قامت ثورة 25 يناير من العام الماضي ثورة على الاستبداد ولإحلال الحرية محل الاستعباد وللقضاء على الفساد في الحكم والإدارة . واتفق المصريون على وسيلة لتحقيق ذلك وهو اختيار الديمقراطية ولا شك أن الديمقراطية لها تطبيقات مختلفة وتتأثر بثقافة كل شعب حسب عاداته وتقاليده . وبحسب الأولويات وتأثرا بميراث النظام السابق حدث الاستفتاء وكانت نتيجته أن يأتي البرلمان ثم الدستور . وبما أني إسلامي الثقافة والتوجه فالعادي أني أسعد لنتيجة الانتخابات فقد أتت الانتخابات بقرابة 70% للتيار الإسلامي . إلا أني بعد التفكر وددت لو كانت تلك النسبة أقل تأليفا للقلوب واستبعادا للإستقطاب . والحقيقة من وجهة نظري أن الخلاف في المشكلات الاقتصادية محدود وكذلك المشكلات الاجتماعية فالكل ضد الرشوة والفساد الإداري وكذلك تحديد العدو الخارجي والدوائر التي تجمعنا بالعالم الخارجي والإنساني . ولا شك أننا كلنا مع العدالة الاجتماعية ورفع الحد الأدنى من الأجور وتقليل الحد الأقصى من الأجور الخيالية. وعلى أرض الواقع أعلن الكل احترامهم للمعاهدات الدولية بما فيها كامب ديفيد وربما يكون تأثير الإخوان على حماس أكبر من النظم السابقة بما يفيد عملية السلام من وجهة نظر البعض . ولعل التصريحات التطمينية تتوالى من عدم المساس بالسياحة الشاطئية وذهاب وفود لتطمين الفنانين بأن الفن جزء من الإسلام ولا أعرف كيف وأرى ذلك مبالغة في التصريحات وكان يكفي أنه مباح ما اجتنبت فيه الحرمات . ولكن المبالغة في التطمين كان الأولى منها أن يتنبه الإسلاميون ما المراد من دخول مجلس الشعب بهذا العدد الكبير وما فائدة الدخول بكل هذا العدد إلا المغالبة وليست المشاركة ونحن نعلم أن الاستقطاب مقدمة لمشاكل لا يعلمها إلا الله . والإسلاميون الأصل فيهم أنهم زاهدون في الدنيا وهم غير طالبين للإمارة وأنهم الفدائيون إذا احتاج الوطن والباذلون إذا شح الناس وآخر الناس طلبا للغنيمة حين يقبل الناس . فهل هذا ما ظهروا به في تلك الانتخابات وهل هم في نظر الناس كالفارس المنقذ النبيل أم الفارس النهاز للفرص المتعالي على عباد الله المستضعفين وأنا لا أريد أن أقسو على متأولين لمرضاة الله فالله أعلم بالنيات فالإسلاميون تبعا لقادتهم قد اجتهدوا وقد يكونون أصابوا أو أخطأوا . والمهم اليوم أن تأليف القلوب مقدم على استيفاء الحقوق ولعل هناك فرصة ليستوعب الإسلاميون إخواننا الليبراليين وغيرهم من اليساريين فالثورة هي من أتت بمجلس الشعب الذي أغلبيته إسلاميون. وبالرغم أني إسلامي مع أول قضية شاركت فيها وهي قضية الفنية العسكرية سنة 1974 إلا أني أطلب بشدة من الإسلاميين اعتبار إخواننا الليبراليين لحقهم في المواطنة ولحقهم في الشراكة الكاملة في الثورة فإن لهم حقوقا علينا أن نستكمل معهم ما بدءناه معا وهي إرساء دولة القانون من غير إقصاء لهم ولا محاولة استقطاب ستضر مصر جميعها . وأخيرا أرجو أن يكون 25 يناير القادم هو يوم اللحمة المصري الذي يبذل فيه الخير ونمتنع فيه عن كل شر ونكون فيه عباد الله إخوانا.