موسكو: حث سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي سوريا بالسماح لبعثة مراقبي جامعة الدول العربية بالتنقل بحرية في أنحاء البلاد أثناء تحققها مما إذا كانت دمشق تنفذ خطة السلام العربية لإنهاء أعمال العنف المستمرة منذ تسعة أشهر. وقدمت روسيا لمجلس الأمن الدولي مشروع قرار يدين أعمال العنف التي تقول المنظمة الدولية إنها أسفرت عن مقتل أكثر من خمسة آلاف من المدنيين، لكنه أحجم عن إلقاء اللوم على القيادة السورية. وبهذا الصدد، قال وزير الخارجية الروسي خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري محمد كامل عمرو "قرارنا الذي يقوم على أساس التوقعات الروسية والصينية، والذي قدمناه في شهر سبتمبر/أيلول ، يستند إلى النقطة الرئيسة في مبادرة الجامعة العربية والتي تشير إلى أن الهجمات يجب أن تتوقف بغض النظر عن أي جانب أتت منه". واضاف لافروف ان مشروع القرار الروسي يدين بالتساوي استخدام القوة من قبل الحكومة السورية ضد المتظاهرين المسالمين وكذلك الاستفزازات المسلحة التي نظمتها جماعات مسلحة في سياق هذه التظاهرات السلمية. وأوضح "ان قرار مشروعهم يدعو المتظاهرين المسالمين وجميع المسؤولين المنضوين تحت لواء المعارضة إلى الابتعاد عن جماعات التحريض المسلحة التي ترغب في تصعيد العنف" ، يرحّب بخطوة إرسال مراقبين من جامعة الدول العربية إلى سوريا، بحيث يمكن أن تزور البعثة أي جزء من البلاد .معربا عن تأييد موسكو لبعثة المراقبين العرب. وتعارض روسيا تدخلا غربيا في الأزمة السورية وما تزال ترفض فرض مجلس الأمن الدولي حظرا على الأسلحة لسوريا. وأضاف لافروف :"إن روسيا قد تتخلى عن مشروع قرارها إذا أفضت مهمة المراقبين العرب إلى محادثات مباشرة. في غضون ذلك، أعلن وفد المراقبين التابعين للجامعة العربية أنه سيزور اليوم الخميس مدن إدلب ودرعا وحماه السورية، في وقت شكك فيه معارضون بقدرة المراقبين على رصد التجاوزات ومراقبة امتثال الحكومة السورية لبنود المبادرة العربية. وكان المراقبون قد زاروا أمس الأربعاء حي بابا عمرو في حمص، وقال رئيس بعثة المراقبي محمد احمد مصطفى الدابي إن مراقبي الجامعة العربية سيبدأون اعتبارا من مساء الأربعاء التحرك في درعا وإدلب وحماة. وأضاف الدابي أن "16 مراقبا إضافيا وصلوا وسنواصل العمل مع الجامعة لدفع المجموعات الأخرى خطوة خطوة حتى يتم تغطية كل سوريا" ،مشيرا إلى أن النظام لم يتوقف عن العنف وقتل المتظاهرين رغم وجود المراقبين العرب. هذا وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المراقبين دخلوا الأربعاء حي بابا عمرو في حمص، موضحا أن أهالي الحي رفضوا في البداية السماح للمراقبين بدخول الحي لأن ضابطا في الجيش السوري كان يرافقهم، وإن اللجنة توجهت بعد ذلك إلى حي باب السباع حيث نظم النظام فيه مسيرة مؤيدة". وفي هذا السياق، قال رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سوريا عمار القربي لراديو "سوا" :"إن هذه الجامعة هي شكل تجمع سياسي يجمع الدول العربية كحكومات، وليس بيديه أي آلية تنفيذية من أجل تنفيذ عقوبات أو إجراءات رادعة، لذا رأينا أن هذه البعثة لم تطبق المبادرة العربية إذ لم يتم سحب الدبابات والجيش". وعلى الصعيد الأمني، قالت لجان التنسيق المحلية في سوريا والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن 15 شخصا قتلوا برصاص الأمن السوري . وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أيضا ان سبعة أشخاص على الأقل أصيبوا أمس في مدينة حماة عندما استخدمت قوات الأمن الذخيرة الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق تظاهرة ضد الرئيس السوري بشار الأسد قبل يوم واحد من زيارة مراقبين عرب للمدينة. وفي تطور جديد، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا" ان السلطات السورية أعلنت إخلاء سبيل 755 من المعتقلين شاركوا في التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، ولم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين . في المقابل، قللت سواسية منتهى الأطرش رئيسة منظمة السورية لحقوق الإنسان، من أهمية إخلاء سبيل هؤلاء المعتقلين، وقالت لراديو "سوا" "يفرجون اليوم عن 700 شخص، وبعد عدة أيام يعتقلون 1000 آخرين، إن النظام يتحد ولا يعطي أي اعتبار لا لقرارات الجامعة ولا غيرها".
واعلن رئيس بعثة المراقبين مصطفى الدابي انه لم يشاهد حتى الان ما يثير الخوف مما اثار غضب المعارضين والمسؤولين الغربيين. واعلن نشطاء المعارضة ان 40 شخصا قتلوا خلال يومين رغم انتشار المراقبين العرب الذين من المقرر ان يتم انتشارهم الخميس في كل من درعا وريف دمشق وحماة وادلب بعد وصول دفعة جديدة منهم الى سورية. واعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ان منشقين عن الجيش السوري قتلوا اربعة جنود على الاقل في محافظة درعا الاربعاء بينما سقط مزيد من المتظاهرين في حي باب عمرو في مدينة حمص وحماة وحلب. وقال رئيس المرصد رامي عبد الرحمن :"إن بعض المراقبين دخلوا الى بابا عمرو في نهاية المطاف وان اهالي بابا عمرو طلبوا من رئيس اللجنة ان يدخل لمقابلة اهالي الشهداء والجرحى وليس فقط لمقابلة البعثيين". وتابع انهم ناشدوا اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي "تأمين علاج آمن للجرحى الذين اصيبوا في الايام الماضية وعددهم حوالى مئتين في بابا عمرو لانه يخشى ان يصبحوا في عداد الشهداء في مستشفيات الدولة". وقال المرصد ان "اللجنة توجهت بعد ذلك الى حي باب السباع حيث نظم النظام فيه مسيرة مؤيدة" له، على حد قوله. وكان الفريق مصطفى الدابي، رئيس بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، قد قال في وقت سابق من اليوم في تصريحات لوكالة رويترز للأنباء "إن الوضع في مدينة حمص يبعث على الاطمئنان" وأضاف: "كان الوضع في بعض المناطق المحدَّدة غير جيد، ولكن لم يحصل أي شيء مخيف على الأقل عندما كنَّا هناك، لقد كانت الأوضاع هادئة ولم تحصل أي صدامات." ومضى إلى القول: "تذكَّروا أنه كان اليوم الأول من مهمتنا، ولا يزال الوضع بحاجة إلى المزيد من التحقيق. نحن لدينا 20 فردا سيمكثون في حمص لفترة طويلة." كما نقلت وكالة "الأنباء الفرنسية" عن الفريق الدابي قوله إن انتشار المراقبين في ثلاث مدن أخرى، وهي حماة وإدلب ودرعا، سيكتمل بحلول فجر الخميس. كما سينتشرون في منطقة نصف قطرها 80 كيلومترا حول العاصمة دمشق. وانتقد عضو المجلس الوطني السوري المعارض اسامة المنجد اداء بعثة المراقبين العرب وقال انها "لا تمتلك اي تفويض وبلا سلطة ولا اسنان ولا يخشى النظام من وجودهم في سوريا وهو مستمر بنفس وتيرة القتل". وقالت وزارة الخارجية الفرنسية ان المراقبين العرب لم يمكثوا الا فترة قصيرة في حمص للتمكن "من التحقق من الوضع" على الارض ولم يحولوا دون مواصلة حملة القمع في هذه المدينة. وقال المتحدث باسم الوزارة "على المراقبين العرب العودة دون تأخر الى هذه المدينة والتمكن من التنقل بحرية في كافة احيائها ومن اجراء الاتصالات اللازمة مع كافة السكان". واتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش اتَّهمت السلطات السورية بتعمد إخفاء المئات من المعتقلين عن أنظار المراقبين. وقالت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان إن المعتقلين نُقلوا إلى مواقع عسكرية يحظر على المراقبين الوصول إليها، وحثت المنظمة بعثة الجامعة العربية على الإصرار على تفتيش كل المواقع المستخدمة لاحتجاز المعتقلين. وقال مسؤول أمني سوري في حمص للمنظمة إن الحكومة السورية نقلت ما بين 400 و500 معتقل من أحد مراكز الاعتقال في المدينة إلى أماكن أخرى، بما فيها مصنع قريب للصواريخ، وذلك عقب توقيعها على تفويض دخول المراقبين العرب. وكانت منظمة الأممالمتحدة قالت مؤخَّرا إن 5000 قتيل على الأقل سقطوا منذ بدء الاحتجاجات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الخامس عشر من شهر مارس/آذار الماضي. لكن النظام السوري يقول إن أكثر من ألفين من عناصر الجيش والأمن والشرطة قُتلوا خلال هذه الفترة على أيدي "مجموعات إرهابية مسلَّحة".