صدرت مؤخراً عن دار الكليم للنشر والتوزيع رواية "الرئيس" للكاتب الشاب المتميز محمد العدوي، وتطرح الرواية في الأسواق الأحد القادم الأول من إبريل. كتب تقديم الرواية الدكتور والكاتب الكبيير محمد المخزنجي الذي قال في مقدمته: هناك كُتَّاب يولدون كبارا، وهي حالة نادرة التكرار ومدعاة للتأمل، وهذا الكاتب "محمد العدوي"، وروايته الأولى "الرئيس"، منحاني الفرصة لمحاولة سبر بعض أغوار هذه الظاهرة الإبداعية الجميلة، فقد أُتيح لي أن أعرفه كاتبا قبل أن أسعد بمعرفته شخصيا، عندما قرأت له مقالا جميلا مزج بين العلم والأدب بأداء رفيع ولغة شاعرة وعمق في التقصي ورحابة في المنظور، حتى أنني تمنيت أن أكون كاتب هذه المقطوعة النثرية المرفرفة، وهذا أحد مقاييسي لجودة الكتابة، وبرغم أنني تواصلت مع الكاتب فيما بعد، وتعرفت على عذوبته الإنسانية وغزارة وصفاء منابعه الثقافية، إلا أنني أشفقت عليه عندما حدثني عن مشروعه الروائي عندما اختار أن يكتب رواية عن " ابن سينا " الطبيب الفيلسوف "الرئيس"، وكان إشفاقي من وعورة العالم الذي اختار اقتحامه، والصعوبة التي تتطلب حنكة أدبية كبيرة لترويض هذه الوعورة حتى يتخلى الموضوع عن قساوته التاريخية وتدويخه الفلسفي ويلين لعاطفة الأدب، الأدب الذي هو في أفضل تعريفاته "سِجلٌ للمشاعر".
وقد فاجأني محمد العدوي بعد أن امتلك موضوعه بعملٍ تمنيتُ لو أكون كاتبه، وهو هذه الرواية " الرئيس"، التي أرى أنها عمل كبير، لكاتب ولد كبيرا، فيها عذوبة اللغة المحلقة، وشعرية التأمل، وجدية البحث، وخصوبة الخيال، فهي عملُ موهبةٍ حقيقية، فيها جرأةٌ فكرية، ونبلٌ إنساني، ومزج مقتدر بين ما كان وما هو كائن وما ينبغي أن يكون، في رحلة بديعة لتعقب السيرة الباهرة لابن سينا، من القاهرة لطهران، ومن زمن الكاتب لزمن المكتوب عنه، ولم يكن الكاتب هيابا أبدا برغم رقة عوده ورهافة مشاعره، فاقتحم أفكارا إشكالية كبرى بطمأنينة قلب سليم.
إنها الموهبة الأصيلة، والحساسية العالية، والجد الثقافي، والإخلاص لجلال الحياة، وهذه كلها، فيما أتصور، المركبات الأساسية في "كيمياء" تكوين الكُتاب الشباب الذين يولدون كبارا .
وبقي أن أشير لخصيصة شديدة الأهمية في بنيان محمد العدوي الثقافي والروحي، تجلّت بدورها في سطور روايته، وهي عدم امتثاله لموضوعَات الرواية الغربية ولا رواج الشائع من ظلالها لدينا، فقد كان ابنا بارا للشرق الثقافي والروحي، دون تنازل عن جماليات وتشويق الرواية حيثما كانت، ووجيب قلب الإنسان أنَّى يكون.
إنني فخور بمعرفة الكاتب، وسعيد بميلاد الرواية، ويتضاعف الافتخار والسعادة، كون هذا الكاتب الشاب الذي وُلِد كبيرا، هو ابن مدينتي "المنصورة" ، وخريج كليتي "طب المنصورة"، وهو طبيب عيون جليُّ البصر الفني، وحَسنُ البصيرة الإبداعية.
جاء في إهداء الرواية "إلى الذين سيعيدون للعالم بهاءه الذي خلقه الله عليه"، ومما جاء في الرواية " الخلافة ليست أن يملك بلاد المسلمين رجلٌ واحد! .. الخلافة هي الحكم العادل ولو في البيت الصغير".