صوت ضجيج يرتفع ينتبه إليه الجميع … أنت خائن وعميل بل أنت متلون وسلبي وصوت آخر يحاول توحيد الصفوف والاستمرار في العمل ولا أحد يسمعه وسط الشجار ووسط هذا الزحام الكبير فهؤلاء يتنافسون على السلطة وهؤلاء يتبادلون الاتهامات فهذا يقول أنتم الأغلبية وتريدون السيطرة على كل شيء وهذا يرد بل أنتم في سنة أولى سياسة . تخوين وتلون وإهمال فهؤلاء في الميدان وهؤلاء في طي النسيان وهؤلاء يفتقدون الأمان ثم تفرق الجميع ليفسحوا الطريق لشخص قادم من بعيد لا يهمه النقاش الذي يدور بيننا ثم أقبل قائلاً "وسع يا أستاذ للكاميرا أحنا قناة فضائية " وفي هذا التشتت ووسط هذا الزحام أنتبه الجميع على صوت أنين ومنظر دماء وكانت المفاجئة..... جثة الشهيد تسقط من بين أيدينا انشغلنا عن الشهيد بالشعارات والشو الإعلامي وتبادل الاتهامات ولم يسمع أحد صراخه وسط هذا الزحام و لم نفكر لماذا خرج ليصرخ فسقط صريعاً. فسوف تظل جثة القتيل الشهيد أمامنا تؤلمنا وتذكرنا بفشلنا في وضع حلول حقيقية وان شعاراتنا وكلماتنا كانت سراباً وأن دماء الشهيد أصدق منا جميعاً تاركه رسالة لنا " أن هذا ليس زمن الكلام" نعم كلنا فاسدون!!! نعم كلنا مسئولون !!! نعم كلنا مخطئون !!! نعم كلنا مغيبون!!! حتى بالصمت العاجز المواطن قليل الحيلة كما قال المبدع أحمد زكي في ضد الحكومة. عام على الثورة ولم تحقن دماء المصريين مات وأصيب المصريون في مذبحة ماسبيرو ولم نتعظ ولم نحاسب الجاني ومات المصريون في محمد محمود ولم نفيق ومات المصريين في مذبحة بورسعيد واكتفينا بالصريخ والبكاء فأبنائنا ينزفون دماً ونحن نتشاجر ولا نصنع شيئاً نتنافس ولا نقدم شيئاً نصيح ولا نحرك ساكناً وبعد أن يصعقنا منظر سقوط جثة الشهيد بين أيدينا نتحرك بكل حماس للبحث عن حلول لحقن الدماء وعن الأسباب التي أدت لذلك ولكن للآسف دائماً نتحرك بعد فوات الأوان في غفلة من الضمير فهذا المصري البسيط أعرانا جميعاً المصري الذي يعمل في وظيفتين حتى لا يموت هو وأسرته جوعاً والذي يسكن بالإيجار في مسكن تتساقط جدرانه في منطقة شعبية تلك الشخصية العجيبة المكافحة الساخرة الباكية المؤمنة كانت أكثر صدقاً وأكثر وعياً وثقافة من المفكر الفلاني والصحفي العلاني وهذا المصري الذي خرج للميادين يصرخ ليعلن أن الثورة لم تصل لمشاكل حياتنا اليومية أصدق وأكثر وطنية منا جميعاً هذا المصري أكثر كفاحاً وأكثر صدقاً من الذين يجلسون في القاعات المكيفة يتنقلون من قناة فضائية لأخرى كان أصدق وأطهر من رجال الشرطة الذين فرطوا في واجبهم ومن الكثير من موظفي ومسئولي الهيئات الحكومة الذين مازالوا يسرقون ويزورون فالثورة لن تكتمل إلا إذا ثورنا على أنفسنا أولاً وتعلمنا من أخطائنا وأن نعي جداً أن هذا لم يعد وقت الكلام وعلينا أن نضع خطوات جادة وحقيقية لتطوير البلاد حتى نستطيع تحقيق التنمية بدون عقبات