ما إن تسمع أذنيك عذوبة صوت المداحين ومنشدي الغناء الصوفي إلا وتسمو روحك وتنتقل إلى عالم روحاني يشعرك أنك في عنان السماء. بداية رحلة المداحين كانت من قراهم الصعيدية الصغيرة إلى أن وصلوا إلى دول أوروبا ، فتعالوا بنا نتعرف على قصة هؤلاء المداحين خلال السطور التالية: سيد النقشبندي أستاذ المداحين قديما وحديثا. ولد في قرية "دميرة" إحدى قرى محافظة الدقهلية عام 1920. وهو صاحب مدرسة متميزة قي الابتهالات، وأحد أشهر المنشدين والمبتهلين والمداحين في تاريخ الإنشاد الديني على الإطلاق. يتمتع الشيخ النقشبندي بصوت يراه الخبراء، أحد أقوى وأوسع الأصوات مساحة في تاريخ التسجيلات؛ فهو من أعذب الأصوات التي قدمت الأدعية الدينية، قال عنه الدكتور مصطفى محمود في برنامج "العلم والإيمان": "إنه مثل النور الكريم الفريد الذي لم يصل إليه أحد". أحمد التوني لقبه محبوه ب"ساقي الأرواح وسلطان المداحيين" وقد ولد في محافظة أسيوط بصعيد مصر، ويعتبر من أشهر منشدي الجنوب، وقد استطاع بأدائه المتميز الخروج بالغناء الصوفي من المحلية إلى العالمية. للشيخ التوني تلاميذ كثيرون استطاعوا الارتقاء بالفن الصوفي أيضا، أشهرهم الشيخ ياسين التهامي، ويهدف الشيخ التوني من خلال الإنشاد والموسيقى الروحية إلى إيصال رسالة التصوف الإسلامي إلى العالم كله. يؤمن الشيخ التوني بأن الموسيقى لها تأثير فعال في إيصال المعاني الروحانية إلى النفوس؛ فهي تجلب الجمهور للإنشاد الديني، وتقرب المعنى وتطرب النفس وترقق المشاعر، كما تضيف على حفلات الإنشاد الصوفي، نوعًا من الصفاء والحب، وكان الشيخ يضبط إيقاع أناشيده من خلال النقر بالمسبحة على كأس زجاجي. ياسين التهامي يعرف ياسين التهامي بشيخ المداحين، ولد في قرية "الحواتكة" بمركز منفلوط في أسيوط سنة 1949. منذ أن ظهر حبه للمدح منذ طفولته، وكرس حياته للعمل على الارتقاء بالإنشاد الديني الشعبي من الأسلوب الدارج والكلمات العامية، إلى تطعيمه بألوان الشعر الصوفي الفصيح لكبار الشعراء، ويرجع هذا إلى تأثره بعمالقة الشعر الصوفي، أمثال عمر بن الفارض، ومنصور الحلاج، ومحيي الدين بن عربي، وغيرهم. تربع التهامي على عرش الإنشاد الديني لمدة تقارب الثلاثين عامًا، كما أحيا حفلات للإنشاد الديني في أكثر من دولة أوروبية، ونال الكثير من الجوائز. العربي فرحان البلبيسي من مواليد محافظة الشرقية، وقد قدم الأناشيد الدينية في فترة السبيعينات والثمانينات لكن شهرته الأوسع كانت عن مديح الرسول و الابتهالات، وأشهر أعماله "قصدت بابك" و"مواكب الرحمة". عبد النبي الرنان عندما يمتزج المديح بموسيقى الكف الصعيدية، يكون الناتج عملًا فنيًا فريدا، يخلق لصاحبه لونه الخاص. هذا اللون هو الذي أبدع فيه الشيخ عبدالنبي الرنان الذي لُقِّبَ ب"مداح بالكف". ولد "الرنان" في قرية الدير بمركز إسنا، محافظة قنا عام 1950، وقد اكتسب لقب "الرنان" نظرًا لرنين صوته بليالي المدح، التي يقيمها الشيخ "أحمد البرين". وقد جعل لمدائحه مذاقا خاصا عن طريق الإيقاع على الطبلة، وارتبط الشيخ "الرنان" بطبلته الذي صنعها بيده وعزف عليها جميع أناشيده، وأقسم على ألا يتركها حتى يموت، وبالفعل لازمته هذه الطبلة حتى وافته المنية يوم 18 أغسطس 2009. مكرم المنياوي الديانة مسيحيّ، والمهنة مداح نبوي، هذا هو مكرم المنياوي الذي ولد عام 1952 بقرية كفر بني أحمد بالقرب من محافظة المنيا، ترك الميناوي المدرسة وبدأ يمارس فن المدائح، عندما كان عمره 14 عاما، وكان ما يميزه عن غيره من المدّاحين، أنه مسيحي الديانة. وعن سؤاله حول اختياره هذا المجال، قال «كرم» في حوارات سابقة له: "أريد أن ازرع الود والمحبة بين المسلم والمسيحي، أريد أن أجعل الناس تشعر أنه ليس هناك فرق بين مسيحي ومسلم»، وقال أيضًا أنه كتب أكثر من 80 من قصائد المديح، بعضها يجمع رموزا مسيحية وإسلامية. زين محمود مداح أبًا عن جد، وأحد أبناء الطريقة الشاذلية الصوفية، ولد زين محمود بقرية مزار بمحافظة المنيا، التحق بفرقة "الورشة" سنة 1992، و تعلم فيها الغناء الشعبي والسيرة الهلالية، على يد آخر رواة السيرة "سيد الضوي"، قدم "زين محمود" حفلات عديدة في أنحاء مصر، غنى فيها السير الشعبية والمديح النبوي. حرص الشيخ زين محمود على إيصال الغناء الصوفي للعالم كله، فأسس فرقة "زمان فابريق" بفرنسا، وفيها يدمج بين الموسيقى الشرقية و الغربية، فهو يصنع حالة فريدة بصوته، ويجعل الروح تسافر في رحاب الله. أحمد برين أحمد برين ولد الشيخ أحمد برين بقرية الدير بمركز إسنا محافظة قنا. تميز بغناء مواويل المديح بأسلوب شعبي صرف، كما اهتم بغناء الموال الشعبي أيضًا المستقل عن المديح. يمزج الشيخ "برين" بين مدح النبي والحديث عن الدنيا ومواعظ الحياة، وكذلك قصص الأنبياء والدروس المستفادة منها. كما يعتبر أحد رواة السير الشعبية القلائل. محمد الكحلاوي محمد الكحلاوي هو صاحب الملحمة النبوية أو "مداح الرسول" كما كان يحب أن يُنادى، ولد الكحلاوي بمنيا القمح بمحافظة الشرقية عام 191، وقد عمل موظفًا في "السكة الحديد"، ثم بدأ مشواره بإنشاد المواويل الشعبية، ليترك وظيفته ويلتحق بفرقة "عكاشة"، عمل بالإذاعة عام 1934 وانتخب نقيبًا للموسيقيين عام 1945. تنازل الشيخ محمد الكحلاوي بمنصب نقيب الموسيقيين للموسيقار محمد عبد الوهاب، لينشئ بعدها شركة للإنتاج ، حصل على جائزة التمثيل عن دوره في فيلم "الذلة الكبرى" وجائزة الملك محمد الخامس. كما حصل أيضًا في عام 1967 على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.اهتم "الكحلاوي" بالإنشاد الديني والأغنية الشعبية، ومن أغانيه الشهيرة "لأجل النبي" و"يا قلبى صلِ على النبي" و"خليك مع الله" و"نور النبي" و"خلِّي السيف يجول". أمين الدشناوي الشيخ أمين نصر الدين الدشناوي"ريحانة المداحين" ، منذ أن كان في التاسعة من عمره، انعزل عن ذويه ليمدح بعفوية وفطرة الصغار النبي محمد "صلى الله عليه وسلم"، نبت في مركز دشنا بمحافظة قنا، وتفتح في إدفو على يد معلمه الشيخ أحمد أبوالحسن ملهمه وأستاذه وكاتب قصائده الرائعة التي تفيض بالمعاني الصوفية. جذب الإنشاد الديني أمين الدشناوي، وهو في عمر الثالثة عشر، واستغرق فيه علي حساب دراسته، مما دفع والده إلى عدم التصريح له بالخروج من المنزل، وكانت أسرته تقدم له الطعام من نافذة الغرفة لفترة طويلة، يروي الدشناوي أنه ظل فترة حبيس المنزل، إلى تقابل والده مع أحد الصالحين الذي نصحه بالتصريح له بممارسة نشاطه وقال له "أمين ده بتاعنا اتركه من مصلحتك". في فترة رئاسة "جاك شيراك" للجمهورية الفرنسية، دعت وزارة الثقافة الفرنسية أمين الدشناوي لحفل يقام في مسرح "شاك ليه" وهو أحد أعرق وأضخم مسارح فرنسا ويوازي دار الأوبرا المصرية، بمناسبة عيد إعلان الجمهورية الفرنسية، وحضر الحفل الرئيس الفرنسي ورجال الدولة وأنشد "إحجارًا إذ مر تسلم عليه بل تؤدي له التحية، دعا للشجرة أتته تسعى تفج الأرض مسرعة قوية، غزالة له اشتكت والضب سلم وذئبًا حرس غنم الراعية" ونقل له معاوني "شيراك" إعجابه به، وتكررت زيارات الدشناوي إلى أوروبا حيث أنشد للجاليات الإسلامية في السويد وألمانيا كما تكررت زياراته إلى فرنسا 4 مرات.