عمّان: نجح الشاعر العراقي حميد سعيد في استدراج بغداده إلى أجواء أمسيته الشعرية التي افتتح بها فعاليات الأسبوع الثقافي العراقي في مركز جامعة كولومبيا بعمان أول أمس. أهدى الشاعر حميد سعيد الأمسية إلى صديقة عمره زوجته نفيلة الجنابي، التي خففت عنه أوجاع الغربة التي يعيشها منذ أكثر من سبعة أعوام في عمان، أي منذ احتلال العراق. كانت قصيدته عن القدس أولى قصائده في الأمسية، مبررا ذلك كما نقلت عنه صحيفة "الدستور" الأردنية بأن القدس ظلت أولا في الوعي الشخصي والجمعي لجيل ينتمي إليه الشاعر، وأن فلسطين ظلت حاضرة في وعي أبناء الأمة باعتبارها قضية العرب الأولى، ثم قرأ قصيدته "رسالة اعتذار إلى أبي جعفر المنصور" وهي قصيدة قدمت صورة بغداد ودورها ورسالتها الحضارية عبر العصور، مؤكدا أنها ستنتصر على الغزاة مثلما انتصرت عليهم كل مرة ، وهي قصيدة وصفها الشاعر من قبل بأنها قصيدة بغداد في لحظة كشف صوفي، مضيفا: ".. ورغم ما تشير إليه من تدمير نصب مؤسس بغداد، في ظل الاحتلال الأمريكي وعلى أيدي المتعاونين معه، ما هي إلا رسالة اعتذار من تاريخ بغداد وأعلامها وعشاقها، وأنا واحد منهم". من القصيدة نقرأ: إليكِ أحملُ من حديثِ الماء ِ .. سيّدتي وَصايا هي ما تبقى من حريرِ القول ِ .. أووشم المرايا بغدادُ .. لؤلؤة ٌ مُبجّلة ٌ يشوه سحرها .. وحشُ الخَطايا أورثتنَا حُلماً جميلاً .. أيها الحلمُ الجميلُ مُذ جاءَ عبد اللهِ يحملها الى الضفتينِ.. شَمساً وهي في ماء الصباحاتِ الجميلةِ تستحمُّ ولا يَمسُّ ظِلالها البيضَ .. الأصيلُ تَتَبغَددُ الأقمارُ.. كُلُّ قصيدةٍ حَملت غُرورَ صبا نداءٍ جامحً.. جاءت اليها خَرجَ النُوا سيونَ من أَسرارها الأولى.. هُنا .. حيثَ استظلّ النورُ بالجوريّ والدفلى.. وأسرارُ الندامى بالنخيلْ مُذْ كانَ عبدُ اللهِ .. أطلَقَ في ملاحمها الوعولْ تَتَعلّمُ الأنهار من لألاء فضتها وتصهل في مواسِمها الخيولْ حُلُمٌ جميلٌ تلكَ أبوابٌ ثمانيةُ .. تَزاحَمُ عندَ سدرتِها الفصولْ من أيَّ بابٍ تَخرجُ الدُنيا .. وتَدخُلُ كلُّ أغنيةٍ بَتولْ يتعايش الخُلعاءُ والفقهاءُ فيها.. حيث تَلعبُ في حدائقها .. العصافير الشقيّةُ والصُقورْ يتحاورُ الثَمِلُ المشاكسُ في جوازِ الشكِّ والأيمانِ والشَيخُ الوقورْ لا يتعب الثمِلُ المشاكسُ .. من متاهات الخُمارِ ولا يَضيقُ بمَكْرهِ .. الشيخُ الوقورْ كما قرأ قصيدته "البساتين والرجال"، وهي صفحة من صفحات طفولة الشاعر، سعى من خلالها لتقديم جانب من سيرته الشخصية وسيرة المكان الذي يمثل بالنسبة إليه المكان الأول، وختم الشاعر حميد سعيد قراءاته الشعرية بآخر قصيدة كتبها، وهي قصيدة "المورسكي" التي انتهى من كتابتها قبل عشرة أيام، وإذا كان المورسكي هو ذلك الأندلسي المطرود من بيته وداره ووطنه، فإن ملايين العراقيين اليوم ينطبق عليهم لقب "المورسكي" وهم المطرودون من وطنهم وديارهم ويعيشون في الغربة ، اختيارا أو إجبارا.