وقف فتحي نوفل المحامي الفقير وصديقته يستعرضون موائد (الأوبن بوفيه) في فيلم طيور الظلام، للمبدع الراحل وحيد حامد وفوجئوا بأنهم لا يعرفون أيا من أصناف الطعام الموجودة، فسأل فتحي عامل البوفيه ببراءة: هو مفيش فاصوليا بيضا بالرز؟ كنت –حتى وقت قريب– في نفس حالة الأستاذ فتحي نوفل وأنا استعرض قصص مسلسلات الدراما المصرية في التلفزيون أو على منصات العرض، قصص يدور أغلبها داخل أسوار الكومباندات الفاخرة، أو في فيلات الشيخ زايد، وشاليهات الساحل الشمالي، أو العين السخنة، حيث نرى البطل وهو يعاني من أزمة نفسية بعد أن تركته حبيبته لترتبط بصديقه الأنتيم.. أو صراع السيدات الجميلات على بيزنس وأموال العائلة، إلى آخر تلك القصص التي تحكي هموم مجتمعات خاصة وضيقة، لا يحلم أمثالنا بالمرور أمام منتجعاتهم، ورأيتني -والحال هكذا- أردد نفس جملة بطل الفيلم: هو مفيش فاصوليا بيضا بالرز؟ بعد فشلي في العثور على عمل درامي يناقش هموما تشبه همومنا، عمل يحكي مثلا قصة شاب وفتاة تزوجا في شقة إيجار عادية لكنهم لا يستطيعون دفع إيجارها! وظل الحال على هذا الوضع حتي تم طرح مسلسل كارثة طبيعية، بطولة النجم محمد سلام وتأليف الدكتور أحمد عاطف فياض ومن إخراج حسام حامد، لأجد نفسي أمام دراما أعرفها جيدا وعاصرت قصصا شبيهة بقصتها، وقابلت في حياتي أناسًا يشبهون أبطالها، فهم مثلنا لم يأكلوا السوشي أو السيمون فيميه من قبل، لكنهم يحبون الفاصوليا البيضاء بالأرز! قصة شابين تزوجا حديثا واتفقا على تأجيل إنجاب الأطفال، لكن يحدث الحمل ويكتشف الزوجان أن الزوجة حامل في خمسة توائم، يزيد عددهم إلى سبعة عند الولادة! كيف يمكن التوفيق بين رواتبهم المتواضعة وبين تكلفة لبن الأطفال والحفاضات الصحية للتوائم السبعة، هذا هو الهم الرئيسي لكل من محمد وشروق -فيما توفر من حلقات حتى الآن- شخصيات من الوارد جدا أن تكون شقتهم المتواضعة مع شقتك في نفس الدورالذي تسكن فيه.. وأعتقد أن هذا كان هدفا أساسيا للكاتب أحمد عاطف وهو يؤسس لعمله الدرامي، ونلاحظ أن اسم بطله هو محمد دون أن يهتم بأن نعرف إسمه الثنائي أو الثلاثي، وهو اسم شائع جدا بين المصريين لدرجة أن أحد مسلسلات رمضان الماضي كان عنوانه: نص الشعب اسمه محمد، وهي تفصيله مقصودة -فيما اعتقد- من صناع العمل لتعميق تعاطفنا كمشاهدين مع بطلهم الذي يشبهنا ويأكل مثلنا الفاصوليا البيضاء والأرز!
وأعرف مقدما أن الكتابة عن عمل درامي تستدعي بالضرورة مشاهدته كاملا قبل تكوين وجهة نظر دقيقة عنه، ولكنني -بشكل شخصي- فرحت بهذا اللقاء الدرامي مع شخصيات أعرفها وأستطيع التفاعل معها، فصرت كمن فوجيء وهو في غربة بصديق قديم من بلده، فلم يتمالك نفسه وهرول إليه ليحتضنه. ولا أظن أن محمد سلام نفسه -كشخص- بعيد عن تلك الدائرة، فهو مصري الملامح، والدم، ومصري في خفة الظل، وربما كانت أزمته الشهيرة أثناء الحرب على غزة دليلا آخر على ذلك، فقد رفض المشاركة في عمل فني بموسم الرياض، وقال أنه لا يصح أن نغني ونرقص بينما أهلنا يموتون في غزة.. وهو موقف يستدعي للذاكرة تقليدا كانت غالبية الأسر المصرية تحرص عليه في الماضي وهو إغلاق أجهزة التلفزيون عند حدوث حالة وفاة لقريب أو جار كنوع من الحداد، حيث كانت قناعات المصريين وقتها أنه لا يصح أن يعمل التلفزيون بما يبثه من موسيقى وأغاني بينما هناك قريب حزين أو جار فقد عزيزا لديه.. ربما يكون لنا وقفة أكثر تأملا فيما بعد مع مسلسل كارثة طبيعية عندما تتاح حلقاته كاملة، وساعتها سيكون من السهل تقييم كافة عناصره الفنية، لكن مقالي ما هو إلا ترحيب بعودة النجم محمد سلام بنص درامي كتبه بحرفيه أحمد عاطف فياض، وأخرجه حسام حامد، عن بطل نعرفه، قد يكون أخا، أو صديقا، أو زميلا في العمل، اسمه محمد مثل ملايين المصريين.. وبالتأكيد هو مثلهم يحلم بأن يتبقى من نفقات توائمه السبعة -ما يكفي لصنع نصف دجاجة مع طبق فاصوليا بالأرز- خاصة وأن الزوجة شروق مرضعة وتحتاج للغذاء.. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا