كان رصد ملامح حقبتي السبعينيات والعقد الأول من الثمانينيات من القرن الماضي بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، يمثل الشواغل الرئيسية التي يوثقها الكاتب الصحفي والمحلل السياسي حسنين كروم في كتابه "التحركات السياسية للإخوان المسلمين 1971 1987 " الصادر حديثا عن المركز العربي الدولي للإعلام. ووفق محمود قرني بصحيفة "القدس العربي" اللندنية تضمن الكتاب عددا من الشهادات الخطيرة وغير المسبوقة من أطراف الصراع السياسي مختلفة الأطياف التي مثلت جزءا رئيسيا من هذا الحراك.
فقد تضمن الكتاب شهادات لأعضاء بارزين من داخل الحركة ومن خارجها بينهم المستشار صالح أبو رقيق، مأمون الهضيبي، والقطب الوفدي وسكرتير عام حزب الوفد إبراهيم فرج، والشيخ صلاح أبو إسماعيل، مصطفى كامل مراد، الشيخ يوسف البدري، أحمد الصباحي، والمهندس إبراهيم شكري زعيم حزب العمل آنذاك .
يشير المؤلف في مقدمته القصيرة إلى أن هذه الشهادات لم يسبق توثيقها، ولم تخرج إلى النور، رغم قيامه بجمع بعضها قبل أكثر من عشرين سنة من الآن، ويشير إلى أن أهم وأخطر ما في هذه الشهادات ما تضمنته شهادة المستشار صالح أبو رقيق لاحتوائها على عديد من أسرار اللقاءات التي دارت بينه مع مدير المخابرات العامة الأسبق فؤاد نصار، ومع المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة لمحاولة التوسط لدى الرئيس السابق مبارك لفتح قنوات اتصال قد تؤدي في النهاية الى إنشاء حزب طالما سعت الحركة إليه.
في الفصل الأول يستعرض الكاتب والمحلل السياسي حسنين كروم مؤلف الكتاب التحول السياسي في خطاب حركة الإخوان المسلمين وكيف خرجت الجماعة على خطاب حسن البنا، الذي كان يرفض، في التأسيس الأول فكرة الأحزاب ويعتبرها خروجا على أصل الشرع باعتبارها تغرس الفرقة بين أبناء الأمة، ويعتبر كروم أن انتخابات مجلس الشعب عام 1984 كانت عاملا فاصلا في تاريخ الإخوان من هذه الزاوية حيث قرروا خوض الانتخابات على قوائم حزب الوفد للمرة الأولى، وكان الأمر يعد أول خروج حقيقي على فكر المؤسس حسن البنا، الأمر الذي اضطر عددا من أقطابهم إلى تسويغ الانتقالة المفاجئة بالانقلاب على المرجعية وإن حاولت الأسباب تأويل الخطاب التأسيسي ما لا يحتمل.
ينشر المؤلف عددا من الشهادات المؤثرة لكل من مصطفى كامل مراد رئيس حزب الأحرار، الشيخ يوسف البدري، أحمد الصباحي مؤسس حزب الأمة، والمهندس إبراهيم شكري مؤسس حزب العمل الذي بدأ اشتراكيا وانتهى إسلاميا، وهي شهادات في مجملها ترصد التحولات ذات الطبيعة البرجماتية في خطاب حركة الإخوان المسلمين.
ولدى مؤلف الكتاب حسنين كروم، الكثير الذي يؤكد أنها جماعة لا عهد لها، وقد سبق لها خيانة الوفد والتحالف مع القصر والإنجليز ثم الأمريكان، ثم حاولت الإطاحة بعبد الناصر بعد محاولة اغتياله في ميدان المنشية.