لا نستطيع ان نطلق على اى نظام حكم بانه يمتلك الشرعية الدستورية الا اذا كان يمتلك دستورا تو اعداده عن طريق لجنة تاسيسية تثل كافة فئات الشعب بكل اطيافه واديانه وانتمائته. ذلك لان الدستور هو الوثيقة الفوق قانونية والتى تحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم وتبين الحقوق والواجبات لكل مواطن . كذلك يحدد مبداء الفصل بين السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية حتى لا تجور سلطة على سلطة اخرى فيتم التكامل الذى يصب لصالح الوطن والمواطن . ايضا لاتكتمل تلك الشرعية بغير قيام مجلس تشريعيى يقوم بمهامه فى التشريع والرقابة على حكومة تمثل السلطة التنفيذية لانها خاضعة لرقابة هذا المجلس الذى يمثل الشعب عن طريق انتخابات حرة مب شرة يكتمل فيها الجانب الاجرائى _وهو صندوق الانتخابات_ كذلك الجانب القيمى وهو يتمثل فى ذلك الوعى السياسى لدى المواطن الذى يملك حرية الاختيار دون وصاية دينية او سياسية او اجتماعية. ثم بعد ذلك يكون رئيسا للجمهورية تحدد صلاحياته دستوريا بما لا يجعله حاكما مستبدا او ديكتاتورا لا يرى غير ذاته لا يعمل سوى لمصلحته هو وبطانته . وكل هذا يكلله نظاما حزبيا لاحزاب تتمتع بجماهيرية حقيقية حتى تكون معبرة عن الجماهير لمتابعة ومراقبة الحكومة عن طريق تكوين الراى العام الضاغط بالاساليب الشرعية والقانونية مثل التظاهر والاعتصام والاحتجاجات. اما الشرعية الثورية فهى تلك الشرعية التى تفرض نفسها من خلال قيام ثورة شعبية جماهيرية تثور على نظام الحكم القائم فتسقطه ويكون بديلا لهذا النظام سلطة ثورية . وسقوط النظام يعنى اسقاط الدستور وحل المجلس التشريعى واسقاط الحكومة ورئيس الجمهورية وتكون كل هذه السلطات مجتمعة فى يد السلطة الثورية الجديدة المؤقتة التى تنتهى عند بناء موسسات الدولة لااستعادة السلطة الدستورية مرة اخرى بعد ترتيب الامور لاحداث كل المتغيرات الثورية وتطبيق مبادىء وتنفيذ اهاف الثورة لتحقيق مطالب الجماهير الثائرة. وعلى ذلك فماهم وضعنا على ضوء هذا الكلام؟ نحن قمنا بثورة جماهيرية بدون تنظيم يمتلك السلطة الثورية.فكان المجلس العسكرى هو البديل لهذه السلطة ؟ ولانه لم يشارك فى الثورة فحولت قدراته هذه الثورة الرائعة الى حركة اصلاحية لا تمتلك حتى منهج هذا الاصلاح.فلم نجد الثورة ولم نعثر على هذا الاصلاح. ومع هذا كان الاسراع المدبر لاعادة بناء موسسات الدولة قبل ترتيب الامور فى اطارها الثورى حتى نستكمل الثورة. ولكن سيتم انتخاب مجاس الشعب لتسيطر عليه الاغلبية الاسلامية التى تفرض سيطرتها على وضع الدستور عن طريق اختيارها للهئية التاسيسية ورفضها للتشاور حول مبادىء دستورية يرتضيها الجميعحتى لايكون دستورا على المقاس ولا يصلح لكل مقاس. وسيكون هناك رئيس للجمهورية لم تعرف صلاحياته قبل وضع الدستور. ونظرا لتخبط مسار الثورة منذ استفتاء 19 مارس ولتكالب الجميع على المكاسب الذاتية والحزبية ولم لعدم دراية المجلس العسكرى بالادارة السياسية لا فى اطارها الثورى ولا فى وضعها الاصلاحى. وسيطرت تيار واحد على مجريات الامور خاصة ان هذا التيار افزع الجميع بتصريحاته المتطرفة التى افزعت المسلمين غير المنتمين لتلك التيارات وغير المسلمين الذين تعتبرهم بعض هذه التصريحات اقل من نصف مواطن. ناهيك عن تلك النظرة السلفية التى ترفض كل التطورات والمتغيرات المتسقة مع زمانها وغير المتناقضة مع المقاصد العليا للدين . حيث يقول ابن تيمية (من يفتى الناس بغير زمانهم ضال ومضل) .ونتيجة لكل ذلك كان من الطبيعى ان تستمر رمزية ميدان التحرير كرمز دائم للثورة حتى تتحقق . فكان وسيكون ذلك التناقض والتداخل بين الشرعية الدستورية والثورية.فبعد استكمالموسسات الدولة سيقول المجلس التشريعى نحن نمتلك الشرعية الدستورية شعبيا وانتخابيا فنحن ممثلى الشعب. فما هى صفة ميدان التحرير الان ؟ومن يمثلونظوما هو وضعهم الدستورى؟ وسيقول الميداننحن ضمير الثورة ولن نتنازل حتى تحقيقها .فما الحل؟لاشك نحن نحترم الشرعية الدستورية رغم المأخذ.ولكن من الذى قال ان الثورة اكتملت او هى فى طريق تحقيقها على ضوء الواقع الدستورى الحالى . خاصة انه لايدعى احد ان هناك سلطة ثورية.اذن فنحن فى احتياج للشرعيتين مع اعادة النظر فى اليات التحرير حتىلا يحدث تصادم غير مطلوب ونستمر فى حالة عدم استقرار دائم . وعلى الشرعية الدستورية ان تعلم انه مهما حدث للثورة هناك متغير لا ينكر وهو دور الجماهير وهو المشكل للراى العام الذى يهدى صانع القرار .فلابد من بناء الشرعيتين حتى تكتمل الثورة.