حذرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اليوم الخميس من عودة الفلسطينيين للعنف مرة آخرى بعد أن أفضى زخم الانتفاضات والثورات الشعبية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط على مدار العام الماضي والحالي إلى تهميش قضيتهم. وأوضحت الصحيفة - في سياق تعليق أوردته على موقعها الالكتروني - أنه على مدار ال 14 شهرا الماضية منذ انطلاق الشرارة الأولى لثورات الربيع العربي في تونس لتجتاح بعد ذلك معظم أقطار العالم العربي ، فضلا عن اللغط المثار حول البرنامج النووي الإيراني واحتمالية توجيه ضربة عسكرية لطهران .. وجدت القيادة الفلسطينية نفسها "ميتمة" في مواجهة انقسامات سياسية وانهيار محادثات السلام وتعثر الدعم الخارجي الذي تتلقاه. وأشارت إلى أنه في مثل هذه الأوضاع يشعر الفلسطينيون بأنه قد تم تهميش قضيتهم وباتت تنتابهم حالة من القلق والارتباك قد تدفعهم لانتهاج العنف مرة آخرى. ونقلت الصحيفة في هذا الصدد عن نائب رئيس السلطة الفلسطينية سلام فياض قوله "إن التحدي الأكبر الذي نواجه الآن - بعيدا عن الاحتلال - هو التهميش"، الذي رأى المسئول الفلسطيني أنه "نتاج مباشر لثورات الربيع العربي التي تعنى شعوبها الآن ببحث قضاياها الخاصة وترتيب شئونها الداخلية إلى جانب قرب حلول موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية والمشاكل الاقتصادية والمخاوف التي تعتري الأوروبين، قائلا "نشعر الآن بأننا أصبحنا في الزاوية". وأشارت الصحيفة إلى أن أحداث الربيع العربي ربما قد أعادت اهتمام الرأي العام العربي بالقضية الفلسطينية لاسيما بعد أن تمكن المصريون وشعوب عربية آخرى من التحرر والتعبير عن مشاعرهم المناهضة للكيان الإسرائيلي بحرية غير أن ذلك قد صعب الأمور أمام منظمة التحرير الفلسيطنية التي تتولى التفاوض مع الجانب الإسرائيلي في ظل تحول "العاطفة الشعبية العربية" صوب إسلاميي حركة حماس الذين بدورهم يواجهون صعوبات من بينها نقل مقرهم من العاصمة السورية دمشق وانخفاض حجم الدعم الإيراني لهم ، فضلا عن تنامي الانقسامات السياسية بينهم. وأضافت "أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس من جانبه، يبدو ممزقا بين اختيار أي مسلك يسلكه للمضي بقصيته قدما إذ يعكف هو ومساعدوه لعدة أسابيع متتالية لصياغة خطاب مطول لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعرض جميع الأسباب التي دفعتهم بالاعتقاد بأن الجانب الإسرائيلي يقف حائلا دون إحراز تقدم في هذا الصدد".
ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن الدبلوماسيين قد يشعرون بشىء من التعاطف مع "أبومازن" بسبب رفض إسرائيل المتعنت في التوقف عن بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية غير أنهم متشككون من أن عباس يشعر بأنه غير قادر سياسيا على عقد موائمة مع الجانب الإسرائيلي في ظل مخاض الربيع العربي. من ناحية آخرى ، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إلى أنه على الرغم من موافقة خالد مشعل -الزعيم السياسي لحركة حماس في مقرها في سوريا - على تولي عباس رئاسة الوزراء في حكومة فلسطينية مؤقتة إلا أن أقرانه في غزة أبدوا تحفظا على الطريقة التي تفاوض بها دون أخذ الأراء والنصح ذلك إلى جانب الانقسامات بين وداخل الجناح العسكري لحركة حماس. في السياق ذاته، نوهت الصحيفة بأن الاضطربات في العالم العربي إلى جانب مساعي إسرائيل ساهمت في تفاقم الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية. ورأت أن النتائج المترتبة على المعطيات الأنفة ذكرها ستكون "مسلسل انشقاق وتشرذم للحركة الفلسطينية وخسارة دول داعمة وحدوث حالة شلل تام لمن كان يسعى إلى بناء دولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب إسرائيل. وفي ختام تعليقها، اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه قبل ستة أشهر فقط ربما قد تولدت لحظة من التفاؤل حينما تقدم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بقضيته أمام الأممالمتحدة لنيل اعتراف أممي بدولته إلى جانب إتمام صفقة الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط بين حركة حماس وإسرائيل والتي أفرج بموجبها عن مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح الجندي شاليط ، غير أنه الآن وبعد أن خفتت الأمال بشأن تطبيق حل الدولتين وأجهدت مساعي الفلسطينيين لدى الأممالمتحدة لا تظهر بدائل مجدية إلى جانب تحول الأنظار إلى صراعات دولية آخرى.