الثقافة المصرية يجرى ضربها بقسوة والقضاء على قوتها الناعمة المتمثلة فى الإعلام أولًا، والذي تنتشر فيه السخافات والتفاهات حاليًا. قال الكاتب والسينارست وحيد حامد، إن مسألة الانتماء للوطن لم نعد نهتم بها، وهناك قطاع كبير يتعامل مع الوطن على أنه "عايش فيه بالإيجار"، ولابد أن يشعر كل مواطن أن هذه البلد، هي وطنه وملجأه، موضحًا أن المصريين تغيروا عن سابق عصورهم، فقد غزى الفكر المتردي المجتمع المصري في بعض جوانبه، وذلك بالرغم من أن جذورنا وتاريخنا في الفكر والأدب تمتليء بالأصالة، لذلك لابد وأن نعود إلى الفروع والجذور القوية التي نستطيع بناء عليها مجتمعنا من جديد. وأوضح "حامد"، خلال اللقاء الفكري الذي عُقد أمس الاثنين، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، أن على المواطن المصري أن يراجع سلوكياته ويبدأ بنفسه أولًا، ، فهو يستطيع أن يملي إرادته على الحاكم، ويحكم مساره ويجبره على فعل الصواب، لكن في البداية يجب أن نصلح أنفسنا، والحاكم أمره سهل. "واستطيع أن أغير ألف حكومة، لكن نغير أنفسنا أولًا". وقال: "مازالت عند رأيي، أن المجتمعات هي القادرة على التغيير وليس الحكام، ومفيش حكومة هتغيرنا، إلا أن تبدأ بنفسك، لكن لو سبت الحكومات تعمل اللي هي عايزاه، لابد ان تكون خصمًا ومعارضًا في حالة أن أهملت الحكومة دورها". ورأى "حامد" أن أعداء مصر الحقيقيين، الذين أرادوا الشر الحقيقي أن يلحق بمصر، تمكنوا من هذا عندما ضربوا الثقافة المصرية، مشيرًا إلى أن الثقافة المصرية تم ضربها بقسوة وتم تدمير هذه الثقافة، وإتلافها بكل السبل، والمرحلة الأخرى التالية، هي ضرب الإعلام المصري وبالفعل تحول إلى تفاهات وسخافات، بحيث فقدت مصر قوتها الناعمة، لتفقد أصالتها الحقيقية، بحسب قوله. وتابع "حامد"، خلال اللقاء الفكري الذي أداره الإعلامي محمود الورواري، متحدثًا عن أزمة الديمقراطية في مصر: "الدولة الديمقراطية انتهت بانتهاء الملكية (الحكم الملكي) في مصر، وعندما تم القضاء على الديمقراطية تحول الأمر إلى خناق شرس من التيار الإسلامي على الحكم، ومشاكلنا كلها تكمن في الديمقراطية". وأوضح "حامد"، أن علينا أن ننتقي أعضاء البرلمان بعناية فائقة، ولكن للأسف "مازالنا في الانتخابات نسير بنظام قبلي"، أي ننتخب عائلتنا وقرايبنا، وأصدقائنا، و"اللي بيدينا شاي وسكر"، بحسب تعبيره. وتصوّر "حامد"، أن هناك تخطيط مدعوم ومدروس فعلًا لسعودة المجتمع المصري، معتبرًا أن "السعودية" هي المسئولة عن تجريف العقلية المصرية، وقال: "المجتمع الأصولي يعاد، ونسبة المنتقبات في ازدياد". وأضاف حول حكم الإخوان: "لو خيروني بين حكم الإخوان، والجيش، سأختار حكم الجيش، لأن الجيش لو حكم سيقبل بالتغيير، لكن الإخوان لن يتركوا كرسي الحكم". وفيما يتعلق بقضية التعليم، أوضح أن تجاهل إصلاح التعليم، يجب التعامل معه معاملة الجريمة الكاملة، ولكنه - كما يبرر - بالإطلاع على ميزانية الدولة في ظل عجز الدولة، قد نبراها من أنها تقصد تعمد انهيار للتعليم، ولكن في كل الأحوال منظومة التعليم في مصر منظومة فاشلة تماما، وللأسف هذه المنظومة المسئولون عنها هم الفاشلون. وتحدث "حامد"، حول أزمة السينما في مصر، مشيرًا إلى أن الدولة عندما تخلت عن دعم السينما، ازداد الوضع سوءًا، وقد أدى ذلك أيضًا إلى إنتاج أفلام دون المستوى لكنها للأسف تجذب قاعدة جماهيرية كبيرة. وروى "حامد"، أن أول قصة قصيرة كتبها نُشرت في مجلة المجلة، حين خصصت المجلة عدد للكتاب الشبان، واخترونه، ضمن العدد، مشيرًا إلى أنه غيّر اتجاهه، عندما نشر أول مجموعة قصصية ولم تحظي باهتمام نقدي، فقد صدرت عن الهيئة المصرية للكتاب، وكان رئيسها صلاح عبدالصبور، وهذه المجموعة لم تحظى باهتمام النقاد وأهملوها لأنه آنذاك كان هناك كُتّاب أهم منه شأنًا. وعندما عرض مجموعته على الكاتب الراحل يوسف إدريس، تعامل هو الآخر بشيء من الفتور، ولما سألته عن رأيه فيها، نصحني بأن أتجه إلى الدراما. واستطرد: "عملت بنصيحة يوسف إدريس واتجهت للدراما، واستطعت أن أقدم عطاءً طيبًا من خلال الدراما، وهذا هو السبب الذي جعلني انتقل من كتاب القصة إلى كتابة الدراما". واعتبر "حامد" أن الكاتب والفنان والمبدع سواء كان كاتبًا أو ممثلًا أو شاعرًا ، صاحب الإبداع، لا يموت إبداعه، قد تأتي عليه فترة من الوقت في حالة كساد وركود، ولكن سرعان ما ينهض ويواصل انتاجه الفني.