يبدو أن شبح الرئيس الليبي الراحل لا زال يسيطر على بعض المدن الليبية ، حيث تقوم القوات الحكومية الليبية بحصار مدينة بني وليد منذ الرابع من أكتوبر الجاري حيث قطع الجيش الطرقات المؤدية من والى المدينة . وجاءت تلك الخطوة بناء على قرار المؤتمر الوطني الليبي العام - أعلى سلطة في البلاد- بتكليف وزارتي الداخلية والدفاع بإلقاء القبض على المطلوبين للعدالة والإفراج عن الأسرى الموجودين بمدينة بني وليد "آخر معاقل القذافي" بالقوة إذا لزم الأمر، وذلك بعد ان تم تعذيب عمران شعبان في بني وليد الفتى البالغ من العمر 22 عاماً والذي شارك في عملية القبض وقتل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي بعد اصابته بجروح في ظروف غامضة وتم ارساله إلى مشفى فرنسي لمعالجته لكنه توفي هناك.
حصار كامل واشتد الحصار مساء الجمعة الماضية بمنع إيصال الغذاء للمدينة، حيث قال شهود عيان :"إن قوات درع ليبيا التابعة لرئاسة الأركان منعت السكان من دخول المدينة، كما منعت وصول المواد الغذائية والمحروقات إليها".
يأتي ذلك في الوقت الذي نفى فيه الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام عمر حميدان أن يكون المؤتمر قد أصدر قرارا بسحب القرار رقم 7 لسنة 2012 بشأن تكليف وزارتي الداخلية والدفاع بإلقاء القبض على المطلوبين للعدالة، والإفراج على الأسرى الموجودين في مدينة بني وليد.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن حميدان قوله أمس الأربعاء، إن "المؤتمر لم يصدر أي قرار بهذا الشأن وإنما كانت هناك طلبات مقدمة من بعض أعضاء المؤتمر بإيقاف نفاذ هذا القرار وتمكين لجنة المصالحة بلعب دور في هذا الأمر".
وكانت تقارير قالت إن مدينة بني وليد، التي تفرض قوات الجيش حصاراً كاملاً عليها، تعاني ظروفاً صعبة لكن حميدان كذب الأنباء عن صدور تعليمات أو أوامر بمنع دخول الأدوية والأغذية لمدينة بني وليد، وقال: "هذه المواد الأساسية قد يتأخر وصولها بسبب الإجراءات الأمنية أو بسبب الاستنفار العسكري لبعض الوقت ولكنها في النهاية تصل إلى إخواننا في المدينة".
وأشار حميدان، يوم الأربعاء، إلى أن "هناك العديد من الجيوب الخارجة عن سيادة الدولة ينبغي حلها، ومازالت الدولة تتمهل وتبحث عن سبل أخرى لحل هذا الإشكالية وأن الحل العسكري قد يكون خياراً في هذا الأمر لأن هذه الجيوب هيمنت على المدينة وتحاول أن تخرجها وتخرج أهلها عن شرعية الدولة."
واستغرب حميدان "رفض عدد من أهالي بني وليد لتنفيذ هذا القرار وهو ما أعاق تنفيذه حتى الوقت الحاضر،" مبينا "أنه ليس بالضرورة تنفيذه بالشق العسكري فقط بل أنه يتيح جانبا كبيرا لتنفيذه بالطرق الودية".
قتلى وجرحى ولقي ثلاثة أشخاص على الأقل حتفهم إثر قصف صاروخي قامت به القوات الليبية ضد بني وليد أمس الأربعاء، حيث تعرضت في وقت متأخر الليلة الماضية لقصف صاروخي أسفر عن مقتل ثلاثة وجرح عدد من السكان .
وأفاد شهود عيان في بني وليد بأن المدينة تعرضت للقصف بجميع الأسلحة الثقيلة مثل صواريخ جراد والمدفعية والدبابات .
من جهة أخرى أوضح مصدر في مستشفى بني وليد العام أن المستشفى استقبل العديد من الجرحى بين حالات خطيرة ومتوسطة.
مفاوضات وتحدثت أنباء عن وجود مفاوضات بين وفود قبلية وبين مؤسسات المجتمع المدني للوصول إلى حل سلمى يجنّب المدينة خسائر في الأرواح والممتلكات.
وبينما يبدو أنه تم تأجيل شن هجوم مباشر على البلدة فإن الميليشيات العاملة مع وزارة الدفاع والتي تنتمي ابرزها لبلدة مصراته أتخذت مواقع على أطراف البلدة.
وقال العقيد سالم الواعر المتحدث باسم مقاتلي بني وليد إن القصف يأتي من منطقة المردوم الواقعة على مسافة نحو 25 كيلومترا على الطريق المؤدي إلى مصراته.
وأضاف الواعر إن فتاة صغيرة لقيت حتفها في قصف بنيران الدبابات وأصيب سبعة آخرون بجروح نقلوا على إثرها إلى المستشفى مضيفا أن مقاتليه يردون بإطلاق النار.
وأفاد مصدر من قوات درع ليبيا لواء الغربية المتواجدة بالقرب من المحور الجنوبي لمدينة بني وليد الليبية المضطربة بأنهم كونوا لجنة من قوات الدرع لدخول المدينة خلال ساعات بعد الاتفاق مع أهالي المدينة للدخول بشكل آمن.
العفو الدولية تحذر يأتي ذلك في الوقت الذي حذرت منظمة العفو الدولية الاسبوع الماضي من ان الجهود التي تبذل لتوقيف ملاحقين او الافراج عن رهائن في بني وليد آخذة في التحول الى حصار للمدينة.
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أن أربعة أشخاص على الأقل من مصراتة ما زالوا معتقلين من قبل مليشيات مسلحة في بني وليد.
وتحدثت المنظمة أيضا عن توقيف مئات السكان من بني وليد من قبل مليشيات مسلحة وإبقائهم بدون محاكمة في ليبيا خصوصا في مصراتة، ولفتت إلى أن عددا كبيرا منهم تعرض للتعذيب.
هذا وقد تعالت أصوات المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني بوجوب رفع الحصار عن المدينة، وعدم معاقبة السكان المدنيين وفقا للقانون الدولي.
وتعتبر الناشطة الحقوقية نيفين الباح أن التطورات السريعة واتهام بني وليد بدعم القذافي في غياب مذكرات اعتقال صادرة عن النائب العام بحق أشخاص بعينهم تمهيد لتدخل قاس فيها، متحدثة عن "حزازات قبلية" لأصول القضية الآن.
ويعتقد الناشط السياسي هشام المغيربي أن المعالجة تبدأ من الحوار على أساس احترام شرعية الدولة، وتنتهى ببسط سلطة الدولة على كل المدينة، والقبض على كل من ارتكب جرائم في حق الليبيين سواء قبل الثورة أو بعدها.
أما الناشط الحقوقي ناصر الهواري فيقول إن "سياسة تجويع أهالي بني وليد وقصفهم بالصواريخ اعتداء غاشم", رافضا تسليم المطلوبين إلى مصراتة، مؤكد أن ذلك "يعني تسليمهم إلى دولة موازية وفيدراليات غير معلنة". مواد متعلقة: 1. الحكومة الليبية تفرض سيطرتها على بني وليد 2. القوات الليبية تستعد لمعركة الحسم في بني وليد 3. اشتباكات بالقرب من «بني وليد» ب«ليبيا»