منذ حوالي عامين صحبت صديق العمر حسنين كروم إلي اجتماع مهني، قبل دخولنا المبني أمسك بيدي، انتحي بعيدا عن المدخل، قال بالنص: تذكر ما سأقوله لك، سوف ينتهي حسني مبارك بشكل لم يحدث لحاكم من قبل في مصر. هل كانت النبوءة نتيجة تحليل من الصحفي القدير الذي يرصد أحداث مصر بصبر منذ أكثر من أربعين عاما في جريدة القدس عبر قراءته للصحف المصرية، وعلاقاته الواسعة المتسمة بالاتزان والقدرة علي مصادقة أطياف عديدة وشخصيات متناقضة. حسنين له علاقات عديدة مع رموز التيار الديني بكل اتجاهاته، وقد اختار التوقيت الحالي ليصدر كتابا مهما، شديد الدلالة، يتضمن عدة شهادات لقادة الإخوان المسلمين، وشهادات لمدير المخابرات الحربية اللواء فؤاد نصار، واللواء فؤاد علام المسئول عن النشاط الديني في الداخلية، ورؤساء الاحزاب: فؤاد سراج الدين، مصطفي كامل مراد، احمد الصباحي، إبراهيم شكري، الشيخ صلاح ابواسماعيل، أما الفترة الزمنية فتقع بين عامي 1791-7891 وتلك مرحلة مهمة، خباياها عديدة إذ شهدت صعودا للإخوان والتحزب، ولم يؤمنوا يوما أن الديمقراطية هي الطريق الأمثل إلي العدالة، وكما يقول حسنين كروم فإن كل ما يهم هذه الاتجاهات تطبيق الشريعة الإسلامية، خاصة الحدود. في السبعينيات تغير موقفهم وتحالفوا اولا مع حزب الوفد، ويرصد الكتاب خلافهم مع فؤاد باشا، والمتغيرات التي طرأت علي مواقفهم ومنها الدخول في احزاب وقبول التحالف مع قوي اخري، كانت هذه الفترة هي التي شهدت ظهور جيل جديد من القيادات يؤمنون بالديمقراطية وقيم المجتمع المدني، وابرزهم الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح الذي ترفضه الجماعة الآن، ويكشف المؤلف من خلال شهادة اللواء فؤاد نصار الذي تولي إدارة المخابرات العامة خلال تلك الحقبة عن محاولات الجماعة الاتصال بالرئيس مبارك، ويورد المؤلف في الكتاب صورة لخطاب بخط اليد لصالح ابورفيق الذي تولي الاتصالات بالمشير ابوغزالة، واللواء فؤاد نصار، واخرين في مواقع المسئولية. ومن خلال النصوص والحوارات التي اجراها حسنين كروم بنفسه يتضح السبب في اصدار هذا الكتاب الآن بالتحديد وهذا ما هدف إليه المؤلف في ذكاء وهدوء بعيدا عن موجات الهجوم التقليدية. إنه يكشف تناقضات المواقف والتي تكاد تكون صورة مما يحدث الان، إنه كتاب مهم بقدر ما يفسر التاريخ بقدر ما يفسر الحاضر، أما السرد ورؤية المؤلف فتبرز روحه الساخرة وهدوءه وقدرته علي التحليل، وتلك اسباب جعلته قريبا من الجميع.