عرض الدكتور جودة عبد الخالق وزير التموين والتجارة لمساوئ النظام الرأسمالي في أمريكا، وكيف أنه تحول إلى مجازفة، مدللاً بما يشهده شارع المال في أمريكا "وول ستريت" من مظاهرات واحتجاجات من قبل المواطنين العاديين الذين يرون فيه هيمنة وسيطرة على مقدرات حياتهم اليومية. جاء ذلك في المناقشة التي أقامها المركز القومي للترجمة بمناسبة صدور الترجمة العربية من كتاب "موجز تاريخ علم الاقتصاد" للمؤلف إى.راى كانتربرى" أستاذ اقتصاد متفرغ بجامعة ولاية فلوريدا، التي استضافتها كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ظهر اليوم. وعرّف الوزير باقتصاد "الكازينو" الذي عرضه الكتاب، وكيف أن في ظل هذا الاقتصاد يصبح كل شيئ مجالاً للمضاربة، الأمر الذي ينتج عنه نوع من الاستقطاب في توزيع الدخل، عبر سيطرة قلة هم 10 في المئة على 70 بالمئة من الأصول المالية الأمريكية. مستشهداً بقول السيد المسيح "أن كل من له يعطى، ومن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه"، ممتدحاً فيلم مايكل مور الوثائقي عن مساوئ الرأسمالية بعنوان "الرأسمالية قصة حب" الذي يبرز حصاد النظام الرأسمالي وكيف استطاع إزاحة آلاف الأسر من منازلهم الذين عاشوا فيها عقوداً. مؤكداً ان الكاتب يربط ببراعة بين تطور الأوضاع الاجتماعية وعالم الاقتصاد، خاتماً كلمته باقتباسات من الكتاب منها تأكيد المؤلف أن الأرض كانت مصدر القوة في العصور الوسطى، والآن أصبحت المعلومات هي مصدر القوة، محذراً من امتلاك حفنة قليلة من الأفراد لها، بشكل يصبح من العسير على المواطن العاددي أن يصل إليها، لافتاً إلى تشاؤم المؤلف من أن العصر الذهبي للاقتصاد لن يعود ثانية كما كان في القرن الثامن عشر.(فيديو) من جانبه ركز دكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق على موضوع فصل الدين عن السياسة وتأثيره على الاقتصاد، مشيراً إلى أن الكتاب يؤكد أن الاقتصاد ينتعش حين يفصل الدين عن السياسة. مؤكداً أن الثورة على الكنيسة في العصور الوسطى بأوروبا كانت من دواعي التقدم، لافتاً إلى أن ما يقوله الكتاب حول هذا الموضوع يذكرنا بالجدل الدائر في مصر حالياً حول إمكانية إقامة دولة دينية، قائلاً: "الإسلام لا يعرف دولة دينية أو يسمح بالتسلط على الأفكار"، مؤكداً ان إثارة هذه الجدلية هو أمر مفتعل بمصر لا يمكن حدوثه على حد قوله. يواصل: النظام الملائم لمصر اقتصادياً هو نظام السوق الاجتماعي، وهو ما أخذت به المانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ويحقق عدالة توزيع الدخل في المجتمع، مشيراً إلى أن الاشتراكية حققت العدالية على حساب الكفاءة، والرأسمالية فعلت العكس. لفت دكتور محمد فتحي صقر أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إلى الجانب المرح من الكتاب، والذي ينفي عن الاقتصاد كونه علماً كئيباً، مشيراً إلى أن الكتاب تميز بالعرض الروائي المشوق، والتفاصيل التي تجذب القارئ إلى الاقتصاديين وكأنهم نجوماً سينمائيين، كما يروي أيضاً عن بؤس طبقة العمال، وكيف أن تأخرهم على العمل كان دافعاً لأن يجلدهم صاحبه بالسياط، مستنداً إلى روايات تشارلز ديكنز، وارنيست هيمنجواي، ولذلك الكتاب برأيه لا يصلح للتدريس الأكاديمي. وانتقد صقر مؤلف الكتاب لكونه شديد التحييز، فقد غفل كتاب بعينهم، منهم الاقتصاديين العرب، والحديث عن إسهاماتهم. من جانبه أعلن دكتور فيصل يونس رئيس المركز القومي للترجمة أن المركز سيترجم الفترة القادمة عديد من الأعمال باللغة التركية والتي ترصد التحولات الاجتماعية والسياسية التي شهدها المجتمع التركي في الثلاثين عام الأخيرة، داعياً من يتقن اللغتين الصينية واليابانية إلى التواصل مع المركز من أجل ترجمة الأعمال الفكرية وليست الأدبية فقط بهذه اللغات.