صدر مؤخراً عن مركز الفكر المعاصر- الرياض كتاب "الإسلام الذي يريده الغرب – قراءة في وثيقة أمريكية" للمؤلف صالح بن عبد الله الحسَّاب الغامدي. يتناول الكتاب تقريراً مهماً أصدرته مؤسسة "راند للأبحاث والتنمية" التي تعد من أشهر وأبرز المؤسسات البحثية في أمريكا, أطلقت المؤسسة على التقرير اسم" إسلام حضاري ديمقراطي شركاء وموارد واستراتيجيات"، وأعلنت فيه صراحة ولأول مرة عن ضرورة تغيير العالم الإسلامي فكرياً عن طريق التأثير المباشر على الدين الإسلامي وبفعل أيدٍ إسلامية. وقد جاء هذا الكتاب ليتصدى لهذا التقرير علمياً, ويوضح ما فيه من أخطاء ومغالطات كثيرة فيما يخص ديننا الحنيف. الكتاب بدأه المؤلف بتمهيد تحدث فيه بالتفصيل عن تاريخ مراكز البحوث الغربية ومراحل التطور التي مرت بها والتي تكونت من خمس مراحل ابتداء من عام 1865م إلى الوقت الحاضر الذي نعيش فيه. ثم شرع المؤلف في فصول الكتاب الأربعة، فتناول في الفصل الأول بالدراسة مؤسسة راند, تحدث من خلاله عن تاريخ نشأتها في منتصف القرن الماضي, كما تناول مجموعة من أبرز باحثيها. أما الفصل الثاني: فقد تناول موقف التقرير من القرآن الكريم, حيث أثار حوله مجموعة من الشبه والأباطيل التي دحضها المؤلف وناقشها. ليستعرض بعد ذلك موقف هذا التقرير من شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم, حيث بين أنه لم يسئ مباشرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإنما أساء إليه بأسلوب غير مباشر. وأنه تعامل مع شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بحذر شديد, ووظف سيرته بشكل ملتوي للوصول إلى غايته وهي إعادة صياغة الإسلام. كما تناول المؤلف موقف التقرير من السنة النبوية الشريفة مبيناً أنه لا يختلف في مضمونه عن موقف المستشرقين المتضمن للقدح والتشكيك والتنقص, بل زاد التقرير على الاستشراق باستخدام السنّة النبوية ضمن أدواته الاستراتيجية في مشروعه لبناء إسلام حضاري ديمقراطي يرضى عنه الغرب. وتكلم المؤلف في الفصل الثالث: عن موقف هذا التقرير من قضايا المرأة والذي يعتبر امتداداً طبيعياً لمشروع تغريب المرأة المسلمة بشقيه النظري والعملي, وموقفه من العقوبات الجنائية والتشريع الإسلامي, والذي لم يخرج عن موقف الغرب بوجه عام والمستشرقين بوجه خاص في التقليل من شأن الشريعة الإسلامية, والافتراء والتجني عليها بجعلها سبباً رئيساً في تقهقر العالم الإسلامي وتراجعه عن الركب الغربي. وأما آخر فصل من فصول الكتاب فتناول فيه المؤلف بالدراسة تلك المقترحات الصادرة عن التقرير وآثارها في واقع المسلمين, فتحدث عن هذه المقترحات من الناحية النظرية والتطبيقية, حيث أوضح الخطة الاستراتيجية الرئيسية التي وضعها التقرير والتي تتألف من خمسة بنود وهي: دعم المجددين, ودعم العلمانيين بحذر, وتشجيع المجتمع المدني, ودعم التقليدين في مواجهة العلمانيين, ومعارضة الأصوليين, متحدثاً بعد ذلك عن الأثر الذي ينعكس على واقع المسلمين من هذا التقرير, ليختم بذكر الفائدة المجنية من هذه الدراسة عن تقرير راند في واقع المسلمين.