بعد ما يزيد على العام ونصف من التشاحن السياسى والتنافس الحزبى والغياب الأمنى وفوضى التظاهر التى اجتاحت كل مساحات الفراغ سواء كانت تظاهرات فئوية او سياسية او فكرية او اعلامية . فلم يعد هناك فارق بين التظاهر فى الميادين والتظاهر السياسى فى وسائل الاعلام .قد اعلن عن فوز د.مرسى رئيساً للجمهورية ولأنه كان عضواً بمكتب الارشاد ورئيساً لحزب الحرية والعدالة التابع للأخوان المسلمين .
وقتها نادى الجميع وتمنى الكل ان ينفصل رئيس الجمهورية عن الاخوان حتى يكون رئيساً لكل المصريين ذلك ليس لأنه اول رئيس منتخب لمصر ولكن حتى لا ينقل اليه والى مؤسسة الرئاسة (التى هي حكم بين السلطات وممثلاً لكل المصريين ) صراع الاخوان السياسى والحزبى والتاريخى .
ولكن للأسف حتى الان لم يستطع مرسى احداث عملية الفصل هذه . ولأن الصراع اصبح علنياً بين المجلس العسكرى وبين الاخوان المسلمين بعد شهر عسل بينهما حصل فيه الاخوان على اغلبية ورئاسة البرلمان وكان الاختلاف المعلن عندما اراد الاخوان سحب الثقة من حكومة الجنزورى التى كانوا هم وحدهم المتفردون بمساندتها فى مواجهة كل القوى الثورية. وصار الخلاف فى صورة فعل ورد فعل بينهما .
فتمسك المجلس بالجنزورى فقام الاخوان بترشيح الشاطر وبديله مرسى فى مواجهة ترشح عمر سليمان.وعندما سار مرسى فى طريقه للرئاسة كان البيان الدستورى المكمل الذى يحفظ بعض الصلاحيات للمجلس العسكرى فى مواجهة الرئيس الاخوانى القادم خاصة بعد حكم الدستورية بحل مجلس الشعب .لحظتها نزل الاخوان الى التحرير مطالبين بعودة مجلس الشعب واسقاط البيان الدستورى المكمل .فماذا فعل مرسى؟ نزل الى التحرير للأستقواء بالميدان فى مواجهة المجلس العسكرى .
وكان يريد القسم امام الدستورية دون اذاعته على الهواء تنفيذاً لمطالب الاخوان بالقسم امام مجلس الشعب . فحقق مرسى الطلب بأعادة القسم امام اعضاء مجلس الشعب المنحل فى جامعة القاهرة . وقد أعلن ان المجالس الشعبية ستعود فى اشارة الى اصدار ذلك القرار الذى صدر بعودة اجتماعات مجلس الشعب تنفيذاً لرغبة الميدان الذى هو جماعة الاخوان متناسين أن الحل كان بحكم المحكمة الدستورية وليس بقرار يمكن ألغاؤه بقرار جمهورى.
الامر الذى زاد الفرقة الوطنية وكرسها بين تأييد الاخوان لقرارهم الاخوانى الصادر بأسم رئيس جمهورية كل المصريين وليس رئيس الاخوان وحدهم وبين كل القوى السياسية التى تحافظ على دولة القانون واحترام القضاء واحكامه . والغريب ان احترام القانون واحكام القضاء كان قد اكده مرسى امام الدستورية العليا .
وفى ظل الظروف الأستثنائية تحول الصراع السياسى الى صراع عضلات ومواجهات بالضرب والاعتداء على الرموز الوطنية عند المحكمة الدستورية عند الغاء قرار رئيس الجمهورية . ولم تقف تطورات الامور عند هذا الحد ولكن قد وصل الصراع الان وانتقل بين السلطة القضائية فى جانب والسلطة التشريعية ومؤسسة الرئاسة فى جانب اخر على اعتبار ان التشريعية والرئاسة هم ملك خاص بجماعة الاخوان .
فالاخوان ومستشاريهم وكوادرهم هم المدافعون عن التشريعية وعن مؤسسة الرئاسة ولا نرى لهاتان المؤسستان المفترض انهما مستقلتان دوراً فى هذا الصراع.
فهل يجب ان تكون مؤسسة الرئاسة والرئيس اداة لتصفية حساب الجماعة ولتحقيق مصالح الاخوان على حساب الجماعة الوطنية؟ .فكون ان خلفية د.مرسى اخوانية فهذا لا يعنى ان تصبح مصر الحكومة والنظام والدولة والشعب ملك يمين الاخوان .
ولن تكون مصر لكل المصريين الا اذا كان مرسى رئيساً لكل المصريين وليس رئيساً للأخوان حتى يمكنه أن يحدث مصالحة وطنية لصالح هذا الوطن ولصالح الثورة ولصالح الاخوان الذين تناسوا ان تجربتهم الاولى فى حكم مصر لن تنجح بالاستحواذ ولكن بالتوافق المصرى حتى تظل مصر لكل المصريين.