اللجان الشعبية التى سخرت نفسها لإغلاق الميدان , و لكن إغلاق الميدان كان فى وجه الشرطة فقط و لم يغلق أبدا فى وجه أى مواطن أى كان إنتماؤه الحزبى أو الأيديولوجى.
ألا يعلم القائمين على قرار إخلاء الميدان فى ظل كل الظروف التى تمر بها البلاد و فى ظل حالة الفوران التى لايدرك أبعادها النظام أن عملية إخلاء الميدان و الإصرار على فتحه تعتبر عملية إغتيال معنوى لأيقونة الحرية المتمثلة فى ميدان التحرير , إن ميدان التحرير أصبح بحق أيقونة الحرية والتحرير ليس لمصر فقط و لكن للعالم أجمع.
إن عملية فتح الميدان و إخلائه بصورة أمنيه هو عملية أشبه بمعالجة الطبيب للعوارض دون النظر و التمحص و التفحص فى الأسباب , و بالتالى ستظل العوارض تخرج من أى منطقة من مناطق الجسم و إن لم تخرج من نفس المنطقة و تكون عواقبها أكبر بكثير من وضعها الحالى , و إذا تجاوزت عمليات فتح الميدان السلمية , مهما قيل عن المتواجدين داخل الميدان , فإنها ستكون وصمة فى جبين النظام بأكمله و ليس وزارة الداخلية فقط.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، و لا تعبر بالضرورة عن الموقع أو القائمين عليه