حركة شباب 20 فبراير المغربية تقترب من عامها الثاني، وهي حركة احتجاجية شبابية استطاعت بفعل جرأتها وسقف مطالبها المرتفع أن تضع المغرب في سياق ربيع الثورات العربية، وقد بدأ كثيرون يتساءلون هل انهت الحركة مهمتها، خصوصا بعد قلة حضورها في الشارع المغربي. وتضم تلك الحركة نشطاء من خلال موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك على شبكة الإنترنت يطالبون بإصلاحات في المغرب، وقد انضمت لها قوى سياسية وحقوقية. وتقول الحركة أن أعضاءها هم من المغاربة الذين يؤمنون بالتغيير، وهدفهم العيش بكرامة في "مغرب حر وديمقراطي"، وتؤكد استقلاليتها عن كل التنظيمات والأحزاب السياسية.
الانطلاق
بعد نجاح الثورة الشعبية في تونس عام 2011 م وسقوط نظام زين العابدين بن علي, دعا شباب مغربي، وذلك عبر مقطع فيديو قصير وهم يدعون إلى التظاهر في 20 فبراير/شباط 2011 م، ثم تبعته عدة تسجيلات، وبعدها توالت دعوات الشبان، وبدأت كرة الثلج تكبر ومعالم المطالب السياسية تظهر وتتحدَّد. وحين استمرت مساحة المُطالبة بالتظاهر تتسع، بدأت تنضمّ لها بعض الأحزاب والجماعات، والمجموعات الشبابيّة المؤطرة.
وانضم آلاف معظمهم من الشبان المغاربة إلى الحركة خاصة بعد نجاح ثورة 25 يناير المصرية عام 2011 م. وهكذا تأسست حركة 20 فبراير المؤلفة من ثلاث مجموعات: "حرية وديمقراطية الآن" و"الشعب يريد التغيير" و"من أجل الكرامة، الانتفاضة هي الحل", والتي تهدف إلى ما سمته استعادة كرامة الشعب المغربي.
وفي يوم الخميس 17/2/2011 م قررت (20 هيئة حقوقية مغربية) دعم الحركات الاحتجاجية التي دعا إليها النشطاء الشبان عبر موقع فيسبوك يوم 20 فبراير/شباط 2011 م وجماعة العدل والإحسان الإسلامية.
وفي نفس اليوم (17 فبراير/شباط 2011 م) عقد شبان حركة 20 فبراير مؤتمرا صحفياً في مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أعلنوا فيه لائحة مطالبهم بكل وضوح، وفي مقدمتها: تشكيل ملكية برلمانية، ووضع دستور جديد يتكئ على أسس ديمقراطية، وحل البرلمان، وإقالة الحكومة.. وذكروا في المؤتمر أنهم تعرضوا لضغوط أمنية عديدة وتهديدات، بل واعتقال مُبكِّر لبعض الشباب.
أجندة للاصلاح
وبعد شهر واحد من الاحتجاجات، سارع الملك إلى وضع أجندة للإصلاح بالمغرب من خلال خطابه الشهير في 9 مارس/آذار 2011، وأقر تعديلات دستورية قلصت من صلاحياته في الحكم ووسعت من صلاحيات رئيس الحكومة.
وهو المسلسل الإصلاحي الذي أفضى أيضا إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ونتج عنها فوز كبير لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي ترأس ائتلافا حكوميا جديدا.
لكن شباب حركة 20 فبراير المتحمسين لم تقنعهم هذه الإصلاحات وعدوها "التفافا" على مطالبهم الأساسية، وقضوا ما يزيد عن السنة في معارضتها، غير أن الحركة انتهى بها الأمر إلى الغرق في قضايا خلافية وأصبحت جهودها مركزة أكثر على المطالبة بالإفراج عن معتقليها.
خسائر الحركة
ويقول منسق المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير محمد العوني :تكلفت الحركة حصيلة ثقيلة من الخسائر بسبب سقوط ضحايا في صفوفها وتعرض نشطائها للاعتقال والمحاكمة القضائية".
وحسب تقرير أولي قدمه المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير والائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان (يضم هيئات حقوقية مغربية)، في ندوة صحفية منتصف الأسبوع الماضي بمدينة الرباط، فإن الحركة قدمت عشرة "شهداء" من أبنائها في مسيرتها الاحتجاجية.
ويتحدث أصحاب التقرير عن اعتقال 58 شابا بسبب ارتفاع وتيرة الاحتجاج في المغرب، إضافة إلى من أفرج عنهم أخيرا، ومن ما زالت تجري مقاضاتهم في حالة سراح مؤقت.
استهداف وتواطؤ
ويشير التقرير إلى أن الحركة تعرضت أيضا "لحملات تحريضية بواسطة خطابات عنصرية وتكفيرية"، ولمحاولات "احتواء قامت بزرع التفرقة بين أعضائها والتشكيك في استقلاليتها وفي طابعها السلمي".
ويؤكد العوني أن هذا "الاستهداف" حد من فعالية هذه الحركة وأدى إلى تراجعها، زيادة عما سماه "تواطؤ" بعض القوى السياسية ضدها، وتراجع بعض النخب الاجتماعية الأخرى عن الاحتجاج بسبب اقتناعها بالإصلاحات التي أنجزتها الدولة.
ويضيف أن المغاربة ترددوا في دعم حركة 20 فبراير تأثرا بما جرى من أحداث دموية في ليبيا واليمن وسوريا، وفي المقابل ساندوا الإصلاحات التي عرضت عليهم خوفا من الانزلاق نحو انتقال ديمقراطي بواسطة العنف.
وقد دفع ذلك البعض إلى الحديث عن دخول حركة 20 فبراير مرحلة العناية المركزة في انتظار الإعلان عن موتها النهائي، لكن ذلك لم يمنع المراقبين من التأكيد على أن مسلسل الإصلاح الذي شرع فيه المغرب كان بفضل هذه الحركة الاحتجاجية الجريئة.
ولكن العوني يؤكد أن الجذوة الاحتجاجية للحركة لم تمت بعد، "لأنها السبب في إذكاء حماس الشارع المغربي، الذي لا يزال يطالب بمزيد من الإصلاح - حسب قوله.
مؤسسها
وبعد طول تخمين وتضارب في الآراء، كشف مؤسس صفحة حركة 20 فبراير عن نفسه وفتح سيرة حياته أمام الجميع، بعدما ظل نشطاء الانترنت الموالون للسلطات ولفترة طويلة يحذرون من تلك الصفحة بدعوى أن من يقف خلفها مسيحي ( ظنا منهم أنه الناشط أسامة الخليفي) أو ملحد نصاب ( اعتقادا أنه رشيد عنتيد).
وأكد سعيد بن جبلي المدون المغربي المشهور ورئيس جمعية المدونين المغاربة أنه بالفعل من يقف خلف إنشاء أكبر صفحة فيسبوك مخصصة لدعم حركة 20 فبراير من أجل التغيير في المغرب، مضيفا أنه كان يفضل إبقاء هويته مجهولة حتى ينصب اهتمام النقاش على المطالب والأهداف وليس على الأشخاص، إلا أنه اتخذ قرار كشف هويته تعزيزا لمصداقية الحركة واستجابة لأعضاء الصفحة، خصوصا بعد الحملات المغرضة التي استهدفت الحركة من قبل أعداء التغيير – حسب قوله- عبر النبش في الحياة الخاصة لبعض نشطائها والتركيز على هفواتهم وحتى معتقداتهم لتشويه حركة 20 فبراير ككل وتبخيس مطالب الشعب في التغيير.
وسعيد بن جبلي من مواليد 1980 بأولاد افرح، درس الابتدائي بمدرسة القرية وحصل على أعلى نقطة على مستوى الإقليم في فوجه، حصل على المنحة فانتقل إلى القسم الداخلي بالإعدادية الجديدة بسيدي بنور، حيث قضى ثلاث سنوات قبل أن ينتقل إلى ثانوية الرازي التقنية بالجديدة حيث حصل على شهادة البكالوريا في الهندسة الكيميائية سنة 1998.
وفي الموسم الموالي التحق بن جبلي بكلية الآداب والعلوم والإنسانية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة وسجل نفسه في شعبة الدراسات الإسلامية، منساقا خلف حبه للعلم الشرعي عوض استكمال دراسته في مجال تخصصه الذي لم يعد يرقه. ورغم أنه كان دائما يدافع عن مطالب التلاميذ منذ فترة التعليم الإعدادي، إلا أن فضاء الجامعة منحه فرصا إضافية، فانخرط في صفوف الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وصار ينتخب في مكتب التعاضدية في لائحة فصيل طلبة العدل والإحسان عضوا ثم كاتبا عاما فيما بعد، فهجر القسم والمدرج في سبيل نضاله من أجل حقوق الطلبة والشعب في حلقيات مطلبية وفكرية وحتى دينية لم تكن تنتهي إلا لتبتدئ من جديد، كما كان يشرف على تقديم خدمات دراسية واجتماعية للطلاب، إضافة إلى تأطيره لجملة من الورشات التكوينية لفائدة الطلاب في مجال الإعلام خصوصا مثل: "التصوير الفوتوغرافي" و "الخط العربي".
ومع الشروع في تنزيل بنود الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي لم يكن يحظى برضا الطلاب، اقتحم جهاز الحرس الجامعي " الأواكس" الحرم الجامعي، وشددت أجهزة الأمن قبضتها على طلاب الجامعة بتنسيق مع إدارتها، وهكذا تعرض بن جبلي وعدد من زملائه للاعتقال والقمع العنيف من قبل أجهزة الأمن مرات عديدة، توجت بتوقيفه من الجامعة بشكل مؤقت من قبل المجلس التأديبي للكلية بفضل الاعتراض القوي لبعض الأساتذة من أعضاء المجلس على إصدار قرار الطرد النهائي بحقه. مواد متعلقة: 1. مثول 5 نشطاء من حركة 20 فبراير المغربية أمام القضاء 2. الحكم بالسجن سنتين ضد ناشط في حركة 20 فبراير المغربية 3. إرجاء محاكمة 6 من ناشطي حركة 20 فبراير إلى 31 آب في المغرب