كشف الزعيم الروحى لحركة "شاس" الدينية اليهودية المتشددة بإسرائيل "عوفاديا يوسف"، أمس السبت عن قيامه بمباركة الرئيس المخلوع مبارك بالقصر الجمهورى بعد تولية الحكم وهو السر الذي جعل مبارك يستمر فى السلطة لمدة 30 عاما . وقال "عوفاديا" خلال عظته الأسبوعية التي نقلتها عنها صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن مبارك كان رجل سلام ولا يحب الحروب، بالإضافة إلى أنه يحب إسرائيل، ولكنه الآن سقط، وأنه سيظل يدعو الله أن ينقذه من أيدي أعدائه – فى أشارة الى الثوار-.
وأضاف الحاخام المتطرف إن الشعب اليهودى المتدين كله فى إسرائيل يصلى من أجل مبارك ويدعو الله أن يفك كربه ويزيح همه ومحنته، فمبارك جلب الشرف والاحترام إلى مصر، ولكنه سقط الآن، مطالبا الاسرائيلين بالصلاة والدعاء لله بأن يزرع فى قلوب القضاة الحكمة والفهم والمعرفة، وأن يوقفوا محاكمه مبارك، ويخرجوه بريئا من التهم الموجه إليه.
وحول قصة مباركته لمبارك قال "عوفاديا": "لقد ذهبت إلى هذا اللقاء عندما عرفت أن كبار المهندسين فى مصر قرروا أن يعملوا مساراً جديداً لطريق معين، وذلك لتسهيل حركة السير على المواطنين المصريين، لكن المشكلة كانت أن هذا الطريق سيعبر من خلال مقبرة يهودية، وكان معى حينها الحاخام أرييه درعى أيضاً، حيث استقبلنا مبارك بشكل محترم ورسمى، وعرضنا عليه المشكلة التى جئنا من أجلها، وطلبنا منه تغيير مسار الطريق، حتى لا تنتهك حرمة المقبرة اليهودية ومن طرفه لم يعارض طلبنا، وأظهر لنا الاحترام الكامل ووافق على الفور".
مضيفا:"وعقب انتهاء الاجتماع مع مبارك والاتفاق على كل الأشياء، بقيت أنا وهو لوحدنا فى مكتبه بالقصر الجمهورى بالقاهرة، حيث بادرنى مبارك بالحديث قائلا.. يا سيدى الحاخام، باركنى فأنا أؤمن ببركتك".
وقال عوفاديا "قمت بوضع يدى على رأسه وباركته وكان ذلك قبل 28 عاماً، فعندما يمكث رئيس مصرى طوال ما يقارب من 30 عاماً فى حكم مصر، فهذه الفترة أمر غير اعتيادي، بل نادر الحدوث، وهذا بفضل بركة الله التى باركته بها".
يذكر أن الحاخام الإسرائيلي عوفاديا يوسف قد سبق أن طلب من الأزهر إصدار فتوى للعفو عن الرئيس السابق مبارك، وذلك فى مسعاه لبدء حملة دينية وإنسانية للمناداة بإطلاق سراح مبارك بتعليمات من بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلى.
ويعتبر يوسف من اقرب اصدقاء مبارك من الاسرائيليين حيث سبق لهذا الحاخام بان ارسل حينما مرض مبارك في عام 2010 برسالة تهنئة بالشفاء وكان نصها "أكتب إلى فخامتكم ومقامكم السامي الرفيع، أكتب إلى السيد الرئيس محمد حسني مبارك، صاحب المقام العالي، رئيس دولة مصر أننا نصلى هنا فى إسرائيل إلى الخالق لكى يمنحك الشفاء الكامل والشفاء العاجل .. نحن نتمنى أن تدوم لقيادة شعبكم وجميع سكان مصر بكل فخر وبالشجاعة والقوة، فى سنوات طويلة من الحياة والسلام .. أتمنى يا سيادة الرئيس أن تستمر في قيادة شعبك بحكمتك المعهودة، وقوتك، ورباطة جأشك، ويمتد بك العمر، وتعيش سنوات موفورة بالصحة ويظللها الأمن والسلام، وتنجح في مسعاك، وتتحقق كل أمنياتك، وتسبح في نهر الحكمة والسعادة والخير والرضا .. مع خالص التقدير دمتم فى سعادة فخامة الرئيس".
ليس هذا فقط بل إن الحاخام اليهودي يحرص دائما على خطب ود مبارك، وسبق أن زار مبارك بنفسه، بصحبة وزير الداخلية الإسرائيلي، ورئيس حزب شاس الوزير إيلي يشاي، وكان رد الرئيس السابق على الرسالة بنفس الود فقد نشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرا قالت فيه إن مبارك أكد أنه يتمتع بصحة جيدة في رسالة موجهة إلى الحاخام عوفاديا يوسف، وأن فترة نقاهته قد إنتهت.
وعوفاديا يوسف من مواليد 23 سبتمبر عام 1920 في البصرة بالعراق، في عام 1924 انتقل عوفاديا يوسف مع عائلته من البصرة إلى القدس لتلقّى تعليمه الديني، في عام 1947 دعي يوسف إلى القاهرة من قبل الحاخام اهارون شويخا، للتدريس في المدرسة الدينية اليهودية ثم تولّى رئاسة (محكمة الحاخامية) بشارع عدلي في وسط القاهرة وبعد تعيينه بسنة عاد إلى إسرائيل، عين عوفاديا في محكمة الاستئناف اليهودية العليا في القدس، ثم أصبح كبير حاخامات السفارديم في تل أبيب في عام 1968، ثم تم انتخابه كبيراً لحاخامات السفارديم في إسرائيل في عام 1973 ، وهو الآن الزعيم الروحي لحزب شاس الإسرائيلي، ويحظي بالتبجيل، وأهم شخصية دينية في الجيل الحالي، وهو مصدر الفُتوى الدينية، كانت له العديد من المواقف المثيرة للجدل في السياسة الإسرائيلية، كما أنه يجيد اللغة العربية، وصُنّف الحاخام يوسف باعتباره واحد من أكثر الحاخامات تأثيرا في الرأي العام في إسرائيل.