* تقرير حكومي رسمي يعترف بسرقة الخبراء الأمريكان لسلالة اقطان " البيما " المصرية * مساحة القطن تنخفض مائة ألف فدان سنويا لتمهيد الطريق امام هيمنة الكويز * مصر تنتج مليون وأربعمائة ألف قنطار فقط وتستهلك اربعة ملايين قنطاروتصدر عشرة آلاف طن نصفها لإمارة قطر * الأمريكان استولوا علي اسواقنا والصهاينة تفوقوا علينا في إنتاجية الفدان والبركة في البحوث المشتركة
تحقيق يكتبه صلاح بديوي
التقاريرالرسمية والواقعية التي ترد إلينا تشير إلي أن تجارة وصناعة القطن المصري تحتضر الآن،وذلك بفعل اصرار من يديرون وطننا الان علي مواصلة سياسات مبارك ،والاحتفاظ بأتفاقات الكويز مع الكيان الصهيوني ، وعندما نذكر القطن نشير إلي الذهب الأبيض الذي اعتمدت عليه بلادنا العظيمة في خوض معارك الاستقلال والتحرر في الستينات ،وظل القطن صمام الأمان لوطننا أعوام طويلة ، وكان أعداؤنا يعرفون أن صمود مصر يرجع لمكونات يعتمد عليها اقتصادها من بين تلك المكونات القطن،ومن هنا استهدفوه ضمن المكونات الإستراتيجية التي حرصوا علي استهدافها في حقبة كامب ديفيد ، ومن تداعيات ذلك الاستهداف أن القطن المصري بات الآن مهدد بأن يكون في ذمة التاريخ،القطن الذي ادخله إلي بلادنا محمد علي باشا ضمن مشروعه لتحديث الدولة المصرية ، وتغني به علي مدار قرون ماضية كتاب ومفكرون وفنانون،واستشهد بمنتجاته في رواياتهم ادباء عالميون،هذا المحصول الاستراتيجي هو بلا شك ... قضية امن قومي ... وقضية كل مواطن شريف ،بمصرولا يجب السكوت علي جريمة تحدث بحقه.
تصريحات الوزير
وقال المهندس رضا إسماعيل وزير الزراعة واستصلاح الأراضي ان هناك حوالي 66% من محصول القطن هذا العام لم يتم بيعه حتى الآن نظراً لأن بنوك القطاع العام لم تمول شركات القطاع الخاص ما ادى امتناعها عن الشراء على الرغم من أن موسم حصاد المحصول انتهى في منتصف شهر أكتوبر.الي هنا انتهي كلام الوزير وعندما يتحدث الوزير علي هذا النحو،فهو يتحدث كخبير تعاوني،عاش وسط الفلاحين وعرف مشاكلهم ،وعمل لاجلها ،انطلاقا من كونه قيادة تعاونية بارزة،والقطاع الخاص كما قال لنا الخبراء يمتنع عن شراء الاقطان المصرية لكونه يرتبط بمصانع وشركات اسرائيلية في الكويز المشبوهة التي استهدفت القضاء علي اقطاننا،وللاسف اصحاب تلك المصانع لايهمهم امننا القومي بقدر ما تهمهم مصالحهم الخاصة .
تقارير الدولة
ولنستعرض سويا تقارير الدولة الرسمية حول أوضاع زراعة القطن وتجارته لنعرف الوضع الخطير الذي وصلت إليه زراعة القطن وصناعته فيما يلي : بلغت الكميات المنتجة من القطن الشعر للموسم 20082009" مليون و466الف و619و62" قنطار منها أكثر من" 600 " ألفقنطار أقطان طويلة التيلة وفائقة الطول، وتلك الكميات المتواضعة منتجة من مساحة تقدر" ب 316 ألف و234" فدان ما يقرب من نصفها مزروعة بالأقطان طويلة التيلة . وتلك البيانات ننقلها عن إحصائيات نشرتها مؤخرا ً الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن بوزارة التجارة الخارجية وموقعة من قبل رئيس مجلس إدارة الهيئة المهندس ثروت المنياوي ووفق بيانات وزارة التجارة وملفاتها انهارت صادرات مصر من القطن والتي كانت تقدر ب " 609,88"مليون دولار في عام 1984م إلي" 323,9" مليون دولار في عام 2008م ، مع ملاحظة أن أسعار القطن تضاعفت علي الأقلوهذا يوضح مد الخسارة التي تكبدتها مصر والتي لو استمر إنتاج القطن لكانت صادراتنا منه علي الأقل وفق دراسات خبراء الاقتصاد الزراعي تصل إلي أكثر من ملياري دولار ، وخلالنفس الفترة ارتفعت واردات مصر من الأقطانمن" 112,79" مليون دولار إلي "530.8"مليون دولار .
الدور الأمريكي
وكما هو معروف فأن مصر وصلت زراعات القطن فيها في الستينات إلي ما يقرب من مليون فدان وظلت طوال فترة السبعينات تقدر بمساحات تقترب من 850 ألف فدان ، وعندما تسلم الرئيس مبارك السلطة كانت مصر تنتج ما يقرب من "8" مليون قنطار من القطنوأكثر تصدر منها حوالي"6" مليون قنطار غالبيتها من الأقطان طويلة التيلة وفائقة الطول وكانت تستورد أقطان قصيرة بأسعار اقل للتصنيع المحلي للاستفادة من فروق الأسعار . لكن كما استهدفت مصر بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد في كل مفاصلها الإستراتيجية اقتصادية كانت أم غير ذلكمن قبل الحلف الصهيوني الأمريكي لإضعافها وإجبارها علي المضي في مخطط تبعية ليس له نهاية , كان من بين الموارد الإستراتيجية لمصر والتي استهدفت القطن ،حيث شكل الكونجرس الأمريكي وقتها بناء علي قرار من الرئيس الأمريكي رونالد ريجان مؤسس نهج المحافظين الجدد شكل لجنة لدراسة أوضاع قطاع الزراعة المصري تحت ستار إصلاحه انتهت تلك اللجنة باستعداد أمريكي لدعم قطاع الزراعة المصرية شريطة تقليص مساحات الزراعات الإستراتيجية وفي مقدمتها القطن واستبدالها بالزراعات التجارية والترفيهية مثل الكنتالوب والفراولة والخيار والمشمش والبرقوق والكاكا .. الخ
جيش من الباحثين
والتطورات بعد ذلك معروفة أبرزها أن جيش من الباحثين الحاملين للجنسية الأمريكية قدموا للعمل فيبلادنا تحت ستار مشروع النارب " مشروع البحوثالمصري الأمريكي المشترك " والذي كان يقوده دكتور احمد ممتاز رئيس مركز البحوث الزراعية ، كما تضمنت الاتفاقات المصرية الأمريكية تبادل الخبرات ودعم التطبيع بين مصر و"إسرائيل "ومن ثم رأينا وقتها قبل منتصف التسعيناتإعلاميين يكتبون عما أسموه "إستراتيجية الفراولة " ويسوقون المخطط الأمريكي الخبيث للتخلص من المحاصيل الإستراتيجية وخصوصا القطن تحت مبرر ظاهره الرحمة وباطنه العذاب ألا وهو توفير الأراضي لزراعات بديلة تدر أموال تشتري مصر بعائدها القطن والقمح.
ألا انه علي الرغم من أن تلك الإستراتيجية الأمريكية لتطوير الزراعة الأمريكية أنفقت عليها الولاياتالمتحدة أكثر من مليار دولار خلال عقدين ، إلا أن الضربة الموجعة في تقديرنا وتقدير المتخصصين التي وجهت للقطن صناعة وتجارة جاءت مع توقيع اتفاقات الكويز المسماة بالمناطق الصناعية المؤهلة مع "إسرائيل" ولم يجيء توقيعها اعتباطا كما يتصور البعض أو لمجرد ظروف سياسية مواتية أنماجاء التوقيع اثر مخطط مدروس أمريكيا وصهيونيا ضد زراعة وصناعة القطن بمصر و استغرق تنفيذه أعواما طويلة حيث كانت الأرض تمهد أمام الكويز عبر النيل من زراعة القطن في مصر ودمج صناعته بالصناعات الصهيونية. وكلنا يذكر كيف كان الغيورين علي الوطن يحذرون الحكومة من تواصل انهيار القطن المصري وطرد بلادنا من الأسواق العالمية للقطن لصالح أقطانالبيما الأمريكية بل و"الإسرائيلية " إلا أن الحكومة لدينا ووزيرها المختص كان يستمتع بالخروج باسما وهو يقول أن " إسرائيل " تفوقت علي مصر في إنتاجية فدان القطن " وقتها قال لي خبير في الاقتصاد الزراعي أن البحوث المشتركة التي أجريت عبر مشروع النارب و التي استغرقت أعوام طويلة تحت ستار استنتاج سلالة أقطان مصرية تمكث في الأرض فترة اقل وتدر عائد اكبر وتقاوم الآفات وتستهلك مياه اقل تلك البحوث تسببت في محو وراثي لتقاوي سلالات الأقطان المصري ونتجت عنها سلالة أقطان تسمي "البيما " وهي السلالة التي أخذها هؤلاء الباحثين الأمريكان والصهاينة العاملين ضمن مشروع النارب وزرعوها في النقب بفلسطين المحتلة ومناطق وولايات أمريكية يشابه مناخها مناخ بلادنا وأنتجوا سلالة أقطان البيما التي نافست إنتاجنا من القطن المصري بعد ذلك وطردتنا من الأسواق العالمية والآن بعد ان كان القطن المصري يستشهد بملابسه الكتاب والروائيين الفائزين بأرقي الجوائز كما فعل أديب أمريكا اللاتينية العالمي غابرييل غارسيا ماركيزالفائز بجائزة نوبل عام 1982 في روايته خريف البطريق عندما استشهد بالملابس الداخلية المصنوعة من القطن المصري وذلكلفرط جودة هذا القطن
لغز الكويز
والآن مع تدهور صناعة القطن وتجارته وزراعته بات وزير تجارة مصر يفتخرلأن إمارة قطر هي التي تحتل المرتبة الأولي في استيراد القطن المصري لمجرد أنها تستورد" 5 " آلاف طن من أقطاننا، ويتفاخر أن صادراتنا ل " 17 "دولة من القطن لم تصل إليمائتي ألف قنطار وبالتحديد ما يعادل عشرة آلاف طن وكُنا من قبل نصدر ملايين القناطير لروسيا ودول أوربية أخري، وكان القطن المصري هو المحصول الاستراتيجي الذي حافظ علي امننا القومي ودعم جيشنا بالأسلحة في حروبنا مع العدو الصهيوني ولذلك أطلقنا عليه الذهب الأبيض لأننا لم نكن نملكوقتها ذهبا اسودا للتصدير وهو البترول . وهنا نتوقف أمام التصريح التالي حيث " أعلنت الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن أن إجمالي التعاقدات لاستيراد القطن المصري بلغت 10.8 ألف طن تصل قيمتها 28.8 مليون دولار وذلك منذ بداية الموسم التصديري 2008/2009 وقال ثروت المنياوي رئيس الهيئة أن عدد الدول المستوردة للأقطان المصرية بلغ 16 دولة تحتل قطر المركز الأول بنسبة 52 % من إجمالي الارتباطات التصديرية ثم تركيا بنسبة 25 % والصين 9.2 % " وهذا الكلام معناه أن إمارة قطر استوردت أكثر من نصف ما صدرناه ولولاها لكانت فضيحة بجلاجل لان بقية المستوردين وهم 16 دولة استوردت كميات محدودة يبدو أنها للتجارب .
استيراد الاقطان الاسرائيلية
المهم لم يجيء توقيع اتفاقات الكويز صدفة كما قلنا إنما تم التخطيط والتمهيد لذلك قبيل أعوام طويلة بحيث توقع الاتفاقات ويكون إنتاج القطن المصري في الحضيض وتسمح هذه الاتفاقية بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة لتصدير منتجاتها إلي الولاياتالمتحدة، حيث تتمتع منتجات هذه المناطق بميزة الدخول إلي السوق الأمريكية معفاة من الجمارك بشرط مساهمة كل طرف بمكونات محليه تقدر ب11.7% علي الأقل وهذه النسبة تمثل ثلث النسبة المقررة (35%) التي حددتها اتفاقية التجارة بين أمريكا وإسرائيل للمكون الإسرائيلي للدخول إلي السوق الأمريكية بإعفاء كامل, حيث تتضمن الاتفاقية ذاتها السماح لإسرائيل باقتسام هذه النسبة سواء مع مصر او الأردن ومعني هذا أن تستورد مصر أقطان من "إسرائيل" وتشارك مصر بمكونات تلك الأقطان بالنسبة المشار إليها في صناعة الأنسجة وتصديرها لواشنطن وهو مخطط خبيث يستفيد من ورائه الحكم في مصر والكيان الصهيوني ورجال أعمال يشكلون عصب اقتصاد مصر يندمجون في مخطط التطبيع الاقتصادي ، وطالما نستورد تلك الأقطان والمكونات الإسرائيلية فما الداعي للتوسع بزراعة القطن بمصر ، ومن هنا لعبت السياسات الزراعية الموجهة بمعرفة المعونة الأمريكية بالقاهرة دورا في إغراء الفلاحين بمحاصيل أخري في ظل إهمال حكومي للقطن وشرائه وتسويقه فأهمل الفلاح زراعته خصوصا وان وزارة الزراعة في عهد أمين أباظة زودت الفلاح بتقاوي لم تكن مثمرة فضلا عن مهاجمة طوفان من الآفات للحقول والعزوف عن شراء المنتج فابتعد الفلاح عن زراعة القطن وانهارت مساحاته ، وأكد د.مفرح البلتاجي السكرتير المالي والإداري لاتحاد مصدري الأقطان أن سعر شراء "القطن" من الفلاح انهار وتراجع إلي 850 جنيهاً فقط للقنطار وبات لا يغطي تكاليف زراعته، و أوضح المهندس عادل عزى رئيس لجنة تجارة القطن في الداخل أن المصانع المصرية التي تستهلك 4 ملايين قنطار قطن متوقفة عن الشراء من المزارع المصري وتعتمد في المقام الأول علي الاستيراد من اليونان وغيرها .
الاعتراف بالجريمة
ووفقا لإحصائيات رسمية - خلال الفترة من عام 2002موحتى الموسم الماضي انخفضت مساحة القطن من 750 ألف فدان إلي 316 ألف فدانوبمعدل كبير جدا وبشكل يشير إلي أن زراعة القطن المصري الذي ادخله محمد علي ضمن مشروع تحديث الدولة المصرية قد تصبح في ذمة التاريخ خلال ال5 أعوام المقبلة لو مضي الانهيار في الإنتاج وانخفاض المساحات السنوي بنفس المعدل وحتى نعرف الميزة التي كُنا نتمتع بها ونكاد نفقدها ما لم نصح فأن القطن المصرى كان يحتل المركز الأول من حيث الإنتاج وهو المركز الذي احتله البيما الأمريكي وبات كلاهما يشتركان في إنتاج أكثر من85% من إجمالي الإنتاج العالمي من الأقطان الطويلة و فائقة الطول ، بعد ان كانت مصر هي التي تنتج 85 بالمائة من تلك الأقطان، وهي الميزة التي اغتصبها الأمريكان من بلانا بتواطؤ رسمي يجب أن لا يمر ولا يسقط بالتقادم وليسمح لي القارئ أن انقل إليكم من تقرير رسمي عن الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن( ca t g o )ما يلي "علاوة على ذلك ، فإن أصناف القطن المصرى معروفة عالمياً بتميز خواصها الطبيعية و نقاوتها بالإضافة إلى تجانسها و هو ما يضمن إنتاج غزول رفيعة جداً منها و كذلك الأقمشة والمنسوجات ، ثم يقول التقرير و" من المعروف تاريخياً أن قطن البيما الأمريكي و هو من الأصناف فائقة الطول مستنبط من الصنف المصرى القديم المعروف بأسم " ميت عفيفى " إلي هنا انتهي الاقتباس ويشير إلي ان حكومة الرئيس مبارك المسئولة عن ذلك تعترف بسرقة الأمريكان لسلالات أقطاننا فائقة الطول في تقرير رسمي للهيئة المذكورة التابعة لوزارة التجارة بدون حياة أو خجل بل ولا تعتبر السرقة تاريخية لكون أن عمرها لم يتعدى العقدين بل اقل بكثير
دور امين اباظة
ومن الواضح أن تولي الوزير المحبوس أمين أباظة مسئولية وزارة الزراعة وهو رجل أعمال شغلته الرئيسية السمسرة في القطن لم تكن كما اعتقدنا في البداية تستهدف النهوض بمحصول القطن إنما تولاها الرجل لضرب الضربة النهائية في جسد محصول القطن المصري لصالح الكويز وإفساح المجال أمام رجال الأعمال علي مستوي سيادته ليسمسروا براحتهم تصديرا واستيرادا في نتاج المساحات المحدودة من القطن بمصر التي لا تزال تزرع وليستوردوا أيضا المزيد من الأقطان الصهيونية والأمريكية وما نقوله ليس تجني علي الرجل فالواقع والإحصائيات تقول انه منذ تولي مهام منصبه قبيل ما يقرب من 3 أعوام فأنمساحة القطن تهبط بمعدل مائة ألف فدان سنوياوالإنتاج يهبط معها سنويا بمعدل مليون قنطار كما أنني لابد وان انوه أنالاهتمام بالإنتاجية الذي قالوا أنهم خفضوا مساحات القطن لأجله أوصل إنتاج الفدان لدينا بمصر ل700 طن فقط بينما إنتاج الفدان في سوريا علي سبيل المثاليبلغ 1450 طن وفق إحصائيات لجنة القطن الدولية مع العلم ان سوريا لم تستعين لابخبراء أمريكان ولا بخبراء صهاينة
وفي الختام
القطن المصري كغيره من موارد الوطن الإستراتيجية التي تصفي وتباع ارتكبت بحقه جريمة مروعة لا تزال فصولها مستمرة وعلي الساحة العامة في وطننا ان تنتبه لذلك وعلي حكامنا ان لايستمروا ادوات في تنفيذ مخططات الاعداء التي يجب أن تتوقف ويتم إنقاذ الذهب الأبيض ولابد يدفع يوسف والي واباظة ومبارك ومساعديه ثمن فعلتهم ضد محصول القطن المصريلان القطن قضية امن قومي مصري