ألقت الأزمة السورية الراهنة بثقلها على العراق ، بشكل غير مباشر على الصعيدين السياسي والاقتصادي ، وهناك مخاوف شيعية عراقية من انهيار حكومة بشار الأسد مما سيؤدي من وجهة نظرهم إلى قيام نظام سني متشدد معاد لبغداد. وعلى الصعيد الاقتصادي تأثرت إمدادات السلع السورية للعراق منذ اندلاع الثورة ، حيث يستورد العراق نسبة 95% من المواد الغذائية عبر إيران وسوريا، وتعد الأخيرة مزودا رئيسيا للعراق. عودة العراقيين هذا وقد عاد مئات العراقيين الذين لجئوا إلى سوريا بعد انعدام الأمن ليصل عدد اللاجئين العراقيين الذين غادروا الأراضي السورية إلى 35 ألفا خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين.
كما شهد العراق زيادة كبيرة في عدد الأكراد السوريين الذين يصلون إلى أراضيه هربا من القتال بحوالي 500 كردي يوميا مقابل فرار 500 كردي في الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر أغسطس الماضي ما سيؤدي إلى إنشاء مخيم ثان للاجئين يستوعب الأكراد السوريين.
من جانبه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري :"إن العراق يريد تفادي الانجرار في أعماق الأزمة السورية ويسعى إلى التوازن خلال صراع إقليمي على السلطة بشأن جارته".
ويخشى زعماء الشيعة في العراق أن يؤدي انهيار حكومة الرئيس السوري بشار الأسد إلى تفتت سوريا على أسس طائفية وفي نهاية المطاف إلى قيام نظام سني متشدد معاد لبغداد.
سنة وشيعة وينذر تزايد العنف في الانتفاضة المناهضة لحكم الأسد التي يقودها السنة بزعزعة التوازن الهش في بغداد بين أحزاب السنة والشيعة والأكراد وأن يغري المقاتلين الإسلاميين بالعودة عبر الحدود إلى العراق.
وقال زيباري ل"رويترز "نحن نشعر بالقلق من احتمال انتشار الميليشيات والجماعات المسلحة والاتجاهات الأصولية وزعزعة نظامنا السياسي، يوجد صدع بين السنة والشيعة في المنطقة كلها. ونحن لا نريد إقحامنا في هذا."
وتدعو الدول العربية الأخرى والخليجية إلى تنحي الأسد ومساندة المعارضة السورية بشكل نشط غير أن العراق اتخذ موقفا أكثر اعتدالا؛ فهو يقاوم الدعوات إلي تنحي الأسد لكنه يحث على الإصلاح لإنهاء حكم البعث القائم على نظام الحزب الواحد في سوريا.
ومع مساندة إيران الشيعية للأسد الذي ينحدر من الطائفة العلوية ومساندة السعودية المنافسة للمقاتلين المناهضين له فإن سوريا قد تهوي في غمار حرب أهلية تنذر بزعزعة جيرانها.
ومع أن الحكومة العراقية قريبة من إيران فإنها تنفي المزاعم بأنها تساند الزعيم السوري بسبب طهران وتقول أنها تسعى إلى سياسة خارجية مستقلة، غير أن بغداد امتنعت في تصويت للجامعة العربية على تعليق عضوية سوريا ورفضت دعوات إلى فرض عقوبات عربية على جارتها.
وقال زيباري وهو كردي شارحا موقف العراق "يجب أن يكون للجامعة العربية دور تلعبه وإذا أصبحت جزءا من المشكلة فلن يكون لها دور. وإذا انحزنا إلى أحد فسوف نخوض الحرب أو نسلح أحدا لا نسانده."
وأضاف قوله "العراق أعلن من البداية أنه يقف إلى جانب الطموحات المشروعة للشعب السوري في الحصول على الحرية والديمقراطية وهي عملية سياسية."
واستدرك بقوله "لكن العراق له مخاوفه بشأن التطورات في سوريا مخاوفه الأمنية ومخاوفه الطائفية ومخاوف الإرهاب. ولا نعلم النتيجة وماذا سيحدث."
سوريا تضر العراق وعلى صعيد أخر تعاني إمدادات السلع السورية للعراق نقصا منذ اندلاع الثورة ضد نظام بشار الأسد، حيث يستورد العراق نسبة 95% من المواد الغذائية عبر إيران وسوريا، وتعد الأخيرة مزودا رئيسيا للعراق فيما يتصل بمنتجات الصناعات التحويلية والخضروات والفواكه الطازجة.
ويعزى نقص حركة تدفق السلع السورية للعراق إلى إغلاق الكثير من الشركات السورية والمخاطر التي تواجهها شاحنات نقل البضائع لعبور النقط الحدودية بين البلدين، والتي تتحول في بعض الأحيان لمناطق اشتباك بين قوات الجيش السوري النظامي والجيش السوري الحر.
ويقول تجار عراقيون إن هذا الارتباك في إمدادات السلع من سوريا أدى لنقص المعروض منها وارتفاع الأسعار في الأسواق العراقية، فقد اضطر علي حسين -وهو تاجر ملابس نسائية في بغداد- للاعتذار لعملائه بسبب زيادة أسعار الملابس المعروضة لديه، مضيفا أن السبب هو إغلاق مصنع يزوده قبل سنة ويقع في ضواحي العاصمة السورية دمشق.
ويشير رئيس اتحاد رجال الأعمال العراقيين راغب بليبل إلى أن الكثير من الموردين العراقيين تربطهم عقود مع شركات سورية ولكنهم قلصوا شحناتهم منها بنسبة 60%، وقال إن السلع الأوروبية كانت تأتي للعراق عبر مينائي طرطوس واللاذقية ولكن هذا التدفق يتعرض حاليا لحالة من الارتباك، وكانت الموانئ السورية توفر أسعار شحن منخفضة للخشب والصلب والحبوب.
وتتعرض حركة التجارة بين العراق وسوريا لاضطرابات جراء الصعوبات الموجودة في مسارات نقل البضائع، حيث توجد ثلاث نقاط حدودية بين البلدين وقد وقعت إحداها في يد قوات الثوار قبل أن تستعيد القوات النظامية السيطرة عليها، ومنذ اندلاع الثورة تم إغلاق معبر البوكمال أمام حركة التجارة وهو من أكبر المعابر التجارية في منطقة الشرق الأوسط. مواد متعلقة: 1. إتفاقية بين العراق وأفغانستان لافتتاح خط طيران بين بغداد وكابول 2. الدباغ: العراق قد يلجأ إلى ممارسة ضغوط اقتصادية على تركيا حال استمرار سياستها الحالية 3. المتظاهرون أمام سفارة سوريا يمنعون كاميرا القناة الأولى من التصوير