تناولت الصحف الغربية الصادرة اليوم الثلاثاء احوال ميدان التحرير بعد مرور عام تقريبا على الثورة، كما تناولت شروط واشنطن لدعم اليمن الثورة كما أشارت الى تقرير الكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك عن الخوف الذى يجتاح تونس. ونشرت صحيفة" نيويورك تايمز"الامريكية اليوم تقريرا حول رؤيتها لما آلت إليه الأمور في مصر، والتحولات التي حدثت بعد مرور عام على الثورة .
ورسمت صورة لميدان التحرير يختلف كثيرا عما كان عليه، حيث ضجيج الباعة الجائلين والمغازل والمايكروفونات بصوتها المدوي، وأشياء ترتكب، ومشاعر غاضبة، والذين لا يزالوا يحلمون أصبحوا يحملون خيمهم ويرحلون ولا يقولون إلى أين، ليتبقى في الميدان قصص كثيرة عن الاعتداء الجنسي، وأخرى حين أرادت أن تتحدث من على المنصة لكمت ولم يتحرك أحد لمساعدتها.
وتشير الصحيفة إلى أنه بالرغم من مكانة التحرير الأخلاقية إلا أنهم حزموا حقائبهم وذهبوا إلى مكان آخر ومعهم محمد البرادعي التي وصفته الصحيفة "البطل السابق للعديد من الثوار" والذي لايريد أن يشترك في لعبة لا يحب قواعدها أو تفتقد إلى القواعد.
وعرضت الصحيفة آراء أحد الشباب المتواجدين في ميدان التحرير ناقلا التحول الذي أصاب الناس في هذه الأيام يقول: "العسكر تولوا السلطة في مصر وكأنه لاثورة حدثت أو نظام سقط ".
دعم أمريكي لليمن
وفى الشأن اليمني، ذكرت صحيفة واشنطن بوست الامريكية أن الادارة الامريكية تستعد لتكثيف دعمها لليمن فى حال تحرك حكومتها الجديدة بشكل سريع فى اعادة هيكلة قواتها العسكرية ومكافحة الفساد واجراء اصلاحات انتخابية .
وأوضحت الصحيفة فى تقرير على موقعها الالكترونى أنه عقب محادثات أجرتها الادارة الامريكية مع مسئولين فى الحكومة والمعارضة اليمنية ، أعلن جون برنان مستشار الرئيس الامريكى باراك أوباما لقضايا مكافحة الارهاب أن بلاده تعتزم تكثيف معونتها لليمن بشرط تنفيذ الحكومة اليمنية المعايير المطلوبة .
وقال برنان في تصريحات خاصة للصحيفة عقب زيارة استغرقت يومين لليمن أن الانتخابات الرئاسية اليمنية المقررة اليوم تعد خطوة فى غاية الاهمية لكنها مجرد خطوة فيما يدرك الشعب اليمنى أن لديه الكثير ليفعله قبل ذلك.
وأشارت الصحيفة الى أن اجراء الانتخابات يعتبر جزءا من اتفاق مبرم مع الحركات المعارضة ومفاداه تنحى الرئيس اليمنى على عبد الله صالح عن منصبه لنائبه عبد ربه منصور هادى المرشح الوحيد للانتخابات الرئاسيةالراهنة والذى تعهد بفتح باب الحوار مع الحركات المعارضة والانفصالية فى الشمال والجنوب .
ومع ذلك فان التعهد الاكثر أهمية التى تريده الادارة الامريكية يكمن فى مواصلة التعاون فى مكافحة الارهاب ضد تنظيم القاعدة التى يتخذ اليمن مقرا له حيث حذر مسئولون فى جهاز الاستخبارات الامريكية من خطورة تنظيم القاعدة حيث يشكل حاليا أكبر تهديد خطير للولايات المتحدة وحلفائها.
وأضافت الصحيفة أنه منذ الاحتجاجات التى اندلعت فى أوائل العام الماضى ضد نظام صالح الذى دام 33 عاما ، انقسم الجيش اليمنى الى جزء موالى للرئيس وجزء يدعم حركات المعارضة السياسية غير أن الدولة لاتزال حتى الان منقسمة الى حركات مختلفة .يشار الى أنه بدأت صباح اليوم عمليات التصويت بالدوائر الانتخابية علي مستوي الجمهورية اليمنية في الانتخابات الرئاسية المبكرة لانتخاب الرئيس التوافقي عبد ربه منصور هادي .
ويتم اختيار منصور لرئاسة الجمهورية اليمنية خلفا للرئيس علي عبد الله صالح ، وذلك لفترة انتقالية تستمر سنتين ، وفقا لأحد بنود المبادرة الخليجية لحل الأزمة السياسية اليمنية ، ويتم خلالهما إجراء العديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية وإعادة هيكلة قوات الجيش والأمن وغيرها من القضايا .
وفي تحقيق مصوَّر تنشرته صحيفة "الاندبندنت" البريطانية في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، قال الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك، إن ما بات يعرف بالربيع العربي في أعقاب قيام الشعب التونسي بثورته ضد عقود من الاستبداد، أضحى الآن ربيعا "مسمما" في ظل تضييق الخناق على الحريات وتنامي روح التعصب وارتفاع معدلات البطالة لتجلب بذلك (ثورة الياسمين) المزيد من الخوف للشعب التونسي بدلا من الحرية التي ناشدها من خلال ثورته.
واستشهد فيسك في ذلك بواقعة اعتقال كل من ناصر الدين بن سعدة الذي يتولى إدارة تحرير إحدى اصدارات الصحف التونسية تحت عنوان "التوانسة" ورئيس التحرير حبيب جوزاني والصحفي بالصحيفة محمد هادي هيدري على خلفية نشر الصحيفة لصورة أحد اللاعبين الالمان من أصل تونسي وهو يحتضن زوجته بين ذراعيه نصف عارية، فيما صنفه الكاتب فيسك بكونه تكرار للصراع ذاته "وهى الاخلاق في مواجهة الحرية".
ولفت إلى أن الحكومة التونسية المنتخبة بزعامة حزب "النهضة" التونسي الذي حظى بأغلبية أصوات بنسبة 40\% من الناخبين خلال الانتخابات التى شهدتها تونس في شهر أكتوبر الماضي استخدمت المادة رقم 121 من قانون العقوبات، التي تعود الى حقبة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، في سبيل اعتقال الصحفيين الثلاثة، فيما أفاد أحد كبار الاعضاء باتحاد الصحفيين التونسيين ويدعى مونجي خضرواى أن تلك المادة كان نظام بن علي قد حرص على إدارجها لتبرير حبس كل من يزعم معارضته للنظام، مشيرا الى أنه حتى وإن تم الاقرار بأن نشر الصورة يعد خطأ فادحا الا أنه يجب أن يعامل بوصفه "سقطة مهنية وليس جرم وقال الانتقادات التى وجهتها بعض مجموعات الصحفيين نحو حزب النهضة التونسي تندد بما رأته إدعاءات الحزب بأن يدعم حريات الاعلام والصحافة فيما يزعم أن مرسوم قانون رقم 115 المعنى بحرية الصحافة الذي تم تمريره العام الماضي من قبل السلطة الحاكمة للبلاد بشكل مؤقت لم يعد ساري المفعول، فماذا حدث لذلك المرسوم، هكذا تساءل فيسك.
وأردف فيسك - الذي يزور تونس حاليا - قائلا ربما قد يستشعر البعض أن ما تم ذكره سلفا لم يتعد سوى كونه "ترفا أو رفاهية" في بلد يصل تعداد سكانه 10 ملايين نسمة تعاني الطبقة العاملة فيه والتي تقدر بنحو 5ر3 مليون نسمة وطأة ارتفاع معدلات البطالة مع وجود نحو 800 الف عاطل عن العمل فضلا عما أعلنه البنك المركزي التونسي عن اقتراب معدلات التنمية في البلاد خلال العام الماضي إلى معدلات الصفر، ذلك إلى جانب اغلاق ما يقرب من 80 شركة دولية مقراتها في تونس ومغادرة البلاد والأخذ في الاعتبار أن الحكومة التونسية الحالية ليس أمامها سوى فترة أقصاها 18شهرا لتعد فيها دستور جديد للبلاد.
ولكن - حسبما أشار فيسك - هذا ليس جل ما تركه حكم الرئيس السابق بن علي للبلاد لأكثر من عقدين من الزمان من إرث زخم، فقد عملت حكومته "المتملقة" على إغداق الأموال والثروات على العاصمة تونس من ناحية وتجويع شعبها من سكان المناطق الريفية والاقاليم من ناحية أخرى ومن هنا كان أول ظهور للجماعات السلفية التي عانت من نفور شديد من قبل نظام بن علي لعقود كثيرة على، حد قول الكاتب البريطاني.
وإلى جانب الشأن التونسي والشأن اليمني، فإننا نطالع في صحف الثلاثاء أيضا طيفا واسعا من التقارير والتحقيقات والمقالات النقدية والتحليلية التي تتناول قضايا المنطقة العربية وإيران، بالإضافة إلى شؤون محلية ودولية أخرى. فصحيفة التايمز تخصِّص افتتاحيتها الأولى عن الشأن الإيراني، إذ تعنون: "إيران على حافَّة الهاوية". تقول الصحيفة في افتتاحيتها: "إن العالم يسير نحو حرب في الخليج كمن يمشي في نومه، وإن كان لا يزال أمام طهران الوقت لتغيير النهج والطريق الذي تسلك". وترى التايمز أن أمر سعي إيران لتطوير سلاح نووي يجب أن يكون بعيدا عن أي شكٍّ أو ريب في هذه المرحلة، وإن كان هنالك القليل من الإجماع في العالم حول مدى قرب طهران من قدرتها على إنتاج القنبلة النووية. وتخلص الصحيفة إلى القول: "قبل أن يصبح الصراع الوشيك صراعا حقيقيا، ينبغي إقناع إيران بفوائد انضمامها إلى بقية الجنس البشري العالم". رسم ساخر وبلغة الرسم الكاريكاتيري الساخر تخبرنا "التايمز" كم هو صعب على أعداء إيران، أي الولاياتالمتحدة وإسرائيل والاتحاد الأوروبي والسعودية، أن تنفذ أي خطط لضرب إيران إن هي أرادت فعل ذلك. فعلى الصفحة 23 من الصحيفة، نطالع رسما كاريكاتيريا تظهر فيها طائرة حربية مزوَّدة بمجموعة من الصواريخ، وتحمل أعلام الدول المذكورة أعلاه، وقد اقتربت من محطَّة للتزوُّد بالوقود قبل انطلاقها في مهمتها القتالية. أمَّا عامل محطَّة الوقود، فليس سوى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وقد أحجم عن تزويد الطائرة بما تحتاجه، لا بل ثبَّت مضخَّتي الوقود إلى خصره، وقد بدتا بدورهما كرشاشين حربيين. وفي المنتصف كلمة واحدة تقول "تعادل"، وكأن ثمة رسالة تريد الصحيفة قولها: كلا الطرفين لديه سلاح فاعل يُعتد به: حلفاء يريدون تدمير خصم بأحدث الصواريخ والطائرات، وخصم يجيد استخدام النفط كسلاح ببساطة عبر تحكُّمه به. وعلى الوتر ذاته تعزف الفايننشال تايمز، إذ ترفق الصحيفة تحقيقها، المعنون "الانزلاق إلى الحرب مع إيران"، برسم كاريكاتيري يُظهر الإيرانيين وخصومهم وقد وقف كلُّ طرف على مسنَّن عملاق لآلة طاحنة وراح الجميع يحملون أسلحة فتاكة لا يبدو أنها ستسلم هي أيضا من فتك تلك المسننات العملاقة.